دولي
سيدات الأغوار..
حرائر فلسطين
- بقلم الوكالات
- نشر في 09 مارس 2022
في صباحات الأغوار الباكرة، تستيقظ المواطنة فريال صوافطة من قرية بردلة بالأغوار الشمالية متجه إلى الأراضي الزراعية التي تضمنها وتعمل على قطاف محاصيلها برفقة مجموعة من السيدات.
فريال كغالبية نساء القرية تعمل بالزراعة وتساهم في إعالة أسرتها.. تعمل بجد على مدار ثمانية أشهر كل عام، (منذ بدايات فصل الخريف وحتى أواخر الربيع)، وهي الفترة التي تمثل ذروة الانتاج الزراعي للخضراوات في القرية، برفقة سيدات أخريات بنظام الضمان؛ والذي من خلاله يتعاقدن مع صاحب قطعة الأرض والمحصول على قطافه كاملا مقابل نسبة من أرباح المحصول.
تقول صوافطة التي تشغل منصب رئاسة المركز النسوي للقرية إلى جانب عملها في الزراعة، إن أكثر من 90% من نساء قريتها يعملن في الزراعة بأشكال مختلفة، فمنهن من تعمل برفقة زوجها وعائلتها في المزارع المملوكة لهم، ومنهن من تعمل بنظام ضمان الأراضي والمحاصيل الزراعية من أصحابها، بالإضافة لوجود عاملات بأجر يومي في مجال قطاف المحاصيل.
توضح فريال أن عملها في مجال الزراعة ساهم في تمكينها وتمكين أسرتها اقتصاديا، وساعدهم على تحمل أعباء النفقات الكثيرة للأسرة.
وتعتبر قرية بردلة من القرى الزراعية المهمة في محافظة طوباس والأغوار الشمالية، ووفقا لتقديرات محلية تبلغ مساحتها الإجمالية 28 ألف دونم بما فيها الأراضي التي يستولي عليها الاحتلال، وتبلغ مساحة الأراضي الزراعية المروية والبعلية فيها 8 آلاف دونم.
تشير صوافطة، وهي أم لأربعة أبناء، أنها سعيدة بعملها الزراعي ومقدرتها على توفير دخل آخر بالإضافة للدخل الذي يوفره زوجها من وظيفته، وتؤكد أن ذلك يجعلها شريكة له في تحمل كل الضغوطات المادية، وخاصة أن ابنتها الكبرى طالبة جامعية وتحتاج لأقساط.
تعمل فريال حاليا في مجال قطف محصول الخيار من الأرض التي ضمنتها مع سيدات أخريات، حيث تضمن ثماني دونمات، فتبدأ عملية القطاف من الساعة السادسة وحتى العاشرة صباحا كل يوم خلال الموسم، بعد ذلك تعود لمنزلها للقيام بواجباتها المنزلية، كما أنها تزرع الارض المحيطة بمنزلهم بغالبية أنواع الخضروات لتوفير قوت العائلة ومؤونتها.
إلى جانب كل ذلك، لا تغفل عملها في المركز النسوي للقرية، والذي تسعى النساء من خلاله للتمكين الاقتصادي وتطوير مهاراتهن الزراعية كون غالبيتهن العظمى يعتشن وأسرهن من هذا المجال.
تطمح فريال مستقبلا أن تنفذ مشروعها الخاص من خلال إقامة دفيئة زراعية في الأرض التي تمتلكها أسرتها، بحيث تصبح منتجة لمحصولي الخيار والفاصولياء، وهن من أكثر المحاصيل نجاحا وأقلها تضررا بالعوامل الجوية، كما تذكر، لكن ذلك يحتاج لتكلفة كبيرة تفوق قدرتها المادية في الوقت الراهن.
وفي هذا السياق، أشارت إلى أهم احتياجات النساء المزارعات، وهي دعم مشاريعهن الزراعية من المؤسسات المانحة وتسهيل تقديم هذه المشاريع، معتبرة أن غالبية المشاريع الزراعية التي يتم تقديمها من المؤسسات تتطلب شروطا وإجراءات كثيرة ومعقدة في كثير من الأحيان.
