اقتصاد

2022 .. رهان الاقلاع الاقتصادي

إجراءات جديدة للنهوض بالقطاع

سويعات قليلة وتطوي سنة 2021 صفحاتها، مخلفة رصيدا من الأحداث والإجراءات في شتى القطاعات، والتي تسعى من خلالها السلطات العليا للبلاد لتبني خطط جديدة وتصحيح الأخطاء السابقة.

نال القطاع الاقتصادي نصيبا وافرا من اهتمام السلطات العليا للبلاد، والتي تجلت في المحاور الكبرى لبرنامج الانعاش الاقتصادي، الذي تضمن 11 قطاعا، ويبقى تجسيد وتصحيح الأخطاء منتظرا سنة 2022.

 الخطوات الأولى ..

 تبحث السلطات العمومية آليات الخروج من مظلة المحروقات وتنويع الاقتصاد وخلق شعب منتجة، خاصة في ظل الأوضاع المتقلبة، التي تشهدها أسواق النفط خلال السنوات الأخيرة، اذ شرعت في تجسيد اصلاحات وبرامج من شأنها مد جسور حقيقية للاقتصاد الوطني.

اعتبر، أمس، الخبير الاقتصادي والنائب بالبرلمان عن حركة البناء عبد القادر بريش في حديثه لجريدة "الرائد"، بأن برنامج الانعاش الاقتصادي الذي يدخل ضمن مخطط عمل الحكومة، والذي قدم للبرلمان ونال الثقة والمصادقة عليه، ترجمة لبرنامج الرئيس في شقه الاقتصادي.

 

وأضاف بأن السلطات تسعى لتصحيح الاختلالات المسجلة في السنوات الأخيرة، مشيرا بأن الأشهر الأخيرة شاهدت تحسنا طفيفا، على الرغم من اكراهات وتأثيرات جائحة كورونا وانعكاساتها على الجوانب الاقتصادية والاجتماعية، إلا أن الإقتصاد الجزائري بدأ في الانتعاش خلال النصف الثاني من سنة 2021.

وشدد على تسجيل حركية في النشاط الاقتصادي،  من خلال المؤشرات والنتائج الايجابية المحققة، والتي برزت في تقلص عجز الميزان التجاري إلى 1 مليار دولار بعدما كان يتجاوز  10 ملايير دولار في نفس الفترة من عام 2020، كما واصلت الحكومة الضغط على الواردات لتقليص فاتورة الواردات، ما سمح بتحقيق نتائج غير مسبوقة في الصادرات خارج المحروقات قدرت ب  4.2 مليار دولار حتى شهر نوفمبر، فيما بلغ مستوى احتياطي الصرف لحدود 44,6 مليار دولار حتى شهر سبتمبر 2021، وهو الوضع الذي سيمكن من تحقيق الأمن المالي للدولة والقدرة على التسديد نحو الخارج.

 الصناعة ركيزة هامة..

 شدد رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، على ضرورة إيلاء قطاع الصناعة أهمية بالغة، كاشفا عن اتخاذ تدتبير وإجراءات  ملموسة واستعجالية لإحداث ثورة صناعية حقيقية ورفع مساهمتها في الاقتصاد الوطني، والتعويل عليها خلال السنوات القليلة القادمة.

وقال عبد المجيد تبون خلال كلمة ألقاها في افتتاح الندوة الوطنية حول الإنعاش الصناعي، أن الوضع الراهن الذي يتخبط فيه قطاع الصناعة يمكن تصحيح اختلالاته وتصويب الأخطاء السابقة له، مؤكدا اتخاذ العديد من الإجراءات والتدابير لتطهير القطاع مخلفات الفساد وهدر المال العام.

كما أكدت السلطات، بأن السنة القادمة ستشهد مواصلة الإصلاحات الإقتصادية لإرساء أسس الدولة العصرية، والتي تكفل حقوق المواطنين، كما أنها تعول على القطاع وتعتبره ركيزة  في التنمية المستدامة و دافع أساسي للنهضة الحقيقية.وتسعى من خلال الإصلاحات الجديدة للابتعاد عن كل الأخطاء السابقة، التي أفرزت تصنيعا مزيفا، لم تستفد منه البلاد.

