الوطن

الوجه الأخر لتطبيقات "التاكسي" في الجزائر ...؟!

سائقون يتعرضون لـ"الاستعباد" وزبائن يشتكون هذه التجاوزات

تعرّف الجزائريون منذ سنوات على تطبيقات التاكسي والتي "حسّنت" نوعا ما من خدمات النقل الفردي وفتحت مجالا للعمل لالاف الشباب ورغم ان لهذه التطبيقات العديد من الجوانب الإيجابية منها أنها باتت توفر خيارات افضل للراغبين في التنقل بأسعار مدروسة فان لهذه الأخيرة جوانب سلبية عديدة ووجه أخر وجب تسليط الضوء عليه أين تتورط العديد منها في تجاوزات بالجملة ولا تقدم للعاملين في إطارها أو حتى للزبائن أي حماية وهو ما يستدعي وضعها تحت المجهر الفترة المقبلة.

ويعرف قطاع النقل في الجزائر السنوات الأخيرة "ثورة" في تطبيقات التاكسي حيث يحصي القطاع عشرات التطبيقات التي تظهر كل فترة في حين تسيطر حوالي 5 أو 6 تطبيقات حاليا على النسبة الأكثر من السوق الرقمي للنقل الفردي منها تطبيقات تابعة لشركات متعددة الجنسيات دخلت السوق المحلية مؤخرا، وبينما تحتدم المنافسة بين هذه التطبيقات للسيطرة على اكبر نسبة من السوق تزداد التجاوزات والخروقات خاصة وان عمل هذه التطبيقات يبقي دون رقابة مباشرة من وزارة النقل فجل التطبيقات التي تنشط حاليا في الجزائر ليست تابعة لوزارة النقل وانما تعمل بسجلات تجارية لنشاط كراء السيارات أو كشركات ناشئة تحت وصاية الوزارة المنتدبة المكلفة باقتصاد المعرفة والشركات الناشئة وهو ما يجعلها خارج رقابة وزارة النقل التي تعتبر المسؤولة عن هذا القطاع في الجزائر وهو ما فتح المجال للتلاعبات ومزيد من التجاوزات والخروقات من قبل هذه التطبيقات.

  • "استعباد" لكسب الزبائن وتحقيق الربح

وتختلف المزايا والخيارات وحتي الاسعار التي يقدمها كل تطبيق  هذه الأخيرة تعد حاليا محل تنافس بين مختلف التطبيقات في الجزائر حيث يحاول كل تطبيق السيطرة على السوق من خلال منح خيارات ومزايا أكبر لزبائنه وهو ما بات يؤثر على علاقة الشراكة التي تربط بين التطبيقات والسائقين الذين يعملون ضمن هذه الأخيرة حيث يشتكي العديد منهم من تعرضهم لأشبه بـ"استعباد" من طرف هذه التطبيقات التي تبحث على أكبر عدد من الزبائن على حساب السائقين، ومن بين أوجه الاستعباد الذي نتحدث عنه هو إجبار بعض التطبيقات السائقين العاملين معها على العمل وفق نظام "التخفيضات" دون حتي اعلام السائق مسبقا، فتطبيق "هيتش" على سبيل المثال لا الحصر يشترط على السائقين قبول 80 بالمائة من الطلبات التي تصل السائق حيث يتم فصل السائق من العمل ان رفض نسبة تزيد عن 20 بالمائة من مجموع الطلبات التي تصله يوميا، في حين يكون من ضمن هذه الرحلات "عروض" و"تخفيضات" يمنحها التطبيقات لزبائنه بشكل يومي غير ان السائق ليس لديه الحق حتي في معرفة أن كانت الرحلة التي يقوم بها هي رحلة عادية أو رحلة تتضمن عرض ترويجي او تخفيض. وحسب ما أكده عدد من السائقين الذين يعملون ضمن هذا التطبيق لـ"الرائد" فإنه في بعض الأحيان يكون سعر الرحلة على سبيل المثال 1000 دج للتنقل مثلا من بلدية زرالدة لبلدية الرغاية في وقت الذروة التي تعرف ازدحاما مروريا شديدا ليتفجأ السائق وعند وصوله لمكان الوجهة المحددة ان الزبون يدفع له مبلغ 500 دج أي نصف المبلغ لأنه على الرحلة عرض ترويجي لا يبلغ به السائق الذي يكون "مجبر" على العمل دون معرفة الرحلات التي عليها عروض من غيرها ، ويضيف  هؤلاء السائقين أنه في الكثير من المرات يقومون برحلات تمتد لساعات بسبب طول المسافة وبسبب الازدحام دون ان يتقاضوا أي أجرة كون الرحلة مهداة من التطبيق لزبائن التطبيق دون معرفة السائق، مؤكدين ان الخلل ليس في العروض والتخفيضات التي تعتبر وسيلة التطبيق للحفاظ على زبائنه وانما في "عقلية" مسيري التطبيق الذين يعتبرون السائقين ك"عبيد" ويحرمونهم حتي من حق المعرفة ان كانت الرحلات عليها عروض او تخفيضات من عدمه.

