الوطن

الفواصل .. السرقة المقنّنة ؟!

تجار، صيادلة ومؤسسات تجني الملايين من "الصرف"

غابت الفواصل عن كافة التعاملات النقدية في الجزائر مؤخرا موازاة مع موجات غلاء اثقلت كاهل المواطنين، وقد بات أغلب  التجار يستغلون غياب القطع النقدية الصغيرة لرفع الأسعار وجني أرباح إضافية على حساب المواطن البسيط، في حين هناك صيادلة وهيئات ومؤسسات خدماتية من باتوا يحققون أرباحا بالملايير سنويا بسبب "الفواصل" التي تبقي غير معترف بها في التعاملات.

 وموازاة مع استمرار موجات الغلاء مع بداية السنة تعود للواجهة قضية اختفاء قطع العملات النقدية الصغيرة من السوق حيث اندثرت قطعة 1 و2 دينار في حين توجد قطعة 5 دينار في طريقها للزوال حيث تشهد هذه الأخيرة تواجد أقل في التعاملات النقدية اليومية، وبغض النظر عن الأثر الكارثي الذي تخلفه هذه الظاهرة المالية على الاقتصاد الوطني وما تخفيه من أثار على نسب التضخم والاسعار فأن هذه الظاهرة باتت حجة للتجار لرفع الأسعار وجنى أرباح إضافية من جيوب المستهلكين.

  • "الصرف" يختفي من التعاملات التجارية

وخلال جولة قادتنا أمس لعدد من المحلات التجارية بالعاصمة وقفنا على اختفاء شبه تام لـ"الصرف" من تعاملات التجار مع زبائنهم حيث غابت كل القطع النقدية اقل من 5 دينار عن التعاملات وباتت لا يعترف بها في هوامش الربح والأسعار النهائية التي يفرضها التجار في حين أصبح الزبون محبر على اقتناء مواد بأسعار بقيمة "زوجية" أي 10 دينار و20 دينار و30 دينار فأغلب التجار باتوا يدعون عدم امتلاكهم لـ"الصرف" ويدفعون بذلك الزبون إما للتخلي عن حقه في الحصول على الباقي من أمواله او الحصول على منتجات لا يريدها عوضا عن "الصرف" وهي الظاهرة التي باتت ظاهرة عامة وليست استثناء وقد يبدو للبعض أن "الصرف" يعتبر مال لا قيمة له غير أن ذلك لا ينطبق  على التجار الذين يجنون أرباح اضافية كل شهر فقط من احتفاظهم بالقطع النقدية الصغيرة التي من المفروض أنها من مال الزبون.

  • صيادلة يجنون أرباحا طائلة

وليس فقط التجار من لا يعترفون بالفواصل في تعاملاتهم فالصيادلة هو أيضا باتو يحققون أرباحا بالملايين سنويا من هذه الفواصل فحوالي 90 بالمائة من  الادوية التي تتداول في الصيدليات أسعارها تتضمن فواصل غير ان جل الصيدليات دون استثناء لا تعترف بهذه الفواصل لدرجة ان هناك ادوية أسعارها في حدود 500,3 دينار تباع ب510 دينار أي أن الصيدلي يأخذ لنفسه 7 دينار كاملة بصفة غير قانونية، والغريب في الامر ان هناك بع المواطنين من يقتنوا اكثر من دواء من عند الصيدلي ومن الممكن في هذه الحالة جمع الفواصل للحصول على سعر ثابت دون فواصل في فاتورة الشراء النهائية غير ان الصيادلة يتعمدون الغاء الفواصل برفع سعر كل دواء على حدى من أجل تحقيق مزيد من الأرباح لتصل هذه الأخيرة للملايين سنويا فقط من ألغاء الفواصل في التعاملات اليومية.

  • مؤسسات خدماتية لا تعترف بما هو أقل من 50 دينار

وينطبق ما أشرنا إليه سابقا على مؤسسات خدماتية أيضا، حيث الغت هذه المؤسسات الفواصل من تعاملاتها فبسبب حجة غياب الصرف بات المواطن مضطر للتخلي عن 20، 30 وأحيانا 40 دينار على مستوى الشبابيك التابعة لهذه المؤسسات الخدماتية اثناء تسديده لمختلف الفواتير وهو ما يعتبر أرباح إضافية لهذه المؤسسات التي كان يمكنها تجنب ذلك بتوفير العملات النقدية الصغيرة لأعوانها على مستوى الشبابيك الخدماتية.

  • تعميم الدفع الإلكتروني .... الحل

 وفي هذا الصدد يؤكد الخبير الاقتصادي إسماعيل لالماس أن كافة القطع النقدية الصغيرة اختفت من السوق الجزائرية خلال السنوات الأخيرة، بسبب تنامي نسبة التضخم فكلما ارتفعت الأسعار وانخفضت القدرة الشرائية للمواطن الجزائري، إلا واختفت قطع نقدية صغيرة ويزول استعمالها من حسابات التجار، ويتعلق الأمر بقطعة 1 و2 دينار و50 سنتيما، في الوقت الذي تشهد قطع 5 دينار وأحيانا 10 دينار ندرة حادة في التعاملات اليومية. وألح لالماس على ضرورة التخلي عن التعاملات النقدية عبر الأوراق والقطع واستبدالها ببطاقات الدفع الإلكترونية وتعاملات رقمية تحافظ على القيم المالية والتعاملات حتى بالفواصل، وتقضي على التجاوزات الممارسة في السوق، معتبرا ان الذهاب نحو تعميم الدفع الإلكتروني سيقضى على ظاهرة غياب الفواصل في التعاملات والتي تعتبر اثارها خطيرة على  المنظومة المالية في الجزائر.

من نفس القسم الوطن