 حلم السيارة إلى متى ..

 

 يعرف قطاع السيارات جمودا كبيرا، ولم تفلح معه تطمينات السلطات لإعادة الاستقرار له، إذا تعرف أسعار السيارات المستعملة ارتفاعا كبيرا، ما جعل البيع والشراء بمختلف أسواق ولايات الوطن يعرف ركودا كبيرا.وينتظر المواطنون افراج وزارة الصناعة عن دفتر الشروط الجديد، والذي قد يساهم في إعادة الإستقرار، خاصة وأن مصانع التركيب توقفت عن النشاط منذ فترة بالموازاة مع غلق باب الاستيراد، ما انجر عنه فوضى في الأسواق.

ويقدر وكلاء السيارات، الذين تحدثت إليهم جريدة الرائد، حاجيات السوق الوطنية في الوقت الراهن ب 600 ألف سيارة، داعين السلطات الوصية بالاسراع في للإفراج عن دفتر الشروط الجديد ووضعه على سكته الصحيحة.ومن جانبها وزارة الصناعة، أكدت بأن الثلاثي الأول من سنة 2022 ستعرف دخول دفتر الشروط الجديد، والتي تسعى من خلالها الوزارة لخلق صناعة حقيقية، والابتعاد عن كافة الأخطاء السابقة التي سجلت في القطاع.

 توجيه الدعم لمستحقيه..

 شرعت الحكومة في تجسيد مخطط اصلاحاتها، وأكدت عزمها توجيه الدعم لمستحقيه فقط، من خلال استهداف الأسر والفئات، التي تستحق الاستفادة من الدعم الاجتماعي بشكل خاص، وهو المشروع الذي ينتظر أن يعد بالتنسيق بين الوزارات المكلفة بالداخلية، المالية والإحصاء وكذا التضامن الاجتماعي.

ويقوم الإجراء على تحويل الدعم من عام يستفيد منه الجميع إلى موجه يستفيد منه المحتاج فقط، وأكد العديد من الخبراء بأن الإجراء بات ضروريا في ظل التحديات الراهنة، والتي تستدعي عقلنة وإرشاد النفقات العمومية وميزانية التحويلات الاجتماعية، التي تبلغ 17 مليار دولار، والتي يقتطع منها حوالي 3.5 مليار دولار لدعم الأسعار.وأشار العديد من الخبراء، بأن إعادة الدولة النظر في سياسة الدعم لا يعني التخلي عن سياستها الاجتماعية في دعم الفئات الهشة، لكونه مبدأ راسخ بالنسبة لها ومكرس في بيان أول نوفمبر وفي الدستور، كما أكدوا بأن السلطات العليا للبلاد جددت حرصها وتأكيدها  على دعم الطبقات الهشة والمتوسطة.

 وفي المقابل يبقى الوضع غير قابل للتطبيق دون خلقو وإنشاء منظومة إحصائية عصرية قوية وشفافة، من شأنها أن تعطي كل ذي حق حقه، وتوجيه الدعم لمستحقيه.وسيمكن استحداث المنظومة الإحصائية من وضع أسس حقيقية لإصلاح نظام الدعم، والتي ستمكن من وقف نزيف الخسائر التي تتعرض لها الخزينة العمومية، بسبب الدعم المعمم.

يشار إلى أن، مسعى اصلاح سياسة الدعم يندرج في اطار سلسلة الاصلاحات التي تعهدت بها الحكومة في مخطط عملها ونال قبول ومصادقة البرلمان بغرفتيه، والتي ستمسها تعديلات من خلال تأسيس جهاز وطني يعمل على تحديد السلع المعنية برفع الدعم عنها وتصنيف مستويات الدخل والأسر المؤهلة للاستفادة منه.

