الوطن

الحكومة أمام "امتحان رمضان"

الندرة، الغلاء والمضاربة.. ثالوث يؤرق الجهاز التنفيذي

يعود الجدل في كل مرّة، حول أزمة المواد الاستهلاكية وارتفاع أسعارها، ومن المسؤول عن مجمل المشاكل التي يواجهها المواطن البسيط مع اقتراب حلول الشهر الفضيل، ففي الوقت الذي يحرص فيه رئيس الجمهورية على تغليب مصلحة المواطن، بإصدار أوامر تقضي بضمان توفر السلع الأساسية ومراقبة أسعار بيعها، تبقى قرارات الحكومة محتشمة وغير مجدية يترجمها تواصل الأزمات. فهل ينجح الجهاز التنفيذي الحالي في تخطي "امتحان شهر رمضان"، وضمان التحكم في السوق وكبح جشع المضاربين؟ أم أننا سنكون مع سيناريو مشابه للسنوات الماضية؟

نستقبل خلال أيام قليلة، شهر الصيام، الذي يتزامن واستمرار الأزمة الصحية التي لا تزال تلقي بضلالها بصورة سلبية على الوضع الاقتصادي، لتزيد من معاناة المواطن المثقل بتبعات تراجع القدرة الشرائية وغلاء الأسعار الذي تقابله ندرة في أكثر السلع استهلاكا، وأمام هذا الوضع تبقى الحلول الترقيعية التي تقترحها الحكومة في كل مناسبة، لا ترقى إلى تطلعات المستهلك، الذي تحوّل شهر رمضان بالنسبة إليه إلى كابوس، كما أن القرارات المحتشمة التي يصدرها الوزراء ليست في مستوى الأوامر التي وجهها رئيس الجمهورية فيما يتعلق بتطوير الاقتصاد وتشجيع الانتاج المحلي.

فقطاع الفلاحة على سبيل المثال، وعلى الرغم من الجهود التي يبذلها المسؤول الأول عنه، يبقى رهين المضاربين الذين يتحكمون في خيوط اللعبة، من خلال تكديس المواد الاستهلاكية والتسبب في ندرتها بغرض رفع أسعارها، ليبقى التحدي الأكبر الذي ينتظر الوزير هني خلال الأيام المقبلة، هو كبح جشع بعض التجار الذين يغتنمون الشهر المبارك للربح السريع من خلال رفع الأسعار بشكل قياسي، والمطلوب من الوصاية في هذا المقام، يبقى تشديد إجراءات الرقابة، والمتابعة المستمرة لمدى تنفيذ القرارات، خاصة ما تعلق منها بتطبيق إجراء بيع بعض المنتجات على غرار البطاطا مباشرة من الفلاح إلى المستهلك، من أجل تفادي ارتفاع أسعارها، كما يتوجب على الوزير متابعة مدى تطبيق العاملين معه لأوامره، من اجل ترجمة وعوده على أرض الواقع، وضمان وفرة مختلف المنتوجات الفلاحية واللحوم البيضاء والحمراء بكميات كافية خلال الشهر الفضيل.

من جهتها تبقى الأرقام والوعود التي تقدمها وزارة التجارة، بعيدة كل البعد عن الواقع، ففي الوقت تتغنى فيه الوصاية بتوفر المواد الغذائية في السوق، لا يزال المواطن يعاني يوميا في رحلة البحث عن علبة زيت، أو سكر، كما أن بعض الحلول التي اقترحتها الوصاية مؤخرا كانت محل انتقاد من نواب البرلمان الذين حمّلوا وزير التجارة جزءا من مسؤولية أزمة زيت المائدة، التي شهدتها السوق الوطنية، ليبقى شهر رمضان الفضيل أكبر امتحان أمام وزارة رزيق لحفظ ماء الوجه والرد على الانتقادات، شأنها شأن وزارة البريد والمواصلات السلكية واللاسلكية التي تتحمل مسؤولية ضمان السيولة المالية في مكاتب البريد عشية هذا الموعد الهام، بالنظر لزيادة المصاريف خلاله، ما يستوجب اتخاذ مزيد من الإجراءات الصارمة لتخفيف الضغط على شبابيك البريد وتسهيل الخدمات على المواطن.

وفي الوقت الذي يستمر فيه الجدل حول أزمة ارتفاع الأسعار وندرة المواد الغذائية ومن المسؤول عنها، سواء غياب رقابة الدولة، أو الإقبال الكبير وغير المبرر للمواطن على السلع عشية الشهر الفضيل، أم جشع التجار المضاربين، يبقى التعجيل في إيجاد حل لهذه المشكلة المزمنة أكثر من ضرورة، فهل ستكسر حكومة أيمن بن عبد الرحمن القاعدة هذه السنة، وتقلب مؤشرات السوق التي لطالما عودتنا على ارتفاع الأسعار خلال شهر رمضان؟ أم أن الجهاز التنفيذي الحالي سيتبع سلفه ويعلن فشله في احتواء الوضع الاقتصاديّ، وإنقاذ المستهلك من جشع المضاربين والتهاب الأسعار؟

من نفس القسم الوطن