الوطن

"كورونا" تنعش عمليات الدفع الإلكتروني

الاجراء يمكنه امتصاص 80 مليار دولار متداولة في السوق الموازية

كثفت السلطات العليا للبلاد مساعيها للانتقال من خدمة الدفع التقليدي نحو الدفع الإلكتروني، وسعت لتعميم الخدمة والرفع من أعداد المنخرطين فيها في مختلف القطاعات، وذلك مسايرة للتحولات الكبيرة التي يشهدها العالم.

تسعى السلطات العمومية لترسيخ ثقافة الدفع الإلكتروني والحد من الدفع التقليدي "الكاش"، الذي يبقى يحوز على ثقة الجزائريين، ما يجعل من التوجه من الدفع الإلكتروني يتطلب جهودا وإجراءات تحفيزية ملموسة.

 انتعاش الدفع الإلكتروني..

 تحصي الجزائر أزيد من 8 ملايين شخص حامل للبطاقة الذهبية، بالإضافة إلى اثنين مليون شخص حامل لبطاقة السي اي بي CIB، وسطرت السلطات برنامجا عملياتيا يهدف إلى تسريع مسار عصرنة أنظمة الدفع، والعمل لتوفير أكثر من 16 مليون بطاقة دفع في آفاق 2024، مع تزويد أكثر من مليون تاجر بأجهزة الدفع الإلكتروني وتوفير أكثر من 10 آلاف خدمة تجارية عن طريق الويب.

شهدت السنوات الخمس الأخيرة، منذ عزم السلطات العليا للبلاد شهر أكتوبر من سنة 2016 لتعميم عمليات الدفع، ارتفاعا في عمليات الدفع الإلكتروني في قطاعات الاتصالات، النقل، التأمينات، بالإضافة إلى دفع فواتير الماء والكهرباء، ومختلف العمليات الإدارية، غير أن الأرقام المسجلة تبقى بعيدة عما تسعى السلطات للوصول إليه.

أفرزت جائحة كورونا العديد من التداعيات السلبية على قطاعات متعددة، ولكنها في المقابل كانت دافعا للتوجه نحو الدفع الإلكتروني، وتشير الأرقام المقدمة من قبل التجمع النقدي الآلي، بأن قطاع الاتصالات سجل أكثر من 4 ملايين عملية سنة 2020 وأكثر من 6 ملايين عملية سنة 2021، فيما أن قطاع النقل سجل سنة 2020 أكثر من 11 ألف عملية للدفع الإلكتروني وأزيد من 72 ألف عملية سنة 2021، فيما أن قطاع التأمينات سجل سنة 2020 أكثر 4 ألاف عملية وضعفها سنة 2021.

وتبرز الأرقام المقدمة قبل التجمع النقدي الآلي، بأن عمليات الدفع الإلكتروني شهدت ارتفاعا كبيرا بين سنتي 2020 و2022، ما يبين الآثر الكبير لتفشي فيروس كورونا على الرفع من عمليات الدفع الإلكتروني بمختلف القطاعات.

كما أن الشهر الأول من السنة الجارية شهد قيام المواطنين بحوالي 600 ألف عملية عبر الدفع الإلكتروني في قطاع الاتصالات و9680 عملية في قطاع النقل و1807 عملية للدفع الإلكتروني في قطاع التأمينات، ما يوضح المنحى التصاعدي للدفع الإلكتروني في الآونة الأخيرة.

 التعميم الموجه...

تسعى السلطات العليا للبلاد لتعميم الدفع الإلكتروني في مختلف القطاعات، واتخذت وزارة التجارة العديد من الإجراءات لفرض العملية بالفضاءات التجارية، مشددة على التجار لتبني الخيار الجديد والعمل به، وسط تردد من قبل العديد منهم، على خلفية بعض المخاوف من تطبيق العملية.

وفي هذا الصدد كشف أمس رئيس اللجنة الوطنية للرقمنة بالجمعية الوطنية للتجار والحرفيين والمستثمرين أمين سويسي، في حديثه لجريدة الرائد، بأن الإرادة السياسية لتطبيق نظام الدفع الإلكتروني وتعميمه متوفرة، غير أنه شدد على ضرورة تسطير خارطة واضحة المعالم وفق نظرة علمية تقنية ميدانية على المديين المتوسط والبعيد.

وأضاف، بأن التحول من الدفع التقليدي "الكاش" نحو الدفع الإلكتروني يتطلب العمل وفق خطوات واضحة، انطلاقا من التوجه نحو تعميم الدفع على بعض القطاعات، التي يمكن تنفيذ العمليات بها وتطبيقها على قطاعات أخرى شيئا فشيئا.

وأعطى أمين سويسي، مثالا بقطاع النقل، مشيرا إلى أن السلطات مطالبة لتعميم الدفع الالكتروني والرفع من نسبة استعماله على المستوى الوطني بقطاع النقل، مؤكدا على أن تحفيز المواطنين والخواص بالقطاع التوجه نحو العملية، يستدعي في المقام الأول تطبيقه بالمؤسسات العمومية، خاصة وأن قطاع النقل يعرف يوميا مئات الآلاف من المسافرين. 

المناخ الآمن ضروري..

 شدد رئيس اللجنة الوطنية للرقمنة، بأن تعميم عملية الدفع الالكتروني يستدعي توفير المناخ الآمن لتشجيع وتحفيز كل الفئات وخلق بيئة ملائمة لهم لتبني الخيار والعمل به والابتعاد عن الدفع التقليدي. وأضاف بأن السلطات الوصية مطالبة في المقام الأول بتقديم حزمة من التحفيزات للمعنيين من مواطنين وتجار وهيئات ومؤسسات، لتبرز من خلالها فوائد الانتقال من التعامل التقليدي إلى الدفع الالكتروني في تخصصاتهم وأثره عليهم.

