الوطن

دخول اجتماعي دون "بروتوكول"

الحياة تعود إلى طبيعتها بعد "كورونا" ورهانات النوعية تلوح في الأفق

يعود الدخول الاجتماعي هذه السنة بشكل مختلف، يميزه التخلي عن البروتوكول الصحي الذي تم اعتماده لأزيد من سنتين، بسبب تفشي وباء "كورونا"، ويرفع المسؤولون هذه السنة رهان إنجاح هذا الدخول، خاصة فيما يتعلق بالمتدرسين، من خلال اتخاذ جملة من التدابير التي من شأنها العودة إلى الحياة العادية بشكل سلس ويضمن تنظيم موسم دراسي ناجح بعيدا عن العقبات التي قد تعكر سيره الحسن والتي يأتي مشكل الاكتظاظ في مقدمتها.

عادت الحياة إلى طبيعتها بعد قرابة ثلاث سنوات من العزلة والإجراءات الاحترازية التي فرضها الانتشار الرهيب لفيروس "كوفيد 19"، فبعد قرار وزارة التربية الوطنية العودة إلى النظام الدراسي العادي والتخلي عن نظام التفويج والقرار المماثل الذي اتخذته وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، يجد القائمون عن هذين القطاعين الحساسين أنفسهم في مواجهة تحيات وإن كانت "قديمة" بحكم أن الجزائر لطالما عملت بالنظام العادي لعقود، غير أن من شأنها تعقيد مهمة المسؤولين وتصعيب تحقيق موسم دراسي ناجح بكل المقاييس.

ولعلّ أبرز رهان يرفعه القائمون على قطاع التربية الوطنية، بعد العودة إلى نظام التدريس العادي، يبقى التحكم في مشكل الاكتظاظ الذي أسال الكثير من الحبر منذ إعلان المسؤول الأول عن القطاع التخلي عن العمل بنظام التفويج، فقد أبدى أولياء التلاميذ ونقابات التربية تخوفهم من احتمال تسجيل أقسام بأزيد من 40 تلميذا ما يصعب على المتلقين استيعاب الدروس، وكذا على المعلمين تلقينها، بعد أن تم التعود على نظام التفويج الذي ساهم بشكل كبير في ضمان أقسام تربوية نموذجية، بعد تقليص عدد التلاميذ بالأقسام إلى النصف، فنظام التدريس المتبع خلال فترة "كورونا"، كان تمثل في تخصيص الدراسة في الفترة الصباحية للفوج الاول فيما تتابع المجموعة الثانية دروسها مساء.

من جهة أخرى، ذهبت قراءات أخرى إلى غير هذا الطرح، فقد استحسنت قرار الوصاية لما فيه طمأنينة وراحة في نفوس التلاميذ والأطقم التربوية، فبعد سنتين من المخاوف، واعتماد إجراءات صارمة تخللها بروتوكول صحي صارم، حيث كان مديرو المؤسسات التربوية ملزمون بالحرص على فرض التباعد الاجتماعي الوقائي داخل حجرات الدراسة والأروقة والساحات، لتفادي انتشار الوباء في الوسط المدرسي، ما كان يؤثر على نفسية التلاميذ وعلى تحصيلهم العلمي.

وأقرت وزارة التربية جملة من التدابير التي من شانها ضمان إنجاح الموسم الدراسي، حرصت على توفير المنشآت الكافية لضمان تمدرس التلاميذ في أحسن الظروف بعد إعلان إستلام 473 مؤسسة جديدة، والاستفادة من 31 ألف منصب مالي جديد، مع استصدار رخصة لاستغلال القوائم الإحتياطية، وفي المقابل شدد الوزير بلعابد على مدراء القطاع، بضرورة تحسين الخدمة العمومية والتكفل بانشغالات المواطنين، وتبسيط الإجراءات الإدارية وعقد لقاءات مع مديري المؤسسات التربوية قصد تعبئة الجميع لحل المشاكل التي قد تعيق السير الحسن للعمليات، كما دعا إلى وضع بروتوكولات عمل تتصدى للوضعيات الطارئة كالظروف المناخية والأمراض، محذرا المتقاعسين بأنه لن يتم التسامح في حال تكرار نفس الأخطاء، خاصة وأن النتائج المتحصل عليها ليست في مستوى تطلعات الوصاية، حيث شدد على مدراء القطاع بضرورة الخروج الى الميدان والاطلاع على حقيقة الأوضاع إلى جانب العمل مع السلطات المحلية والسهر على الرهانات المتعلقة بالسنة الدراسية.

وقبل أيام كان وزير التعليم العالي والبحث العلمي بداري كمال، قد أعلن انطلاق الموسم الجامعي الجديد، والتحاق حوالي مليون و700 ألف طالب، وأزيد من 60 ألف أستاذ بالجامعات، حيث يجري الدخول الجامعي هذه السنة بشكل عادي بعيدا عن البروتوكول الصحي، فيما لا تزال تواجهه أيضا عديد التحديات على رأسها تحسين الخدمات الاجتماعية وتحسين نوعية التكوين وكذا مشكل الاكتظاظ الذي قد يحد منه قرار الاستغناء عن العمل بنظام التفويج.

وفيما ترفع السلطات سقف رهاناتها لإنجاح الدخول الاجتماعي، يتنفس المواطنون الصعداء بعد تراجع الوباء، وعدة الحياة إلى طبيعتها، بفضل تضافر جهود عديد القطاعات وارتفاع نسبة الوعي لدى المواطنين التي سمحت بالتحكم في الوضع والخروج من الأزمة الصحية العالمية بأقل الأضرار.

من نفس القسم الوطن