 الاقتصاد في مواجهة شبح البيروقراطية

 تبقى البيروقراطية سرطان ينخر العديد من القطاعات، وأثرت بشكل كبير على أداءات عديد الشعب وجعلتها تعرف ترديا.وطالب الخبير الاقتصادي عبد القادر بريش بالعمل على تذليل جميع العراقيل البيروقراطية قصد تقريب الادارة من المستثمر، والتي تضمنها مخطط عمل الحكومة.

وشدد محدثنا على ضرورة اعلان الحرب على الييروقراطية، التي اصبحت تشكل خطرا على الاقتصاد، مؤكدا على ضرورة تطبيق السياسة العامة للدولة، من خلال تفعيل الرقمنة واعادة والنظر في القوانين.كما طالب بالتطبيق الصارم للقانون والضرب من يد من حديد لكل من يعرقل مسار الاصلاحات ويعطل الملفات، خاصة وأن البيروقراطية تسببت في وقف وغلق الباب أمام العديد من المستثمرين وأجبرتهم على توقيف مشاريعهم.

 مراجعة الاتفاقيات...

 

 تبحث السلطات عن مراجعة كل اتفاقيات الشراكة مع كافة الهيئات، والتي تهدف لمراعاة مصالح البلاد والاستفادة منها، ولعب دورها المنوط بها.وكانت السلطات قد أكدت مراجعة اتفاق الشراكة مع الإتحاد الأوروبي، والتي من شأنها أن تعزز مكانة البلاد وتستفيد من مختلف المزايا التي توفرها هذه الاتفاقيات، على غرار الاعفاءات الجمركية، والتي ستمكن من رفع انتاج البلاد وصادراتها.

وتهدف البلاد لتقييم بنود اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوربي، بندا بندا، وفق نظرة سيادية ومقاربة رابح رابح، مع مراعاة مصلحة الاقتصاد الوطني.وأشارت السلطات العليا للبلاد، بأن بعض الاتفاقيات السابقة، التي جرى توقيعها مع الاتحاد الأوروبي، جاءت في ظروف كانت الدولة في وضع لا يمكنها من الوقوف الند للند، غير أنها شددت على أن الفترة القادمة ستعرف تغييرا، مشددة على أن أي اتفاقية اقتصادية يجب تكون ذات منفعة متبادلة بين الطرفين.

 رهانات وتحديات جديدة في 2022

 ويرى الخبير الاقتصادي عبد القادر بريش، بأن سنة 2022 ستشهد العديد من الإجراءات الجديدة، بعد اسكتمال البناء المؤسساتي وارساء مؤسسات تحظى بالشرعية، مضيفا بأن كل الجهود مركزة نحو الجانب الاقتصادي.وأضاف بأن سنة 2022 ستكون سنة اقتصادية بامتياز، وسيتم فيها فتح عديد الورشات الاصلاحية الهيكلية، كما ستعرف اصدار تراسانة من القوانين التي ترافق عملية الاصلاح.

 وينتظر أن تشهد السنة القادمة إصدار قانون  الاستثمار الجديد، تعديل القانون التجاري، بالإضافة إلى قانون الشراكة بين القطاع العام والخاص وكذاقانون التأمينات، فضلا عن قانون الجماعات المحلية واصلاح الجباية المحلية.

كما ستكون سنة 2022، سنة اختبار لتطبيق برنامج ومخطط عمل الحكومة وتحويل الاهداف الكبرى الواردة في مخطط عمل الحكومة الى خارطة طريق قطاعية ووضعها حيز التنفيذ، يضيف عبد القادر بريش.وترتكز الجهود أيضا خلال السنة الجديدة على تشجيع النمو والمقاولاتية وتنويع التمويل العمومي، بالإضافة إلى السعي لاسترجاع العقار الفلاحي والسياحي والصناعي غير المستغل ومنحه للمستثمرين الحقيقين.

من نفس القسم اقتصاد