ودعا ذات المتحدث للتحفيف من الضريبة المضافة والمقدرة ب 19 بالمئة، والتي تعتبر مرتفعة، ما قد يجعل البعض يفضل التعامل تقليديا بدون فاتورة ولا ضمان، ودون ترك أي أثر لعملية الشراء، وشدد على أن التوجه نحو الدفع الإلكتروني يستدعي إجراءات وتدابير لتشجيع المستهلك للإقبال تلقائيا على العملية.

وأكد بأن المساعي لتعميم العملية والرفع من نسبة المنخرطين فيها، لن تكون صعبة في حال توفير مناخ آمن، قائلا بأن المواطن توجه طواعية نحو الخدمات الإلكترونية الخاصة بعمليات تعبئة الرصيد "الفليكسي" والتسجيلات الخاصة بالبكالوريا، سكنات عدل والجامعة، ما يجعل من توسيعها أمر ممكنا.

ويرى أمين سويسي بأن تعميم الدفع الإلكتروني على قطاعات أخرى تستوجب مسايرة العملية بطريقة عقلانية، خاصة وأن المواطن لازال يتخوف من استخدام الدفع الإلكتروني ويعتمد في تعاملاته على  الدفع التقليدي "الكاش". وجدد رئيس اللجنة الوطنية للرقمنة بالجمعية الوطنية للتجار والحرفيين والمستثمرين، تأكيده بأن السلطات مطالبة في الوقت الراهن بإلغاء كل الرسومات للرفع من عمليات الدفع الإلكتروني والتخفيف الأعباء على المواطن والتاجر وتشجيعهم على تبني خيار الدفع الالكتروني، مشددا على أهمية مرافقة ودعم التجار من خلال إعفائهم من دفع مختلف الضرائب المترتبة عليهم لدعم وتعزيز عمليات الدفع الإلكتروني.

واستطرد، بأن اعفاء التجار من كل الضرائب خلال السنتين الأوليين، سيساهم في تحفيزهم للتحول تلقائيا من العمليات التقليدية للدفع الالكتروني، وفي المقابل فإن للسلطات الوصية مطالبة بتجنيد كل القطاعات المعنية بالعملية للمساهمة في انجاح المشروع وتوفير المناخ الملائم للتجار والالتزام بالخطابات الرسمية، كما أضاف بأن انجاح عمليات تعميم الدفع الإلكتروني تستدعي التحضير لأرضية رقمية وتحسين خدمة الإنترنت ووضع الأطر القانونية الخاصة بها لحماية كافة المعنيين، مشيرا إلى أن تعميم خدمة الدفع الإلكتروني وتطبيقها يستدعي تجسيدها على مراحل.

 80 مليار دولار ..

 وكشف أمين سويسي بأن الدفع الإلكتروني من شأنه امتصاص الكتلة النقدية، التي يجري تداولها في الأسواق الموازية ولا يعرف لها طريق للبنوك الرسمية، خاصة في ظل الوضع الاقتصادي الصعب، الذي أفرزته جائحة كورونا. وأضاف بأن التقديرات تشير لوجود أكثر من 80 مليار دولار يجري تداولها في السوق الموازية، مضيفا بأن قيام السلطات بتحفيزات وتضحيات سيمكن من امتصاصها وتحويلها للبنوك، ما سيعطي إضافة كبيرة الإقتصاد الوطني، غير أنه شدد على أن العملية لن تتم دون وجود تضحيات من قبل السلطات وتوفير بيئة ملائمة لكافة التجار.

وقال أمين سويسي بأن خيار الدفع الالكتروني أضحى ضرورة ملحة وليس اختيارا في الوقت الراهن، بالموازاة مع للتحولات التي يشهدها العالم، مشيرا إلى أنه من المستحيل الإبقاء على خدمة التعامل بالدفع التقليدي، منوها إلى أن التحول إلى الدفع الإلكتروني ستكون له آثار إيجابية على الإقتصاد الوطني. 

جهود متواصلة..

 تسارع السلطات العليا للبلاد الزمن لتفعيل الدفع الإلكتروني بمختلف القطاعات، من خلال الإجراءات والتدابير المتخذة لتوفير كل السبل اللازمة لتعميم العملية وتحفيز المواطنين التوجه نحو خيار الدفع الإلكتروني والإبتعاد عن الدفع التقليدي.

سجل ما يفوق مليوني عملية  تجارية عبر أجهزة  الدفع الإلكتروني (نهائيإت الدفع)، بمبلغ إجمالي يقارب 15 مليار دينار، أي بزيادة قدرت بنسبة 220 بالمئة، بالمقارنة مع سنة 2020، حسب ما كشفت عنه وزارة المالية. وتم مؤخرا توقيع اتفاقية للإطلاق الرسمي للتشغيل البيني بين المنصة النقدية لمؤسسة بريد الجزائر والتابعة للبنوك في مجال الدفع عبر الأنترنت، والتي تدخل في إطار المساعي الحثيثة للسلطات العليا للبلاد لتعزيز عمليات الدفع الإلكتروني والرفع منها.

وينتظر أن يتم خلال الأيام القليلة القادمة اطلاق عملية جديدة للدفع الإلكتروني بنهائيات الدفع (TPE )، بمختلف الفضاءات والأماكن التجارية، التي تحوز عليها، حسب ما كشف عنه رئيس اللجنة الوطنية للرقمنة بالجمعية الوطنية للتجار والحرفيين والمستثمرين في حديثه لجريدة الرائد.

من نفس القسم الوطن