الوطن

"الغربلة" تخلط أوراق الأحزاب

منع الاستخلاف يسقط مرشحين عشية انتخابات "السينا"

تنطلق بعد غد، انتخابات التجديد النصفي لأعضاء مجلس الأمة تحت وقع أزمة الاستخلاف التي لا تزال تعمّق الشرخ بين الأحزاب السياسية التي تستنكر حرمانها من تقديم مترشحين جدد لتعويض المقصيين في عدد من الولايات، والسلطة المستقلة للانتخابات التي تؤكد احتكامها إلى القانون وأداء مهامها في سبيل محاربة شبهات المال الفاسد.

لا تزال تداعيات أزمة المترشحين الذين طالتهم مقصلة المادة 200 في فقرتها السابعة من القانون العضوي للانتخابات، تصنع الجدل بين التشكيلات السياسية والسلطة المستقلة للانتخابات، ومع اقتراب موعد انتخابات التجديد النصفي لأعضاء مجلس الأمة المنتظرة بعد غد، تجد عديد الأحزاب صعوبة أو استحالة في تعويض المترشحين المقصيين بسبب غياب نص قانوني يحدد إجراءات الاستخلاف والطرق القانونية التي يعوض بها المقصيون، الأمر الذي دفع بالعديد منها إلى الاحتكام إلى القانون واللجوء إلى المحاكم الإدارية ومجلس الدولة من اجل إنصافها من "غربال شرفي"، فيما يرى رئيس السلطة المستقلة للانتخابات أن استخلاف المقصيين "لا وجود له في قانون الانتخابات"، موضحا أن القانون ينص على أن "الترشح لا يغير ولا يسحب"، محملا الأحزاب السياسية مسؤولية ما أسماه " حسن اختيار مترشحين تتوفر فيهم كافة الشروط المنصوص عليها قانونا لتجنب رفضهم لاحقا".

أحزاب بدون مترشحين ...و"هيئة شرفي" في قفص الاتهام

 وفي هذا الشأن، استنكر القيادي في التجمع الوطني الديمقراطي، العربي صافي، في تصريح لـ"الرائد"،

ما أسماه "عرقلة السلطة المستقلة للانتخابات عمل الأحزاب، عوض تسهيل عملية الترشح والمساهمة في إنجاح آخر محطة في مسار البناء المؤسساتي"، مستغربا أن تقوم السلطة برفض كل المترشحين ببعض الولايات ما يضعنا أمام سيناريو عدم وجود ممثلين عن تلك الولايات بمجلس الأمة، داعيا إلى مراجعة بعض مواد قانون الانتخابات، الذي أكد أن الحزب رافع منذ البداية  وقبل تنظيم الانتخابات المحلية وصدور قانون الانتخابات لصالح مراجعة هذا النص وتوضيحه، مضيفا "لفتنا في عديد المناسبات وخاصة خلال تنشيطنا للحملات الانتخابية إلى وجود مواد مطاطية تتطلب مزيدا من الوضح بما فيها المادة 200 منه، فمن غير المنطقي أن يكون اسخلاف وتعويض للمترشحين المقصيين من انتخابات المجالس المحلية ممكنا في حين يكون غير موجود في انتخابات التجديد النصفي لأعضاء مجلس الأمة، على الرغم من أن النص القانوني نفسه".

وفي رده على تصريحات رئيس السلطة المستقلة للانتخابات بشأن هذه النقطة، قال لعرابي إنه ومن المفروض أن يكون الاجتهاد الذي قام به شرفي "لصالح الأحزاب وليس ضدها"، مستنكرا عدم رده على المراسلة التي رفعتها له مجموعة من الأحزاب السياسية بشأن منع استخلاف المقصين، حيث شدد على أن سلطة الانتخابات "يجب أن تتكيف مع أهداف وجودها في الساحة السياسية"، مؤكدا أن تشكيلته السياسية تحرص كل الحرص على التوافق مع تطلعات رئيس الجمهورية الرامية إلى إعادة تجديد المؤسسات الدستورية، في حين وجدت عراقيل وصعوبات فرضتها سلطة الانتخابات التي اتهمها بممارسة " الأبوية" أكثر من الإدارة في الوقت الذي يفترض أن تدعم فيه الاحزاب وتسهّل مهامها.

شرفي : "القانون يمنع الاستخلاف وعلى الأحزاب حسن الاختيار"

وفي حوار خص به وكالة الانباء الجزائرية، أمس، أوضح رئيس السلطة المستقلة للانتخابات وجهة نظره "القانونية" لموضوع الاستخلاف في رد على تساؤلات الاحزاب وعلى الجدل الذي أثارته هذه النقطة، فقد أكد شرفي أن خيار الاستخلاف"لا وجود له في قانون الانتخابات"، مضيفا أن القانون ينص على أن "الترشح لا يغير ولا يسحب"، وهو ما يستدعي بالضرورة حرص الأحزاب على اختيار مترشحين تتوفر فيهم كافة الشروط المنصوص عليها قانونا لتجنب رفضهم لاحقان وواصل شرفي قائلا "أنا ملزم أمام القانون بضمان شفافية ومصداقية وقانونية الانتخابات وما تتحدث عنه بعض الأحزاب السياسية هو طعن في القانون وليس في السلطة في حد ذاتها"، داعيا الأحزاب إلى الطعن في المادة القانونية التي لفت إلى أنها مرت عبر "برلمان منتخب أفرزه الصندوق"، وبالتالي "بإمكان الأحزاب التي تمتلك ممثلين لها في هذا البرلمان، تقديم الاقتراحات والتعديلات لتغيير النصوص التي ترى فيها نوعا من النقص أو الغموض".

إلى ذلك، أوضح شرفي أن الكشف عن المترشحين ذوي الصلة بالمال الفاسد وإثبات هذه الشبهة، يتم اعتمادا على ما أسماه "مقاربة قانونية-اجتماعية"، فبناء على السمعة التي يعرف بها المترشح في الوسط الذي يعيش فيه، تقوم السلطة، في حال بروز معطيات حول وجود علاقة بينه وبين أوساط المال الفاسد، بطلب إجراء تحقيق حول المترشح المشبوه، وفقا لما يخوله لها القانون، ليضيف أن "التحقيق يكون أكثر عمقا كلما زادت المسؤولية الملقاة على عاتق المنتخبين"، فبالنظر إلى ثقل المترشحين لمجلس الأمة ودورهم في تمرير القوانين المتعلقة برسم سياسات البلاد مستقبلا، يتم اللجوء إلى تحقيقات "أدق وأشمل"، معلنا عن أن "السلطة سبق لها وأن قامت بعد الانتخابات المحلية الأخيرة بتنحية مترشحين بعد نجاحهم"، وهو إجراء يندرج تحت باب ما يسمى ب"العيب المستتر"، و هذا بمقتضى الفقرة الثانية من المادة 312 المتعلقة بعدم الأهلية للترشح.

 

من نفس القسم الوطن