الوطن

قطاع الطاقة ...مفتاح الاقلاع الاقتصادي

تركيز على تطوير الطاقات المتجددة للتحرر من التبعية للمحروقات

يعوّل رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، على تطوير الطاقات المتجددة والنظيفة لضمان ديمومة مداخيل الدولة والقضاء على التبعية للمحروقات، حيث يشكل القطاع الطاقوي حجر أساس مشروعه لإعادة بناء الاقتصاد الوطني، الذي يسعى لجعله قويا قائما على الاسثمارات الوطنية وخاليا من المشاكل البيروقراطية التي عطلت عجلة تطوره لسنوات مضت، ويؤكد رئيس الجمهورية أن قطاع المحروقات، برهن مكانته كمساهم دائم في الأمن الطاقوي لشركاء الجزائر من الدول، عبر تأمين التموين بالمحروقات خاصة من الغاز الطبيعي، الذي يسجل ارتفاعا محسوسا في الإنتاج.

تسعى الجزائر إلى التأقلم مع التحول الذي تشهده السوق العالمية، حيث تشكل المرحلة المقبلة مرحلة الطاقات الجديدة النظيفة التي يحتل الغاز فيها مكانة هامة، هذا أكده رئيس الجمهورية في الرسالة التي وجهها بمناسبة إحياء الذكرى الـ66 لتأسيس الاتحاد العام للعمال الجزائريين، والذكرى الـ51 لتأميم المحروقات، قرأها نيابة عنه الوزير الأول أيمن بن عبد الرحمان، فقد اكد الرئيس أن الغاز الذي يعد أهم المصادر الطاقوية الأولية،"يمنحنا الأفضلية، ضمن مسارات التحول الطاقوي، على الأقل خلال الثلاثين سنة القادمة"، إلى جانب "إمكانية انخراطنا في أكثر الحلول المناخية نجاعة، وهو الهيدروجين، لكون استخداماته تتميز ب"صفر تلوث"، بحيث يمكننا اليوم الانخراط كفاعل أساسي في المشاريع العالمية والإقليمية للهيدروجين الأخضر.

الجزائر تفرض نفسها كفاعل أساسي في مشاريع الهيدروجين الأخضر

وفي هذا الشأن ذكّر رئيس الجمهورية بأن بلادنا " تمتلك أفضل الخيارات عالميا في هذا المضمار بفضل العديد من الميزات والإمكانيات التي تتوفر عليها، من إمكانات شمسية هائلة، وشبكة كهربائية واسعة، ومساحة كبيرة، وبنى تحتية وطنية ودولية لنقل الغاز الطبيعي، ونسيج صناعي، لاسيما ذلك المرتبط بإنتاج الأمونياك والهيدروجين، وكذلك الشبكة الواسعة من الجامعات ومراكز البحث"، معلنا عن وضع استراتيجية وطنية لتطوير الهيدروجين، بما في ذلك الهيدروجين الأخضر، من أجل تمكينها من الإندماج الكامل في الديناميكية العالمية المرتبطة بالانتقال الطاقوي والبيئي، وهو التوده الذي قال إنه "يندرج ضمن سعي الدولة إلى تعبئة جميع مواردها وتثمينها، لاسيما الطاقات المتجددة، خاصة وأن الجزائر، تتمتع بإمكانيات هائلة من الطاقة الشمسية ومصادر أكيدة للهيدروجين الأخضر"، وأبرز في هذا الصدد أن أولويتنا تتمثل في التركيز على ترشيد استهلاك الطاقة وفعالية استخدامها مع مساهمة الطاقات المتجددة وتنويع مزيج الطاقة، من أجل توفير حلول شاملة ومستدامة للتحديات البيئية وكذا للحفاظ على موارد الطاقة الأحفورية وتطويرها، مما يمكننا من توفير موارد إضافية يمكن توجيهها للتصدير.

إلى ذلك، لفت رئيس الجمهورية إلى أهمية إعادة إطلاق تطوير قطاع المناجم وتثمين الثروات المنجمية التي اعتبرها أيضا " إحدى أولويات الدولة"، بالنظر إلى إمكاناتنا من الموارد المنجمية، من خلال تطوير مناجم الحديد والزنك والفوسفات، التي ستساعد في تقليل اعتمادنا على الواردات، وفي تمكيننا من خلق الثروة وفرص العمل، وتنويع صادراتنا خارج المحروقات.

