الوطن

الصحة الجوارية.. أكثر الملفات أولوية بعد " إنحصار" الأزمة الصحية

بعدما باتت العيادات متعددة الخدمات لا تقدم للمريض شيء

ينتظر المسؤولون في قطاع الصحة مع إنحصار أزمة كورونا الكثير من الملفات العالقة والمرتبطة بكيفية إيجاد الحلول لتحسين مستوي الخدمات العلاجية التي تقدم للمواطن على مستوي أول الهياكل التي تستقبله باعت وهي هياكل الصحة الجوارية هذه الاخيرة لا تزال بمصابة الحلقة الأضعف في قطاع الصحة وهو ما يستدعي الكثير من العمل للوصول للمستوي المطلوب وتقريب هياكل الصحة الجوارية من المواطن وجعلها في خدمة صحته.

ومع إنحصار الأزمة الصحية وتنفس القطاع الصحي الصعداء بدأ حاليا التفكير في كيفية العودة للهدف الأول الذي وضع كمسعي لتطوير القطاع الصحي في الجزائر وهو تقريب الصحة من المواطن وجعل الهياكل الصحية وفي متناول الجميع وهو هدف جاء ضمن مساعي بناء الجزائر الجديدة، ويجمع المختصون في قطاع الصحة أن ملف الصحة الجوارية حاليا يعتبر من أكثر الملفات أولوية خاصة مع الأثار الرهيبة التي خلفها وباء كورونا على قطاع الصحة وتحديدا المستشفيات وطواقمها ومصالحها ما يجعل إعادة تنظيم هياكل الصحة الجوارية لتخفف الضغط على المستشفيات التي انهكت لاكثر من سنتين متتاليتين امر ضروري.

  • هذه المشاكل تعاني منها مؤسسات الصحة الجوارية

وبالعودة لوضع مؤسسات الصحة الجوارية فان هذه الاخيرة تعاني من مشاكل بالجملة خاصة فيما يتعلق بتلك المتواجدة عبر مناطق الظل فالإشكال عبر هذه الأخيرة ليس مقتصرًا على نقص جودة الرعاية الصحية أو غياب التجهيزات الطبية فقط ، بل في غياب الأطباء ايضا ، وحتى انعدام هذه المرافق الصحية أصلاً في بعض المناطق،  في حين هناك مناطق بالمدن الكبرى وفي مقدمتها العاصمة تحتوي على عيادة جوارية واحدة وهو ما يجعل هده الأخيرة تعرف ضغطا كبريا عليها على مدار السنة ما يؤدي حتما لتقديم خدمات صحية رديئة أين يشتكي المرضى القاصدين لهده العيادات بالعاصمة على سبيل المثال من غيابات الأطباء وعدم وجود العديد من التخصصات الطبية زيادة على دلك يشتكي المرضي من تباعد المواعيد أيضا ومن غياب أجهزة الاشعة و"السكانير" ما يجعلهم يتوجهون في نهاية المطاف للمستشفيات الكبيرة أو القطاع الخاص. من جانب اخر فان العديدة  من القرى النائية في مناطق الظل بالجزائر  تتوفر على قاعات علاج  بلا طبيب ، ومراكز صحية كثيرة  دون تجهيزات ، فيما يتم إعلان عن مناصب شاغرة إلا أن لا طبيب يرغب في الالتحاق بهذه الأماكن، فبعد المسافات التي قد تصل إلى عشرات الكيلومترات سببًا كافيًا لعزوف الأطباء الالتحاق بها ،فضلا عن  غياب حوافز حقيقية للعاملين في القطاع لصحي.

  • "سوء تسيير" لمرافق الصحة الجوارية

من جانب أخر فإن الحديث عن واقع العيادات الصحية الجوارية في مناطق الظل بالجزائر، يدفعنا للحديث   عن أزمة تسيير هذه المرافق الصحية، أمام فشل منظومة التكوين الصحي في تأطير الهياكل الصحية، فضلا عن تغييب قيم العمل المهنية،  و كلها تشكل أعراض للقطاع الصحي و مشكلة وطنية لأهم القطاعات التي تتطلب إصلاحات جذرية. ويؤكد المتابعون لواقع قطاع الصحة في الجزائر أن الخدمات الصحية الجوارية في الجزائر غير فعالة ورديئة وتفتقر  التنسيق والى جودة نوعية الخدمات، المتعلقة أساسا بالمتابعات الطبية الخاصة بالأمراض المزمنة، ومدى توفير أجهزة الأشعة ومحاليل الكشوفات بما يغطي عدد المرضى المتابعين. معتبرين أن اغلب العيادات الجوارية تم تشييدها بناءا على وعود انتخابية ارتجالية لا تخضع للمقاييس الصحية المعتمد عليها،  الأمر الذي أفقد وضيفتها الحيوية المتعلقة بتنفيذ البرامج الصحية وتغطية الصحة الجوارية وضمان الوقاية. إضافة إلى غياب التنسيق بين العيادات الجوارية والمستشفيات، الأمر الذي افقد التسيير المثالي بين هذه الهياكل الحيوية، ما يستدعى ضرورة ادراج مؤشرات وطنية  على مستوى العيادات الجوارية، من خلال التسيير المثالي والتنسيق بين الهياكل الصحية، الى جانب ادراج الرقمنة بهدف تحقيق خدمات صحية متوازنة وفعالة.

