الوطن
جعلت من نجاحها مادة دسمة لتسجيل عودة نشاطها
"القمة العربية" تخرج الأحزاب السياسية من سباتها
- بقلم ايمان سايح
- نشر في 09 نوفمبر 2022
مباشرة بعد إعلان نجاح القمة العربية بالجزائر، وتوالي ردود الأفعال المثمنة لـ"إعلان الجزائر" المنبثق عنها، بدأت المياه الراكدة تتحرك في الأحزاب السياسية، التي دخلت منذ أشهر في حالة من الركود ربطها البعض بالتحضيرات الخاصة باحتضان القمة، ولقد ارتكزت جل تدخلات رؤساء التشكيلات السياسية على الدعوة لتطبيق مخرجات "قمة الجزائر"، فيما استغلت أحزاب أخرى الفرصة لإعادة ترتيب بيتها والتحضير لعقد مؤتمراتها كما هو الحال بالنسبة للحزب العتيد.
يبدو ان منبه الأحزاب السياسية كان مضبوطا بتوقيت "القمة العربية"، فمجرد إسدال الستار على فعالياتها وإعلان نجاح الموعد العربي الذي احتضنته الجزائر مطلع الشهر الجاري، عادت التشكيلات السياسية للواجهة واستغلت النتائج الثمينة المنبثقة عن القمة لتكون مادة دسمة في خطابات زعمائها، فراحت تؤكد ضرورة الشروع في تطبيق مخرجاتها التي تخدم الامة العربية وتنصر الشعوب التي تعاني دولها من الأزمات السياسية والاقتصادية على حد سواء، وفي مقدمتها الشعب الفلسطيني الذي انتصرت له "قمة الجزائر" باتخاذ عديد القرارات التي من شأنها إيصال صوت فلسطين للعالم وفي مقدمتها إعلان الرئيس تبون تقديم طلب للأمم المتحدة لمنح دولة فلسطين العضوية الكاملة بالمنظمة.
وكان النشاط الحزبي بالجزائر، قد عاش فترة من الركود غابت خلالها خطابات زعماء الأحزاب، ومختلف النشاطات المتعلقة بها، وهو الأمر الذي ربطه البعض بالتحضيرات التي باشرتها الجزائر لاحتضان القمة العربية والأولوية التي حظي بها الحدث الذي تصدر جل النشاطات الرسمية، غير أن غياب الأحزاب كان في المقابل محل انتقاد من المواطنين الذين استنكروا "تغافل" التشكيلات السياسية لجملة الملفات الاجتماعية والاقتصادية التي تمت إثارتها في الفترة السابقة والتي لها علاقة مباشرة بالمواطن البسيط وفي مقدمتها ملف ندرة بعض المواد الغذائية وارتفاع الأسعار إلى جانب عدم تعليق الأحزاب على ملف استيراد السيارات وغيرها من المواضيع التي من المفروض أن تكون التشكيلات السياسية سباقة لإثارتها والبحث في سبل حلها ورفع الغبن عن المواطن.
وطغت مخرجات القمة العربية على خطابات زعماء الأحزاب السياسية، حيث دعا الأمين الوطني الأول لجبهة القوى الاشتراكية، يوسف أوشيش، في ندوة صحفية نشطها أول أمس، بمقر الحزب، إلى ضرورة ترجمة مخرجات قمة الجزائر لأفعال حقيقية تتجسد على أرض الواقع، قائلا: "تابعنا كل مراحل انعقاد القمة وتابعنا مخرجاتها وكل المشاركين أشادوا بنجاح تنظيمها"، مؤكدا أن القمة العربية المنعقدة في الجزائر يومي الفاتح والثاني من نوفمبر جرت في سياق دولي حرج يفرض على كل الدول العربية التموقع وراء قرار عربي موحد.
