الوطن

النشاط التجاري... عندما تغيب الاحترافية وتطغى الفوضى والعشوائية!

تجار يتزاحمون على نفس الأنشطة ويتحايلون للظفر بالزبائن

يخضع ممارسة النشاط التجاري في الجزائر للفوضى وتغيب فيه الاحترافية في العديد من الجوانب خاصة ما تعلق بتحديد النشاطات التجارية الممارسة أين تتوزع أغلب الأنشطة التجارية عبر الأسواق ومراكز النشاط وحتى على مستوى الاحياء بشكل عشوائي غير مدروس بات يكرس لمزيد من الركود ويتسبب في بروز منافسة غير شرعية بين التجار الذين اصبحوا يتزاحمون على نفس الأنشطة ويلجؤون للممارسات احتيالية للظفر بالزبائن.

  • رواج أنشطة تجارية على حساب أخرى وفق مبدأ "العمل بالمثل"

وفي جولة قادتنا لبعض الأحياء بالعاصمة ، على غرار الجزائر الوسطى والأبيار وباب الوادي، وقفنا على ما أسماه أغلب التجار الذين تحدثنا اليهم بالفوضى، حيث قال أحد تجار المواد الغذائية الكائن محله ببلدية باب الوادي أن المبدأ القائم اليوم في ممارسة النشاط التجاري هي المنافسة غير المشروعة والعمل بالمثل، أي أن التاجر اليوم الذي يقرر ممارسة نشاط تجاري يزور المكان المراد اختياره، وعوض دراسة ما يتطلبه المكان، يبحث في الأنشطة التي تنتشر وتلقى رواجا ويقوم على الفور بممارسة نفس النشاط، مما نتج عنه خلق جو مشحون بالمنافسة غير المشروعة، وهو ما حدث مع محدثنا الذي كشف انه بالحي الذي يقيم به ويوم باشر النشاط كان أول من قام ببيع المواد الغذائية واليوم وبعد فترة وجيزة يزاحمه خمس تجار اختاروا نفس النشاط، على الرغم من صغر الحي موضحا أن القانون يتطلب أن تكون المسافة بين محل وآخر لنفس النشاط هو 500 متر إلا أن الواقع يثبت العكس، الأمر الذي جعله يؤكد أن اختيار النشاط التجاري عشوائي ولا يخضع لأية ضوابط، كما أن توزيع الأنشطة غير متجانس وعشوائي.

  • محلات للميكانيك تجاور محلات الأكل السريع!

ويضيف تجار اخرون بأن انتشار نفس الأنشطة جعل أخرى تغيب مطلقا، رغم الحاجة إليها، ففي احياء ، تنتشر فقط محلات بيع المواد الغذائية، بينما تغيب مثلا محلات بيع الأكل السريع والمخابز، مما يعني أن النشاط التجاري يخضع لرغباتوتقديرات التجار أنفسهم وللربح المتوقع لهم، فاحد الممارسات للحلاقة النسوية بذات البلدية أعربت في حديثها لـ"الرائد" عن تذمرها من إقدام تاجر على كراء المحل الذي يجاور محلها لتشحيم السيارات، مؤكدة أن الزبونات يعزفن عن دخول المحل بسبب انتشار عدد المركبات التي تحتاج إلى إصلاح، الأمر الذي أضر بنشاطها وأعطى صورة سيئة لمنظر المحل الخارجي، أما أحد الخبازيين ببلدية الجزائر الوسطى فيقول إن النشاط التجاري اليوم يفتقر للاحترافية، ولعل أحسن مثال على ذلك أن بالحي الذي يمارس فيه النشاط، تنتشر ثلاث مخابز بينما تغيب بعض الأنشطة كبيع الأكل السريع مثلا أو المواد الغذائية وهذا ما يؤكد وجود حالة من الفوضى، بينما تقول تاجرة اختصت في بيع الألبسة النسوية الجاهزة بأن وجود مقهى يجاور محلها جعل الزبونات يجدن حرجا في دخول المحل، الأمر الذي أثر على نشاطها، وترى أنه يفترض أن تكون هناك ضوابط معينة فلا يعقل مثلا أن يجاور محل لبيع الملابس النسائية مقهى أو محلا للخضر بل يفترض أن يكون هناك محل آخر لبيع الملابس ليكون هناك نوع من التناسق ويعطي صورة جميلة حتى من الجانب العمراني.

  • توزيع الأنشطة التجارية بالشكل الحالي لا يخدم الزبائن أيضا

من جهتهم يشتكي المواطنون من نفس الإشكالية مؤكدين وجود نوع من عدم التناسق في توزيع الأنشطة التجارية، فإما أن يكون هناك عدد من المحلات تمارس نفس النشاط، وتحديدا تلك التي تبيع المواد الغذائية، الأمر الذي يحتم عليهم التنقل بغية الحصول على بعض الحاجيات كمحلات بيع ملابس الأطفال التي تكاد تكون غائبة في الأحياء وتتمركز تحديدا في الأسواق، وإما أن يكون هناك توزيع لا يخدم الزبون كأن تجد مثلا محلا لبيع مواد التجميل يجاوره محل لبيع اللحوم، ويقابله محل لغسل السيارات أو لبيع الأشرطة، فالتنوع حاضر لكن التوزيع غير منظم.

  • بلنوار: خسائر الأزمة الصحية ضاعفت عشوائية توزيع الأنشطة التجارية

وفي تعليقه عن الفوضى الحاصلة في توزيع الأنشطة التجارية اعترف رئيس جمعية التجار والحرفيين طاهر بلنوار في تصريح لـ"الرائد" في وجود عشوائية في توزيع الأنشطة التجارية لأن القانون "يمنح للتاجر الحرية التامة في اختيار النشاط الذي ينوي ممارسته" وهو ما نتج عنه رواج لبعض الأنشطة التجارية على حساب الأخرى، مشيرا ا، هذه الظاهرة تفاقمت اكثر خلال الازمة الصحية أين تسببت ه    ه الازمة في خسار بالجملة للتجار في عدد من الأنشطة وهو ما دفعهم لتغير نشاطهم نحو نشاطات أكثر ربحية ولم تتأثر بالأزمة الصحية على غرار بيع المواد الغذائية وهو ما جعل هذا النشاط تحديدا مهيمنا في أغلب الاحياء دون ان يكون هناك تنوع كما أن هذه العشوائية في التوزيع يضيف ذات المتحدث زادت من حالة الركود خاصة الفترة الأخيرة أما بالنسبة للتوزيع غير المتناسق للأنشطة التجارية، كأن يجاور محل للألبسة محلا للميكانيك، فيقول محدثنا أنه لا وجود لأي قانون يمنع ذلك معتبرا أنه من الضروري إعادة النظر في القانون التجاري الذي ينظم سوق النشاط التجاري من خلال تقديم اقتراحات تعيد النظر إلى المقاييس التي تحكم توزيع نشاطات المحلات التجارية وهو ما سينهي هذه الاختلالات التي تضر بالتاجر وحى المستهلك.

من نفس القسم الوطن