في قرية بردلة أيضا، هناك نموذج آخر من النساء العاملات في مجال الزراعة، حيث تمتلك أم صالح العديد من الدونمات من الدفيئات الزراعية، والتي تزرعها بأنواع عديدة من الخضروات حسب المواسم، وبالإضافة لعملها فيها توفر فرص عمل لعدة نساء معها، فهذه الدفيئات تدر عليها دخلا جيدا لها وللنساء العاملات.
تشرف أم صالح على الدفيئات الزراعية وتتولاها بشكل كامل، في حين أن زوجها يتولى مسؤولية الاعتناء بمساحات أخرى مزروعة بأنواع عديدة من المحاصيل المكشوفة، وهو أيضا يشغل العديد من العمال.
تؤكد أم صالح أنها اختارت خوض غمار الحياة الزراعية مع زوجها منذ سنوات طويلة، فهو وحده لا يستطيع الإشراف على كافة الأراضي، وخاصة أن عائلتهما تزرع ما يزيد عن 50 دونما من الخضراوات، جزء منها يملكانه، والجزء الآخر يستأجرانه من مالكيه.
وتؤكد أم صالح أنها من خلال عملها مع زوجها جنبا إلى جنب في هذا المجال استطاعت تربية أبنائها الخمسة، وتوفير حياة كريمة لهم.
من جهتها، توضح عائشة حموضة مسؤولة دائرة المرأة في الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين أن 62% من النساء الفلسطينيات العاملات يعملن في مجال الزراعة والصناعات الغذائية، مؤكدة أن هذا المجال يشمل الجانبين: النباتي والحيواني، بالإضافة لمجال الصناعات الغذائية المنزلية المعتمدة على هذين الإنتاجين، مثل تصنيع المربى ورب البندورة والألبان والأجبان.
وأوضحت أن لمنطقة الأغوار خصوصية في هذا المجال، فغالبية النساء هناك يعملن في الزراعة نظرا لطبيعة الموارد الموجودة.وتؤكد حموضة، أن عمل المرأة في الزراعة، يجلب انتعاشا اقتصاديا للأسرة، وينقسم الدخل في هذه الحالة إلى قسمين: النقدي من خلال الأجر والمردود المادي الذي يتقاضينه، والعيني من خلال توفير الخضراوات والمنتجات للمنزل.
وتضيف أن عمل المرأة في هذا المجال يساهم في تحسين وضع الأسرة ماديا ورفعها من تحت خط الفقر المدقع، خاصة في ظل غلاء المعيشة، فدخل رب الأسرة وحده لا يفي باحتياجات الأسرة.
كما تطرقت إلى جوانب معاناة الغالبية العظمى من العاملات في مجال الزراعة، واللواتي يعملن أجيرات في حقول لمزارعين آخرين بنظام المياومة أو بشكل موسمي، فهذه الفئة تعاني من صعوبات أكبر من النساء اللواتي يعملن بنظام الضمان على نسبة من المحصول والنساء اللواتي يعملن في حقول مملوكة لأسرهن، فغالبية العاملات بنظام المياومة وبشكل موسمي غير ثابت هن تحت خط الفقر، ولا يحصلن على كامل حقوقهن العمالية بسبب عدم وجود تصنيف محدد وواضح يندرج تحته عملهن، ولا يتسم عملهن بالثبات.
كما أن النساء العاملات في حقولهن الخاصة وعلى مجال أوسع يعانين صعوبات من نوع آخر، منها عدم توافر المشاريع التكميلية الاقتصادية لقطاع الزراعة، فتعاني الكثير من النساء المنتجات من صعوبة تسويق المنتجات، والمطلوب هنا توفير أسواق خاصة للمنتجات التي تصنعها النساء، وفقا لحموضة، كما أنهن يعانين من صعوبة تطوير مهاراتهن وقدراتهن الزراعية بسبب قلة الإمكانيات المتاحة للتدريب، بالإضافة إلى افتقادهن التقنيات الحديثة في العمل والتي يعتبر توفيرها مكلفا.
وطالبت بوضع استراتيجية وطنية شاملة ترتكز على جانبين: الأول النهوض بالقطاع الزراعي كاملا ورفع كفاءة مخرجاته من خلال توفير تقنيات عالية، والآخر يركز على العمال الزراعيين وتنظيم أوضاعهم العمالية ووضع تصنيفات لهم، وضمان حقوق ثابتة وواضحة.