وثمن الأفافاس دور الجزائر إقليميا وعربيا، حين أكد أن الحزب يريد أن " تلعب الجزائر أدوارا محورية في الساحة الإقليمية والدولية وأين تكون الفرصة للدفاع عن ثوابت الأمة يجب أن ندافع عنها"، ليؤكد ثبات موقفه في مساندة القضية الفلسطينية، مضيفا:"عبرنا عن اعتزازنا وفخرنا بلم شمل الفصائل الفلسطينية في أرض الجزائر"، وأن الجزائر "كفاعل على المستوى الإقليمي لها دور محوري يجب أن تلعبه على المستوى للعربي والافريقي وحتى الدولي وما جاء في مخرجات القمة العربية هي كلها مبادئ نؤمن بها في الافافاس ولا تكفي ويجب ترجمتها إلى أفعال".
وعلى الرغم من الاهتمام الكبير الذي أبدته التشكيلات السياسية بنجاح القمة العربية، غير أنها اغتنمت فرصة إسدال الستر عن فعالياتها للعودة للحديث عن شؤونها الداخلية، فبالرغم من التحركات المتواضعة التي تقوم بها، غير أن النشاط الحزبي اقتصر على التركيز على التحضيرات الخاصة بعقد المؤتمرات والاجتماعات الخاصة بإعادة ترتيب البيت الحزبي، لترسّخ هذه الأحزاب الصورة التي لطالما لازمت نشاطاتها والتي عادة ما توصف بالمناسباتية والموسمية، وهو ما تجلى من خلال كلمة أوشيش الذي أكد فيما يتعلق بالمؤتمر المقبل للحزب الذي سينعقد أيام 9،8 و10 من شهر ديسمبر الداخل، أن الندوة الوطنية للإصغاء التي نظمها الحزب سمحت ببلورة الكثير من الأفكار والمقترحات لدى المناضلين، مشيرا إلى أنها أبرزت بشكل كبير نقاط قوة الحزب كما حددت أهداف المرحلة المقبلة للاستحقاق الحزب الهام في تاريخ الأفافاس، مؤكدا أن الحزب يسعى للحفاظ على الروح الجماعية داخل صفوفه بصفة عامة، ليعلن "أنه سيفصل المؤتمر القادم بخصوص القيادة المستقبلية".
وبدوره، عاد حزب جبهة التحرير الوطني للواجهة، وركز أمينه العام أبو الفضل بعجي خلال اجتماعه برؤساء المحافظات الانتقالية والمشرفين، أول أمس، للحديث عن ترتيبات الحزب العتيد لعقد مؤتمره الذي قال إنه سيكون قبل نهاية السنة، موضحا أن الإعلان عن تاريخ المؤتمر الحادي عشر سيكون عن قريب، حاثا رؤساء المحافظات الانتقالية والمشرفين على تقديم رسالة من خلال المؤتمر المقبل تخص مكانة الحزب، ليؤكد أن القيادة الحالية استطاعت أن تعيد الكلمة للمناضلين والثقة مع الشعب بعد ما وصفه بـ "القرارات الفوقية الحمقاء والهمجية التي كانت في السابق"، واستشهد في هذا المقام بالفوز في ثلاث استحقاقات خلال أقل من سنة للتأكيد على حالة الارتياح التي يوجد فيها الأفلان، والتي اعتبرها "رسالة واضحة لكل المغامرين والهمجيين والحاقدين على الحزب".
وعلى خطى سابقه، لم يغفل بعجي الإشادة بنجاح القمة العربية المنعقدة بالجزائر، حين قال إنها "كانت ناجحة بامتياز رغم التصرفات الصبيانية غير المسؤولة التي صدرت عن نظام المخزن"، مضيفا أن "الرئيس تبون بذل مجهودات جبارة خاصة في إعادة القضية الفلسطينية للواجهة ليتصدر جدول أعمال قمة الجزائر، وبلادنا تسعى اليوم بصدق لتمثل قيم ومواقف التي لا تكون محل مساومة خاصة في دعمها لقضية فلسطين وقضية الشعب الصحراوي".
وبالرغم من تجاوب وانخراط معظم الأحزاب السياسية مع مخرجات القمة العربية وتركيزهم على ضرورة الشروع في تطبيقها، لكن يبقى على التشكيلات السياسية باختلاف توجهاتها وقناعاتها صب جل تركيزها على دعم القضايا الداخلية، وأداء الدور الذي وجدت من اجله كمؤسسات دستورية مهمتها المساهمة في اقتراح الحلول لأهم الملفات العالقة التي تهم الوطن والمواطن على حد سواء.