 خياطي: أقسام الإستعجالات يجب ان تكون في كل العيادات الجوارية

وفي هدا الصدد ذكر رئيس الهيئة الوطنية لترقية وتطوير البحث مصطفى خياطي بمشروع وزارة الصحة التي سبق واعلنعنه وزير القطاع مند أزيد من سنة والمتعلق بتجهيز العيادات الجوارية بأقسام استعجالات، لتخفيض الضغط على المستشفيات الكبيرة مقترحا ان يتم تعميم هدا المشروع على مختلف ولايات الوطن وليس العاصمة فقط وأشار خياطي ان مشكل العيادات الجوارية هو مشكل مطروح بأغلب الولايات  معتبرا ان الخدمات الصحية بهده المنشآت وان وجدت تكون رديئة وليست في المستوى حيث باتت هده العيادات الجوارية هياكل بلا روح وتفتقر الى الامكانيات المادية والبشرية. وأوضح البروفسور مصطفى خياطي انه من الضروري التوجه نحو اليات اخري من اجل تخفيف الضغط على المستشفيات كاعتماد "طبيب العائلة" الذي بإمكانه  تعزيز فعالية العيادات الجوارية، كما سيسمح التوجه نحو طبيب العائلة  للممارسين بان يصبحوا منسقين لعلاج المرضى و ذلك عن طريق تقييم احتياجاتهم و الكشف عن مرضهم في مراحل مبكرة، مشيرا إلى أن أغلب المرضى يعزفون عن التوجه الى العيادات الجوارية لافتقارها للعتاد ولضعف الطاقم الطبي اذ نجد أن طبيب واحدا يزور الهيكل الصحي لمرة واحد على الأقل، وهو أمر غير مقبول على حد قوله.وشدد الدكتور خياطي على ضرورة إعادة النظر في المنظومة الصحية وفي قانون الصحة 2018 الذي ينص على ادراج الطب المرجعي من خلال وضع سياسة واضحة لتفعيل هذا البرنامج الذي ما يزال حبرا على ورق على حد تأكيده.

  • غاشي لوناس: خارطة الصحة الجوارية الحالية غير فعالة

من جهته قال رئيس نقابة شبه الطبيين غاشي لوناس أن الخارطة الصحية الحالية للصحة الجوارية التي وضعت أساسا لتحسين الخدمات الطبية لسكان مناطق الظل لا تخدم القطاع، مؤكدا إن التدني الكبير المسجل على مستوى العيادات العمومية التي أصبحت تفتقد لأدنى الخدمات الصحية وهو ما جعل الطبيين وشبه الطبيين داخل حلقة مفرغة يدفعون ضريبتها طول ايام السنة خاصة خلال ازمة كورونا. و أضاف لوناس أنه من اهم  النقاط التي  تستلزم التدخل وإعادة النظر  هو ضعف الذي تسجله العيادات المتعددة الخدمات من ناحية الطواقم الممرضين الطبيين و الشبه الطبيين بسبب عدم توفر مناصب عمل على مستواها ما يستوجب على مديريات الصحة حسبه مراجعة التوزيع الصحي لممرضين الطبيين والشبه الطبيب، و حتى الأطباء  على هذه المراكز الصحية  وذلك  بفتح مناصب شغل تتوافق مع التخصصات  على مستوى العيادات المتعددة الخدمات بالإضافة إلى غياب تزويد هذه العيادات بمختلف الاجهزة الطبية  الأكثر طلبا على غرار أجهزة الأشعة الصوتية  وجهاز "السكانير" المتوفران فقط داخل المؤسسات الطبية المركزية  ما سيمكنها من تقديم خدمات طبية في المستوى خاصة اثناء المداومة الليلة التي تشهد حالات مرضية مستعجلة كل هذا سيعيد بعث روح عيادات متعددة الخدمات ويخفف النقص الفادح في التغطية الصحية الذي يعاني منه  المواطن  بهذه المناطق المعزولة.

من نفس القسم الوطن