 لقد كانت عزائمهم أقوى من الصعوبات، ومكنوا بتجندهم قطاع الطاقة من الاستمرار في الإنتاج، ليتولى من خلفهم من كفاءات وإطارات وعاملات وعمال في القطاع مواجهة الرهانات، وما مضاعفة الإنتاج الوطني بثلاث مرات منذ 1971‏، ليبلغ اليوم حوالي 200 ‏مليون طن معادل نفط، وخاصة بالنسبة ‏للغاز الطبيعي، إلا تأكيد على تلك الإرادة الوطنية القوية التي ما فتئ يتحلى بها ‏بنات وأبناء القطاع، الذين، بفضل جهودهم، تعزز دور الجزائر في السوق البترولية والغازية على المستوى الإقليمي والدولي.

الجزائر مستعدة للمساهمة في الأمن الطاقوي لشركائها

كما برهن قطاع المحروقات على استعداده للمساهمة في الأمن الطاقوي لشركائنا من الدول وهذا عبر تأمين التموين بالمحروقات، خاصة من الغاز الطبيعي، إذ سجل نمو الإنتاج الأولي إرتفاعا محسوسا في سنة 2021، قدر بنسبة 14 بالمائة للمحروقات و23 بالمائة  للغاز، تماشيا مع عودة الحركية الإقتصادية العالمية.

الجزائر لم تسورد أي كمية من الوقود في 2021

ولفت الرئيس في رسالته، للمكاسب التي حققتها بلادنا فيما يتعلق بتثمين المحروقات، حين قال إنها "اكتسبت قدرات هائلة، حيث أصبحت تتوفر على منشآت صناعية كبيرة في مجال عمليات تكرير النفط، والصناعات البتروكيماوية والنقل بالأنابيب وكذا التصدير، لاسيما من خلال خطوط الأنابيب التي تربط بلادنا بقارة أوروبا، وقدرات تمييع الغاز الطبيعي وكذلك ناقلات الغاز الطبيعي المسال"، مذكرا بتخفيض الواردات من المشتقات البترولية بما يفوق 50 بالمائة، خلال سنة 2021 مع التطلع إلى التوجه إلى التصدير في السنوات القليلة القادمة، كما أشار إلى أن الجزائر لم تستورد أي كمية من الوقود في سنة 2021.

الجزائر حققت مستويات من بين الأعلى في العالم من حيث توفير الطاقة للمواطنين

وبكل فخر، أعلن رئيس اجلمهورية أن بلادنا حققت قفزة نوعية فيما يتعلق بتوفير مصادر الطاقة للساكنة، مشددا على أننا حققنا "مستويات من بين الأعلى في المنطقة، بل وفي العالم"، بربط أكثر من 99 بالمائة من المنازل بالكهرباء و65 بالمائة منها بالغاز الطبيعي، وتبقى الجهود مستمرة لربط المناطق النائية والمعزولة عبر التراب الوطني بما فيها المحيطات الفلاحية ومختلف المستثمرات من أجل تحسين ظروف معيشة السكان وتعزيز الديناميكية الاقتصادية، مشددا على أنه يولي بالغ الاهتمام لمواصلة تعزيز الدور المحوري لقطاع الطاقة والمناجم في تنفيذ استراتيجية ‏الدولة في مجال الانعاش لاقتصادي والإنتقال الطاقوي، ‏من أجل الرفع من القدرات الإنتاجية لتلبية حاجيات البلاد من الطاقة على المديين المتوسط والبعيد، من خلال تطوير الطاقات الجديدة والمتجددة.

 وأوضح الرئيس أن هذا الإهتمام نابع من "إيماننا العميق بالأهمية البالغة التي يكتسيها قطاع الطاقة والمناجم كمحرك لتطوير القطاعات الأخرى للإقتصاد وتسريع سياسة تنويع مصادر الدخل"، مذكرا بالتعهد الذي رفعه أمام الشعب عند توليه مسؤولية رئاسة الجمهورية، بالسعي إلى بناء اقتصاد وطني قوي، ومتنوع مدر للثروة، ومولد لمناصب الشغل وصانع للرفاه الإجتماعي، بما يعزز الأمن الغذائي ويحصن الأمة من التبعية القاتلة للمحروقات وجعل هذه الأخيرة محرك للنمو ومصدرا لتنويع الاقتصاد، مؤكدا حرصه على ضرورة استكمال وملاءمة الإطار القانوني للاستثمار، في كل من قطاعات المحروقات، والمناجم،‏ والطاقات المتجددة لتشجيع الاستثمارات، وضمان الأمن الطاقوي ‏للبلاد على المدى الطويل.

