الوطن

الغلاء "يستنزف" ميزانيات العمليات التضامنية

مع اقتراب العيد جمعيات تشتكي شح المداخيل وغياب متبرعين دائمين

 

حضرت أغلب الجمعيات الخيرية بالجزائر هذه الأيام برنامجا خيري خاص بعيد الفطر المبارك فمع دخول شهر رمضان نصفه الأخير بدأت هذه الجمعيات في جمع التبرعات من أجل مساعدة الأسر الفقيرة على اقتناء ملابس العيد وحتى لوازم الحلويات لإدخال الفرحة على هذه الأسر غير أن شح المداخيل وغياب متبرعين دائمين، دائما ما يضع هذه الجمعيات في "ورطة" خاصة في ظل الغلاء الذي تعرفه الأسعار والذي بات يستنزف ميزانيات العمليات التضامنية.

 ولم تتوانى الجمعيات الخيرية الجزائرية على تقديم يد الدعم والمساعدة للفقراء والمساكين طوال شهر الرحمة والغفران، من خلال افتتاح مطاعم الخير لعابري السبيل وتقديم قفة رمضان والوجبات الجاهزة للعائلات الفقيرة والمحتاجة، و مع اقتراب عيد الفطر المبارك جعلت غالبية هذه الجمعيات من أولوياتها تجميع وتوزيع ملابس العيد للأطفال لرفع الغبن عنهم ورسم البسمة على وجوههم البريئة. حيث تجندت جل الجمعيات الخيرية الجزائرية ومجموعات فاعلي الخير ككل سنة لكسوة الأيتام والفقراء، لما للأمر من أهمية في نفوس هؤلاء الأطفال وأسرهم، خصوصا وأن الغلاء الذي تشهده الملابس الجاهزة يجعل من الاستحالة على الفقير اقتناءها وقد اطلقت هذه الجمعيات عشرات النداءات عبر مواقع التواصل الاجتماعي للتجار ورجال الاعمال وميسوري الحال من اجل التبرع لصالح هاته الاسر وتوفير موارد مالية يمكن من خلالها تمويل هذ العمليات التضامنية. من جانب اخر  كثفت مختلف الجمعيات الخيرية والشباب المتطوعين من عمليات التضامن والمساعدة للعائلات المعوزة عبر مختلف مناطق الوطن هذه الأيام في إطار حملة "قفة العشر أواخر من رمضان" حيث بادر شباب متطوعون إلى جمع مواد غذائية بمختلف أنواعها وتوزيعها عبر مختلف أحياء بلديات العاصمة للعائلات المحتاجة وفي هذا السياق، أطلق شباب متطوع حملات واسعة على مستوى مواقع التواصل الاجتماعي من أجل الدعوة للمساهمة في قفة العشر الأواخر من رمضان، حيث نشر المعنيون نداءات مكثفة من أجل المساعدة والتضامن تحت شعار "اجتهاد العشر الأواخِر مِن شهر رمضان"، ويؤكد هؤلاء على ضرورة المبادرة في مساعدة المحتاج خاصة في هذه الأيام المباركة الأخيرة من الشهر الفضيل، خاصة في ظل الغلاء الذي تشهده الأسواق والذي ضاعف من معاناة الاسر الفقيرة في توفير لقمة العيش خلال شهر رمضان . بالموازاة مع ذلك انتشرت العديد من الإعلانات لعمليات جمع تبرعات من طرف مجموعات تطوعية غير معروفة وهو ما جعل البعض يحذر منها حيث يستغل العديد من الانتهازيون اقتراب المناسبات الدينية من أجل جمع التبرعات لصالح جهات غير معلومة دون ان تذهب هذه التبرعات فعليا لمستحقيها.

 أعداد المتبرعين تراجع والطبقة المتوسطة باتت "محتاجة"

 بالمقابل فان جل الجمعيات الخيرية هذه الفترة تشتكي من نقص التبرعات وضعف المداخيل وهو ما قد يجعل العمليات التضامنية خلال العيد محدودة وتشير مصادر من عدد من الجمعيات الخيرية المحلية الناشطة عبر بلديات العاصمة أن عدد المتبرعين خلال رمضان هذه السنة تراجع بشكل كبير حيث فقدت هذه الجمعيات أغلب المتبرعين من الطبقة المتوسطة وحتي من صغار التجار وعدد من كبار تجار تأثرت مداخيلهم السنتين الأخيرتين بشكل كبير بسبب الأزمة الصحية وهو ما جعل مشكل التمويل يطرح مرة أخرى.

 وحسب محمد وهو عضو في جمعية كافل اليتيم بالعاصمة فأن الأوضاع الاقتصادية الصعبة وغلاء الأسعار وتراجع القدرة الشرائية للجزائريين انعكست سلبًا على العمل الخيري والجمعوي،  موضحا في تصريح لـ"الرائد" أنه حتى  رجال الأعمال والتجار من المتبرعين سجلوا تراجعا كبيرا ، خلال السنتين الأخيرتين، وكشف أن العائلات المتوسطة المساهمة في العمل الخيري سابقًا، تراجعت بشكلٍ ملفت الانتباه، إذ باتت الطبقة المتوسّطة في وضعية المحتاجة، بحسب أقواله.

 من جانب أخر قال محمد أن ارتفاع الأسعار بات يحد من العمليات التضامنية فالميزانية التي كانت توجه مثلا لمساعدة 10 اسر محتاجة باتت تكفي 5 أسر فقط بسبب ارتفاع الأسعار وهو ما يحرم اسر كثيرة من المساعدات غير أن محدثنا  لمس إرادة قوية وعزيمة لدى المحسنين في استمرار تمويل العمل الخيري، رغم الظروف المادية الصعبة، مشيرا أن اغلب الجمعيات تحاول فعل ما بوسعها من أجل مساعدة المحتاجين داعيا المحسنين للتبرع أكثر من أجل إدخال الفرحة على نفوس الفقراء والمحتاجين.

من نفس القسم الوطن