اقتصاد

إلى أين تتجه أسعار "الذهب الأسود"؟

صدمات جديدة تضرب أسواق النفط

تعيش أسواق الطاقة خلال الأسابيع الأخيرة على وقع التوترات الجيوسياسية الحاصلة شرق أوروبا بين روسيا وأوكرانيا ونقص الإمدادات، على خلفية العديد من العوامل، ما ينذر بتقلبات جديدة في الأسواق العالمية.

 ارتفعت أسعار النفط الخام خلال الثلاثي الأول من السنة الجارية وتجاوزت 130 دولارا للبرميل، مسجلة أعلى مستوى لها منذ سنة 2008، مستفيدة من انحسار المخاوف بشأن الوضع الصحي المرتبط بتفشي فيروس كورونا وارتفاع الطلب العالمي على النفط بالمقارنة مع السنتين المنصرمتين.

الأسعار في ارتفاع...

 سجلت أسعار النفط الخام في تداولات يوم الأمس مكاسب جديدة، معززة المنحى التصاعدي المتواصل لها، خلال الأيام القليلة الأخيرة، عقب الانخفاض الطفيف الذي شهدته الأسواق النفطية الأسبوع الماضي.

 حققت أسعار العقود العاجلة للنفط الخام الجزائري صحاري بلاند في تعاملات يوم الأمس ارتفاعا حديدا قدر ب 0,58 بالمئة بزيادة بلغت أقل من دولار واحد، مقارنة بأخر سعر لها لتقفز ل 122,93 دولار، حسب ما كشفت عنه بيانات الموقع المتخصص "أويل بريس".

 وفي ذات الإتجاه، واصلت أسعار العقود العاجلة لخام البرنت ارتفاعها وأقفلت في تعاملات الأمس بزيادة وصلت ل 1,62 دولارا بنسبة بلغت 1,36 بالمئة، ل  120,65  دولارا للبرميل، كما ارتفع خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي بحوالي 1,62 دولار وبنسبة بلغت 1,39 بالمئة ليصل إلى 113,90 دولارا.

 وسجلت أسعار النفط منتصف الأسبوع المنقضي انخفاضا طفيفا، حيث هبطت أسعار النفط الخام الجزائري صحاري بلاند إلى أقل من 120 دولارا، فيما انخفضا خاما برنت وغرب تكساس بأكثر من ثلاثة دولارات، على خلفية المحادثات الأمريكية الايرانية، والتي قد تقضي بعودة النفط الخام الايراني للأسواق العالمية، خلال الأشهر القليلة القادمة.

 تقلبات متواصلة..

 تتأرجح أسعار النفط الخام في الآونة الأخيرة بين صعود وانخفاض، في ظل ما يجري على الساحة الدولية من أحداث، باتت تؤثر بشكل مباشر على الأسعار.

اقتربت أسعار النفط الخام خلال الأيام القليلة الماضية من 140 دولارا للبرميل مع تواصل العمليات العسكرية الروسية على الأراضي الأوكرانية، لكنها سرعان ما عاودت الإنخفاض متأثرة بجلوس الولايات المتحدة الأمريكية ونظيرتها الإيرانية لطاولة المفاوصات بشأن الملف النووي، والذي من شأنه أن يسمح بعودة النفط الإيراني للأسواق العالمية.

 ومنذ بداية العمليات العسكرية الروسية على الأراضي الأوكرانية نهاية شهر فيفري الماضي، حافظت أسعار النفط على بعض المكاسب، إذ أنها تبقى فوق حاجز 100 دولار.

 وشهدت الأسابيع الأخيرة العديد من التطورات المرتبطة بالتوترات الجيوسياسية الحاصلة شرق أوروبا، إذ شرعت بعض الدول في فرض حظر على النفط الروسي، ولكنها بحسب وكالة الطاقة الدولية ستكون لها إنعكاسات على المدى المتوسط وحتى البعيد.

 وحققت نهاية الأسبوع المنقضي وبداية الأسبوع الجاري أسعار النفط مكاسب جديدة، إذ سجل الخامان القياسيان أول ارتفاع أسبوعي لهما منذ ثلاثة أسابيع، حيث ارتفع خام برنت أكثر من 11,5 في المئة وغرب تكساس الوسيط 8,8 في المئة.

 صدمات جديدة..

 ساهمت العمليات العسكرية الروسية على الأراضي الأوكرانية في الدفع بأسعار النفط الخام للارتفاع والوصول لمستويات قياسية، بالمقارنة مع التوقعات التي كانت تصب بتسجيل تعافي طفيف في أسعار النفط، قياسا بتحسن الوضع الصحي وبروز بوادر لحركية في الاقتصاد العالمي.

 عبرت نهاية الأسبوع المنقضي وكالة الطاقة الدولية في تقرير لها عن مخاوفها من تداعيات قرار الولايات المتحدة الامريكية وبريطانيا فرض حظر النفط الروسي، مؤكدة بأن القرار ستكون له انعكاسات سلبية، في الوقت الذي يعرف المخزون العالمي انخفاضا.