  • سائقون "يكدحون" لمضاعفة أرباح التطبيقات

بالمقابل يشتكي السائقون العاملون ضمن تطبيقات التاكسي في الجزائر من ارتفاع نسبة هامش ربح التطبيقات والذي يتراوح بين 18 بالمائة في تطبيقات ويصل لـ25 بالمائة في تطبيقات أخرى وهو هامش ربح مرتفع جدا بالنظر للمزايا المحدودة التي يحصل عليها السائق من قبل هذه التطبيقات مقارنة بالشروط التي تفرضها هذه الأخيرة ويتحمل السائقون جميع المصاريف المتعلقة بالرحلة من صيانة سيارة وبنزين واحيانا يطلب الزبائن من السائقين تشغيل المكيفات عندما تكون درجات الحرارة مرتفعة، كما يتحمل السائقون عبء الاكتظاظ المروري في أوقات الذروة لتستفيد في نهاية المطاف التطبيقات من نسبة تصل لـ25 بالمائة من أرباح السائق ويحصل هذا الاخير على أرباح لا تغطي حتى المصاريف التي انفقها وهو ما تسبب الفترة الأخيرة في هجرة جماعية للسائقين من هذه التطبيقات خاصة التي تفرض نسبة مرتفعة على الأرباح.

  • لا رخصة نشاط ولا حماية قانونية

ويعتبر السائقون العاملون ضمن تطبيقات التاكسي في الجزائر غير محميين قانونيا رغم أن بعض التطبيقات تدّعي أنها سوت وضعيتها القانونية غير أن جلها دون استثناء لا توفر للسائقين  رخصة النشاط من طرف وزارة النقل، ولا يوجد أي وثيقة قانونية تحمي هؤلاء السائقين أمام الجهات الوصية، فالسائق معرض لسحب الرخصة وحجز السيارة في حالة مصادفة أعوان الأمن باعتباره مجرد "كلونديستان" يعمل بتطبيق هاتف وقد روي لنا عدد من السائقين تعرضهم للغرامة المالية ولسحب رخص السياقة في العديد من المرات بسبب ممارستهم نشاط غير قانوني، في حين تجدد بعض تطبيقات التاكسي دعوتها للسائقين كل مرة بتجنب النشاط على مقربة من المحطات البرية للنقل وضمن نطاق بعض الخطوط وهو ما يطرح العديد من علامات الاستفهام حول ادعاء هذه التطبيقات أن نشاطها قانوني.

  • سُكّر، مجانين ومرضي ضمن الزبائن

بالمقابل فأن  الشركات المسيرة لتطبيقات التاكسي في الجزائر لا تحمي السائق في حالة تعرضه لتجاوزات من قبل الزبون، في حين تشدد التطبيقات على ضرورة الخدمة الجيدة للزبون في كل الأحوال والظروف ويصادف العديد من سائقي الأجرة أشخاصا في حالة سكر أو متعاطين لمحظورات وهو ما يشكل خطرا على السائق وممتلكاته، في حين يصادف أن يكون المسافر "مختل عقليا " أو حتى مريض في حالة خطيرة أو عجزة لا يحددون بدقة الوجهة النهائية للرحلة وبطبيعة الحال لا يحق للسائق رفض التعامل مع مثل هؤلاء الأشخاص وبالمقابل لا تعير الشركة أي اهتمام لهذا الوضع، فهي تسبّق الربح على سلامة السائق.