الجزائر تتجه لتكون وجهة للإستثمارات الأجنبية اللمباشرة

وفي مجال الاستثمار، أكد رئيس الجهورية استكمال الحكومة جميع النصوص التطبيقية الخاصة بقانون المحروقات، معلنا أنها تعكف حاليا على استكمال وضع الإطار القانوني الذي سيسمح بإعادة بعث الاستثمار وتسهيل وتبسيط الإجراءات الإدارية المرتبطة به، بما يتماشى مع البيئة الاقتصادية الحالية وترقية وجهة بلادنا للاستثمارات الأجنبية المباشرة، وأضاف أن الهدف الرئيسي سيظل يتمثل في الحفاظ على قدرات الإنتاج والتصدير وتعزيزها، بالموازاة مع تكثيف جهد الاستكشاف، وتحسين مراحل الاستخلاص في حقول الإنتاج، وتحقيق التشغيل الأمثل، والرقمنة، وتطبيق التقنيات المتقدمة وخفض التكاليف.

39 مليار دولار قيمة الاستثمار خلال السنوات الأربعة المقبلة

وفي هذا الإطار، أعلن الرئيس عن عزم الدولة على مواصلة جهودها في الإستثمار في القطاع، متوقعا أن تصل قيمة الإستثمارات في السنوات الأربعة القادمة إلى أكثر من 39 مليار دولار، منها 70 بالمائة ستخصص للإستكشاف والتطوير لاسيما تحسين معدل الإسترجاع وخاصة في حقول حاسي مسعود وحاسي الرمل، وأضاف "تشير معظم توقعات منظمة "أوبك" إلى أن المحروقات، من نفط وغاز، ستبقى على مدى الخمسة وعشرين سنة القادمة، مهيمنة على مشهد الطاقة العالمي، كما أن المعركة الحقيقية عالميا، في السنوات القادمة، ستكون ضد الفحم كمصدر طاقة، وهو ما جعل المجموعة الدولية تسعى جاهدة للتقليل من الاعتماد عليه في إنتاج الطاقة، نظرا لكونه مصدرا رئيسيا للتلوث وللغازات".

"سوناطراك" ستلعب دورا رياديا في مسار الإنتقال الطاقوي

وأغتنم رئيس الجمهورية المناسبة، للإشادة بالجهود الكبيرة التي تقوم بها الشركة الوطنية "سوناطراك" من أجل أن تكون رائدة في مجال الطاقة، لاسيما في ظل التحولات الطاقوية العالمية المتسارعة وكذا المنافسة الدولية، مشددا على ضرورة تطوير نشاط الإستكشاف في الجزائر وفي الخارج، وأن تلعب الشركة "دورا رياديا في مسار الإنتقال الطاقوي"، وهو ما يستوجب عليها " تكثيف الجهود من أجل عصرنة أساليب تسييرها وفقا للمعايير الدولية مع تعزيز ديناميكية التكوين وتطوير تسيير الموارد البشرية وفق المقاربة بالكفاءة والنجاعة، كما يتطلب الأمر من كل الفاعلين في قطاع الطاقة والمناجم المساهمة في رفع التحدي الخاص بتراكم المعرفة والمهارة، وكذا وضع الخبرة المكتسبة في خدمة الصناعة الوطنية في مختلف سلاسل القيمة، بغية الرفع من نسبة الإدماج وتحسين التحكم في عمليات التشغيل والهندسة الصناعية."

ولم يفوت رئيس الجمهورية الفرصة للإشادة بتضحيات ووفاء العاملات والعمال الذين قال إنهم "يواصلون اليوم بقناعة وإخلاص من مختلف المواقع، ‏وعلى كافة المستويات، المساهمة في بناء جزائر صاعدة وسيدة"، وأكد أنه "من الواجب أن أترحم معهم على أرواح شهداء الواجب، ‏ومن فقدناهم جراء جائحة كوفيد-19‏"، مؤكدا عزمه على مواصلة معالجة الآثار الاجتماعية والتكفل تدريجيا بالمتضررين من خلال السهر على متابعة السلطات العمومية، ومدى ‏التنفيذ الصارم لكل الإجراءات والتدابير المتخذة الرامية إلى ضمان الحماية الاجتماعية، والقدرة الشرائية للمواطنات والمواطنين.

من نفس القسم الوطن