 قالت وكالة الطاقة الدولية إن الأسواق قد تفقد ثلاثة ملايين برميل يوميا من الخام والمنتجات المكررة من روسيا بداية شهر أفريل الداخل، مشددة على أن الإمدادات المفقودة ستكون أكبر بكثير من الانخفاض المتوقع في الطلب العالمي، والتي يقدر بحوالي مليون برميل يوميا، والناجم عن ارتفاع أسعار الوقود.

 كما تعرضت إمدادات النفط الخام لهزة جديدة في بحر قزوين، عقب تضرر محطة خطوط أنابيب نقل على ساحل البحر الأسود، ما سيتسبب في توقيف  الصادرات، والتي تقدر بحوالي مليون برميل يوميا.

تضررت من عاصفة كبيرة.

 وقالت كازاخستان، بأن المحطة تضررت نتيجة عاصفة ضربت المنطقة، متوقعة أن تتواصل الإصلاحات لأزيد من شهر، لإعادة خطوط النقل لسابق عهدها.

 في سياق متصل، تعرضت نهاية الأسبوع المنقضي منشآت طاقوية بالمملكة العربية السعودية، لهجمات صاروخية، تسببت في أضرار ببعضها، وقالت في هذا الصدد المملكة العربية السعودية، بأنها لن تتحمل المسؤولية عن أي توقف في إمدادات النفط في الأسواق العالمية، بسبب استمرار الهجمات، التي تصاعدت وتيرتها خلال الأسابيع القليلة الأخيرة، خاصة وأن التفجيرات مس موقعا للإنتاج لشركة أرامكو.

 تصاعدت المخاوف في الآونة الأخيرة من وقوع صدمة عالمية في إمدادات النفط نتيجة العقوبات المفروضة على روسيا وعدم وجود المعروض اللازم لتلبية احتياجات السوق العالمية، في الوقت الذي تؤكد وكالة الطاقة الدولية، بأنه لا وجود لبدائل في الأفق لتعويض النقص في الإمدادات، خاصة وأن العديد من دول مجموعة أوبك بلوس ترفض رفع مستوى الإنتاج.

 مكاسب للنفط الجزائري..

 استفاد الخام الجزائري من الأوضاع الراهنة التي تمر بها الأسواق الطاقوية و سجل أعلى مستوى له منذ أزيد من 14 سنة ووصل لأكثر من 136 دولارا.

 وكشفت منظمة البلدان المصدرة للبترول أوبك، في تقريرها الشهري، بأن أسعار النفط الخام  الجزائري ارتفع بحوالي 12,50 دولار شهر فيفري الماضي وبنسبة فاقت 14 بالمئة.

 وبحسب البيانات الواردة في تقرير منظمة أوبك، فقد ارتفع المتوسط ​​الشهري لسعر الخام الجزائري من 88,21 دولار للبرميل في شهر جانفي الماضي إلى 100,71 دولار في فبراير الماضي بزيادة قدرت بأزيد من 14 بالمئة.

 ينتظر أن يصل الإنتاج اليومي النفط الخام الجزائري صحاري بلاند لأزيد من مليون برميل يوميا شهر أفريل الداخل، على خلفية حزمة الزيادات التي أقرتها مجموعة أوبك بلوس خلال أخر اجتماع لها، والتي أفضت لحصول الجزائر على حصة جديدة.

 وفي سياق متصل، أعلنت شركة سوناطراك عن رفع سعر البيع الرسمي لخام صحاري بلاند  بداية من شهر أفريل الداخل بحوالي خمس دولارات للبرميل على سعر مزيج برنت.

 وحددت سوناطراك سعر البيع الرسمي لخام صحاري بلاند للتحميل في شهر أفريل الظاخل بزيادة تصل ل خمسة دولارات في البرميل الواحد، بعدما كانت تسعره بزيادة تقدر ب 3,05 دولار للبرميل على سعر برنت للتحميل في شهر مارس الجاري.

 إلى أين تتجه الأسعار...

 ينتظر أن تدخل الزيادات الجديدة التي أقرتها مجموعة أوبك بلوس بداية الشهر الداخل، ولكنها قد تصطدم بنقص المعروض، على خلفية العقوبات، التي تمس الامدادات والشحنات الروسية، والتي ستعني خفض العرض بأزيد من ثلاثة ملايين برميل يوميا من النفط الروسي.

 وترفض مجموعة أوبك بلوس زيادة إنتاجها لتهدئة السوق وتلبية احتياجاتها، وتصر على مواصلة ضخ زيادات تدريجية قدرها 400 ألف برميل يوميا كل شهر، بالموازاة مع عدم تمكن العديد من الدول المنتجة من لوفاء بإلتزاماتها الإنتاجية.

 حذرت السلطات الروسية على لسان نائب رئيس الوزراء الروسي ألكسندر نوفاك، من أن أسعار النفط قد تصل إلى 300 دولار للبرميل، حال مواصلة دول الإتحاد الأوروبي في فرض حظر عن إمدادات الخام الروسي.

 وتبقى أسعار النفط الخام تتأرجح بين صعود ونزول ولكنها حسب المختصين، لن تعود لما كانت عليه على الأقل نهاية العام الماضي

من نفس القسم اقتصاد