الوطن
"خلل" في مسار تتبّع توزيع وتسويق الحليب المدعم !
تجاوزات لا تزال تسجل وأطنان منه تذهب لأغراض تجارية
- بقلم سارة زموش
- نشر في 08 سبتمبر 2022
لا تزال العديد من التجاوزات تسجل في توزيع وتسويق الحليب المدعم، فالأطنان من هذه المادة المخصصة لتموين الأسر تذهب لغير مستحقيها من تجار ومتعاملين اقتصاديون وهو ما كشفت عنه القضية التي عالجتها مصالح أمن ولاية الجزائر مؤخرا وتتعلق بضبط أطنان من الحليب المدعم كانت تستغل لتحضير لبن مغشوش يباع على أنه لبن طبيعي، ما يطرح العديد من التساؤلات حول دور الأجهزة الرقابية في وقف هذه الممارسات ومدى فعالية مسار تتبع إنتاج وتسويق الحليب الذي استحدثته وزارة التجارة عبر الديوان الوطني للحليب لوقف استنزاف هذه المادة.
ظاهرة توجيه حليب الاكياس لأغراض تجارية لا تزال موجودة حتى وان تراجعت حدتها نوعا ما مقارنة مما كانت عليه قبل سنوات ألا أن بعض التجار وموزعي الحليب لا زالوا يتورطون في عمليات "استنزاف" لمادة الحليب المدعم الموجة لتموين العائلات لصالح تموين "مقاهي" ومتعاملين اقتصاديين وحتي ورشات سرية للغش في عدد من المنتجات المصنوعة أساسا من الحليب، وهو ما كشفت عنه القضية التي عالجتها مصالح أمن ولاية الجزائر مؤخرا حيث تم ضبط أطنان من مادة الحليب المدعم كان يستعملها شخص يقوم بعملية الغش في معالجة الحليب المدعم على أساس أنه لبن طبيعي، وتعد هذه القضية مثال على عشرات التجاوزات التي تحدث يوميا من طرف موزعي وتجار يقومون بتحويل وجهة الحليب المدعم نحو مقاهي ومحلات لبيع الحلويات والمرطبات وحتى متعاملين اقتصاديين مستغلين غياب الرقابة الصارمة وكذا تراجع حس المواطنة عند عدد من المستهلكين الجزائريين والذي يقفون بأنفسهم على مثل هكذا ممارسات دون أن يبلغوا عنها، وحسب ما رصدناه عند عدد من محلات المواد الغذائية التي تبيع الحليب المدعم فأن هناك بعض التجار من يبعون أزيد من 30 كيس حليب مدعم لشخص واحد دون ان يستفسروا حول وجهة هذه الكمية المبالغ فيها والتي من المستحيل ان تكون مخصصة لتموين أسرة أو حتي ثلاثة أو أربعة اسر، وقد وقفت "الرائد" على قيام احد المواطنين باقتناء 40 كيس حليب دفعة واحدة من أحد المحلات التجارية ببلدية العاصمة وعند الاستفسار من صاحب المحل تحجج الأخير ان الشخص الذي اقتني كل هذه الكمية كُلف من طرف عائلته الكبيرة بتموين كل العائلة بالحليب بدل وقوف افراد من العائلة في طوابير للحصول على 3 او أربعة أكياس يوميا وهي الإجابة غير المقنعة، بالمقابل فان استمرار مثل هذه الممارسات سواء من طرف التجار او حتى من طرف الأشخاص الذين يستغلون الحليب المدعم لأغراض تجارية تطرح التساؤلات حول فعالية ورقة الطريق لتتبع مسار مادة حليب الأكياس من المصنع إلى المستهلك، والتي وضعتها وزارة التجارة عبر الديوان الوطني للحليب ومن خلال فرق رقابة متخصصة، حيث يبدو ان هذا المسار غير مفعل أو انه لم يأتي بنتائج حقيقة على ارض الواقع بما أن أطنان من مادة الحليب المدعم لا تزال تذهب لغير وجهتها، رغم أن القانون يمنع ذلك بناءا على المرسوم التنفيذي 50-01 المعدل و الصادر في 12 فيفري 2001، والذي يمنع منعا باتا إعادة توجيه أو استعمال مادة مسحوق لإنتاج حليب مبستر كامل الدسم أو غيره من المنتجات أو الألبان ومشتقاتها. كما يمنع استعمال الحليب المدعم من قبل الأعوان الاقتصاديين خاصة محلات بيع المشروبات والمقاهي وحتى المطاعم.
- هذه الأسباب خلقت "ندرة" دائمة
بالمقابل فان عملية توزيع أكياس الحليب المدعم لا تزال عبر العديد من الولايات من بينها العاصمة تعرف تذبذبا وهو ما يرجعه المتعاملون في هذا المجال إلى وجود اختلالات في الإطار المنظم لإنتاج وتوزيع هذه المادة الاستراتيجية لاسيما ما يتعلق بهوامش ربح الموزعين والتجار. وفضلا عن ندرة أكياس الحليب التي تباع بالسعر المقنن على مستوى فضاءات البيع، فإن بعض التجار يلجؤون إلى رفع الأسعار أو البيع المشروط و في بعض المناطق، تمت ملاحظة بعض الموزعين يقومون بالبيع المباشر لأكياس الحليب المدعم إلى المستهلك النهائي. ويرجع متداخلون استمرار الاختلالات في توزيع الحليب المدعم إلى ضعف هوامش ربح الموزعين و التي لا تتجاوز 90 سنتيم عن كل كيس، بالمقابل يعتبر هؤلاء أن الحل لإنهاء أزمات الحليب هو إعادة النظر في توزيع الملبنات على المستوى الوطني بشكل يغطي حاجيات المواطنين بشكل أفضل و يقلل من كلفة نقل الموزعين فضلا عن التعجيل بفتح الملبنات المغلقة حاليا. وكذا الاحترام التام لدفاتر الشروط بين الموزعين ومصانع التحويل التي تغير أحيانا الكميات المتفق عليها وهو ما يخلق تذبذبات في التوزيع، فضلا عن ضرورة تشديد الرقابة على المصانع من أجل التأكد بأن غبرة الحليب المدعم تستغل حصريا في انتاج أكياس الحليب وليس لأغراض أخرى.