  • رحلات تنتهي باعتداءات وعمليات سرقة

وخلال اجراءنا لهذا الاستطلاع صادفنا العديد من الحالات لسائقي تاكسي كانوا يعملون ضمن التطبيقات تعرضوا للسرقة منهم من تعرضوا لسرقة أغراض أو أموال ومنهم من تعرضوا لسرقة سياراتهم كليا، من هؤلاء محمد الذي كان يعمل ضمن تطبيق "إن داريف" وكان يملك سيارة من نوع "سكودا" يقول محمد في حديثه مع "الرائد" أنه كان يشغّل التطبيق في كل الأوقات واحيانا يضمن الخدمة للزبائن لغاية الواحدة ليلا ليضيف انه في إحدى المرات  تلقي طلب تقريبا في منتصف الليل لرحلة من بلدية عين النعجة إلى بلدية بابا علي ولدى قبوله الرحلة توجه للمكان الذي حدده الزبون ضمن التطبيق ليتفجأ بثلاثة شباب مثيري للريبة غير أنه لم يشأ الغاء الرحلة في اخر لحظة وفضل توصيل الزبائن الذين ما كانوا إلا مجرد عصابة قاموا بتهديده بالسلاح الأبيض وسلبه سيارته التي تعتبر "راس ماله" الوحيد ليضيف انه أودع شكوي لدى مصالح الأمن التي لا تزال تجري ابحاثها للقبض على العصابة بينما اكتفي التطبيق الذي يعمل ضمنه بالتعبير عن "أسفه" عن الحادثة.

  • الزبائن يشتكون ارتفاع الأسعار

هذا  وان تحدثنا على التجاوزات التي باتت تطبع عمل تطبيقات التاكسي في الجزائر فان الامر لا يتعلق بالعلاقة وعقد الشراكة التي تربط هذه التطبيقات بالسائقين العاملين معها فقط فحتى زبائن هاته التطبيقات باتوا يشتكون من نقائص وسوء خدمة أصبحت تطبع عمل معظم التطبيقات، وتعتبر الأسعار في مقدمة شكاوي الزبائن الذين يرون سلم الأسعار المطبق غير مدروس وهو ما يتفق معه حتى السائقين ففي وقت تكون فيه أسعار بعض الرحلات منخفضة مقارنة بالمسافة والوقت المتطلب للوصول هناك وجهات تعتبر أسعارها مرتفعة أصلا بغض النظر عن نقطة الانطلاق على غرار وجهة المطار الدولي، وهو ما يطرح التساؤلات حول المعاير التي تعتمدها تطبيقات التاكسي لتحديد السعر.

  • هذه التجاوزات يتورط فيها السائقون أيضا

من بين شكاوي الزبائن أيضا هي بعض الممارسات التي يتورط فيها السائقون والتي تتعلق بالتأخر في الوصول للزبون وأحيانا الغاء الرحلة في أخر دقيقة، بالإضافة إلى ممارسات أخرى تتعلق بمحاولات بعض السائقين رفع الأسعار بما يتعارض والسعر المحدد ضمن التطبيق فمن خلال ما رصدناه من طرف بعض الزبائن الدائمين لدى تطبيقات التاكسي فان بعض السائقين يقبلون الرحلة بسعر معين لكن عد الوصول للوجهة يطالبون الزبون بزيادة السعر بحجة الاكتظاظ وطول مدة الرحلة أو عدد المسافرين أو حمل بعض المسافرين لحقائب وغيرها من الحجج ويضطر بعض الزبائن لدفع السعر المحدد في حين يرفض اخرون وهو ما يدخلهم في مناوشات ومشاكل مع السائقين، ورغم ان جل التطبيقات تتيح للزبائن إيداع شكاوي بالسائقين إلا ان أغلب التطبيقات لا تتخذ موقف صارم من ممارسات بعض السائقين وتكتفي بـ"لفت إنتباه" هؤلاء السائقين.

  • سيطرة على السوق ومنافسة غير شرعية مع أصحاب المهنة

وزيادة على شكاوي السائقين وزبائن تطبيقات التاكسي فان المنافسة غير الشرعية التي تفرضها هذه التطبيقات منذ ظهورها في الجزائر على ممارسي نشاط سيارات الأجرة النظاميين لا تزال محل شكوي لدى وزارة النقل حيث كان سائقو الأجرة في العديد من الولايات قد طرحوا اكثر من مرة قضية "مزاحمة" تطبيقات التاكسي لنشاطهم حيث تقدم هذه التطبيقات نفس الخدمات غير أنها لا تخضع لنفس دفتر الشروط الصارم الذي يخضع له سائقو التاكسي النظاميون كما أن الأسعار المحددة تختلف والمزايا المقدمة وهو ما يجعل الكفة تميل لصالح التطبيقات التي باتت تستحوذ حسب ارقام غير رسمية على حوالي 60 بالمائة من حصة السوق في مجال النقل الفردي بينما بات أصحاب سيارات الأجرة مهددين بالإفلاس جراء تراجع نشاطهم.

من نفس القسم الوطن