الوطن
الجزائر تخرج من نفق "كورونا"
الجيش الأبيض "يكسر" عدّاد الإصابات ويكسب التحدّي
- بقلم ايمان سايح
- نشر في 19 أفريل 2022
توقف أخيرا، عداد إحصاء الإصابات والوفيات بفيروس "كورونا" في الجزائر، فبعد سنتين، ثلاثة أشهر و18 يوما هاهي بلادنا تسجل صفر حالة جديدة، لتخرج بذلك من نفق عميق بفضل شجاعة وعزيمة الأطقم الطبية التي ضحت طوال فترة انتشار الوباء بالمئات من جنودها في سبيل كسب المعركة والقضاء على هذا الوافد الجديد الذي حصد أرواح أزيد من 6 آلاف و800 شخص منذ ظهوره.
جاءت آخر حصيلة لوزارة الصحة، مبشرة بالخير، فقد أحصت ولأول مرة منذ أزيد من سنتين، 0 إصابة بالفيروس، ما يعكس حجم الجهد والإرادة التي تحذو الأطقم الطبية التي تجندت منذ إعلان تسجيل أول إصابة بالوباء في 25 فيفري 2020، ورفعت تحدي كسر سلسلة العدوى والقضاء على الفيروس التاجي الذي حصد أرواح مئات جنود الجيش الأبيض، وآلاف الضحايا الذين قضوا بسبب مضاعفات الإصابة به.
جيش عنيد في مواجهة فيروس جديد
لم يخطئ رئيس الجمهورية حين أطلق اسم " الجيش الأبيض" على الاطقم الطبية، فالنتائج المشرفة التي حققتها بلادنا في مجال مكافحة الفيروس والتي كانت دوما منخفضة مقارنة بباقي الدول المجاورة وحتى الغربية منها، تعكس حجم الإرادة والعزيمة والخبرة الكبيرة التي يتمتع بها المختصون والأطباء وكل العاملين بالقطاع الصحي، والتي امتدت بدورها لتشمل عديد القطاعات التي تجندت بدورها لوقف زحف الفيروس القاتل وإنقاذ أرواح الجزائريين، كما أن القرارات الرشيدة والإجراءات الاستعجالية التي اتخذتها الجهات المعنية سمحت بمحاصرة الفيروس وتطويقه وحالت دون تفشيه بشكل قد يخرج الأمور عن السيطرة، ففضلا عن قرارات غلق الحدود البحرية والجوية أمام الوافدين من الدول التي تسجل أعداد إصابة كبيرة، حرصت وزارة الصحة على تجنيد جميع عمالها وتخصيص مختلف مصالح مستشفياتها لعلاج ومتابعة المصابين بالفيروس خاصة خلال فترة ذروة الإصابة ودخول الموجات الأربع من الوباء الذي سجلت بلادنا إصابات كثيرة بمختلف متحوراته، والتي كان أشرسها متحور "دالتا" الذي حصد اكبر عدد من الضحايا بسبب خطورته وسرعة انتشاره.
التلقيح سلاح الدولة لمحاربة الوباء
وعلى الرغم من التجاوب المتواضع الذي سجلته وزارة الصحة فيما يتعلق بحملات التلقيح ضد فيروس كورونا، غير أن الدولة الجزائرية لم تتوان في دعوة المواطنين لتلقي اللقاح وتحصين أنفسهم من مضاعفات المرض، فعمدت إلى اقتناء جرعات اللقاح بكميات كبيرة سعيا منها إلى ضمان حق المواطنين في الرعاية الصحية وتلقيحهم من خطر الفيروس، كما أن الحملات التحسيسية التي نظمتها مختلف القطاعات وفعاليات المجتمع المدني لتحسيس المواطن بمخاطر الفيروس وضرورة الالتزام بتدابير البروتوكول الصحي واحترام إجراءات التباعد الاجتماعي، رفعت من نسبة الوعي لدى المواطنين وساعدت في كسر سلسلة العدوى وتراجع عدد الإصابات.
مناعة جماعية قبل الاندثار
ولعل الموجة الرابعة من فيروس كورونا والتي ميزها ظهور متحور "أوميكرون"، كانت بادرة لاندثار الوباء، فقد استبشر المختصون خيرا بانتشار الفيروس الذي ظهر في أضعف حالاته في صورة "أوميكرون" ما مكننا من تحقيق مناعة جماعية سمحت فيما بعد بتسجيل تراجع متواصل لحالات الإصابة وكذا عدد الوفيات بالفيروس، فقد كشفت أرقام وزارة الصحة خلال الأيام القليلة الماضية عن معدات لا تتجاوز عشر حالات إصابة في اليوم على مدار ازيد من شهر، لنصل في نهاية المطاف إلى الهدف المسطر ونحصي 0 إصابة بهذا الفيروس القاتل.
الوعي لكسر سلسلة العدوى
وبالإضافة إلى الدور الكبير الذي ادته الجهات المختصة، إضافة إلى الإجراءات المستعجلة والشداعة المتخذة للحد من انتشار الفيروس، لا يمكننا في هذا المقام إنكار دور الشعب الجزائري، الذي أظهر وعيا كبيرا وإدراكا جيدا لمدى الخطورة التي يشكلها هذا الفيروس، فهو الذي اكتوى بنيران انتشاره وفجع في أقاربه وأحبابه، فالوباء قضى على أزيد من 6 آلاف و800 جزائري منذ دخولها إلى بلادنا، كما أن حالات الإصابة المحصاة منذ أزيد من سنتين فاقت 265 ألف إصابة، ما اجبر المواطنين على الالتزام بالقواعد الصحية واحترام إجراءات البروتوكول الصحي للحد من انتشار الفيروس.
اقتصاد منهك وضحايا بالجملة
وإن كانت بلادنا قد نجحت أخيرا في الخروج من نفق "كورنا"، غير أن الثمن الذي دفعته لبلوغ هذا الهدف لم يكن بالهيّن، فتأثير انتشار الفيروس على مختلف القطاعات خاصة الاقتصادية منها، كان جليا ما أضعف القدرة الشرائية للمواطن وحال دون تلقي عديد العمال لمستحقاتهم المالية خلال فترة انتشار الوباء، ما دفع بالدولة إلى اتخاذ قرارات مستعجلة لحماية جيوب المواطنين، فعلى الرغم من أن الأزمة عالمية وأنها عصفت بكبريات الاقتصادات الدولية غير أن الدولة الجزائرية أكدت في عديد المحطات أن برنامجها إجتماعي محض، فكانت اول دولة عربية وإفريقية تقر منحة للبطالة في عز الازمة الاقتصادية وتمنح عطلا مدفوعة للعمال خلال فترة الحجر الصحي، ما ساعد نوعا ما على تجاوز الازمة ومواجهتها، خاصة وأن عدد الأرواح التي حصدها الفيروس لم يكن بالهيّن.
حذار... الخطر قائم
رغم النتائج المحققة والأرقام المبشرة، غير أن خطر كورونا لا يزال قائما في الجزائر، فلا يزال المختصون يشددون على ضرورة أخذ الحيطة وتجنب التراخي خوفا من ظهور سلالات جديدة من الفيروس، كما أن الامتناع عن تلقي اللقاح من شأنه تأزيم الوضع الصحي خاصة وأن الوباء لا يزال منتشرا في عديد الدول ما يرجح احتمالية عودة تسجيل الإصابات وارتفاعها لا قدر الله، ما يلزم الميع بضرورة توخي الحذر واحترام الإجراءات الصحية لاستكمال ما حققته الأطقم الطبية والمحافظة على هذه النتائج الإيجابية.