الوطن

السلطة الرابعة.. تحديات وآفاق

بين وعود السلطات العمومية وواقع صعب يعيشه القطاع

بين مساعي السلطات العمومية لحرية الصحافة، ومطالب مهنيي القطاع بتوسيعها، أحيى صحفيو الجزائر اليوم العالمي لحرية التعبير، مناسبة تأتي في ظرف تعيش فيه الصحافة الجزائرية أصعب أوقاتها بسبب تعاقب الأزمات من جهة، وتفشي الرداءة من جهة أخرى، ما يجعل من تحسين الظروف المهنية والاجتماعية للإعلاميين أكثر من ضرورة للنهوض بهذا القطاع الحساس والهام، خاصة في هذه الفترة التي تواجه فيها بلادنا، على غرار باقي دول العالم، جيلا جديدا من الحروب سلاحه الاخبار الكاذبة، ما يتطلب إعلاما قويا ومهنيا لمحاربته.

يبدو أن تسمية "مهنة المتاعب" ستبقى لصيقة بالعمل الصحفي إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، فالظروف الدقيقة والأزمات المتكررة التي يتخبط فيها القطاع، دفعت بالصحفيين إلى رفع سقف المطالب والتطلع إلى التفاتة حقيقية من السلطات لإعادة الصحافة الجزائرية إلى السكة الصحيحة التي حادت عنها بسبب تفشي الرداءة وتعاقب الأزمات عليها، فتطمينات رئيس الجمهورية وتأكيده في كل مناسبة على ضمان حرية الإعلام والسعي للنهوض بهذا القطاع، أدخلت أملا جديدا في نفوس الصحفيين الذين وجدوا أنفسهم مؤخرا أمام قطاع منهك، تكالبت عليه الازمات وعززتها الرداءة التي يصنعها الدخلاء في تشويه حقيقي للمشهد الإعلامي الذي يحتاج اليوم إلى نهضة حقيقية لتصحيح ما يمكن تصحيحه.

وفي ظل التحول الرقمي، يبقى التزام السلطة بضمان حرية الصحافة والتعبير، والعمل على توفير الظروف المناسبة للصحفيين، محل ترقب لدى عديد الصحفيين الذين يتوسمون خيرا في برنامج الرئيس على امل ان يفي بالتزاماته كاملة، ويكفل للصحفي حقوقه المهنية والاجتماعية كاملة غير منقوصة، لمساعدته على اداء رسالته بكل مهنية واحترافية، بعد أن عصفت الازمات المتتالية بالقطاع، وجففت حبر عديد العناوين وأوصدت ابواب بعض القنوات، لتحيل مئات الصحفيين على البطالة وتجبر آخرين على تطليق المهنة والعمل في قطاعات أخرى.

وفي كل مرة تحل علينا هذه المناسبة، يغتنم الصحفيون الفرصة لتدارك النقائص المسجلة ميدانيا، والتطلع لبيئة إعلامية أكثر مهنية واحترافية تسمح للصحفي بأداء مهامه بكل حرية، كما يجددون مطالبتهم السلطات بالوفاء بوعودها المتكررة، واحترام حرية الإعلام، وهو المطلب الذي لن يتحقق إلا من خلال تهدئة الجو في القطاع، عبر القيام بإجراءات فورية أبرزها تعديل القوانين بما يسمح بفتح حقيقي لقطاع السمعي البصري والسماح بإطلاق قنوات تلفزيونية خاضعة للقانون الجزائري وليس الأجنبي، والإفراج عن قانون الإشهار بما يكفل التوزيع العادل على جميع العناوين الصحفية.

 ختاما، تبقى المطالب التي يرفعها الصحفيون قديمة جديدة، يسعون من خلالها لتحسين ظروفهم المهنية والاجتماعية، التي يبدو أن الظروف الدقيقة التي يعيشونها ستدوم طويلا، في ظل إفلاس مؤسسات صحفية وعجز أخرى عن تسديد رواتب عمالها، إلى جانب  جملة التحديات والعقبات التي تواجه "مهنة المتاعب" رغم ثراء النصوص القانونية المنظمة للقطاع، التي جاءت مشجعة في شكلها، غير أن الواقع له كلام آخر، ما يستوجب إجراء مراجعة عميقة للنهوض بالعمل الصحفي.

من نفس القسم الوطن