الوطن

هكذا عاش الجزائريون "الجائحة" خلال 2021

استطاعوا التعايش معها رغم المآسي والأزمات التي خلفتها في عامها الثالث

استطاع الجزائريون خلال سنة 2021 أن يتعايشوا مع "الجائحة" رغم موجة ثالثة سجلت خلال هذه السنة كانت الأعنف والاشد برزت خلالها العديد من الأزمات فيما  واصلت الحكومة اتخاذ التدابير على اكثر من صعيد  لتسيير أمثل  لهذه الازمة الصحية بالمقابل  تباينت وتيرة التلقيح ضد الوباء في الجزائر بين الإقبال والعزوف والحملات المضادة  بينما عرفت هذه السنة تخفيف كلي لإجراءات الغلق  وعادت الحياة  لطبيعتها لتختتم السنة على وقع بوادر موجة رابعة يتخوف من خطورتها وتداعياتها خلال السنة الجديدة.

  • هكذا استطاع الجزائريون التعايش مع الوباء

وخلال 2021 كان التعايش السمة الأبرز لكل ما يتعلق بالأزمة الصحية حيث استطاع الجزائريون أن يتجاوزا الأثار السلبية المدمرة التي ميزت الأزمة في سنتها الأولى وحاولوا خلال السنة المنقضية أن يدخلوا مرحلة جديدة في التعامل مع الوباء وحتى على المستوى الرسمي فان الإجراءات التي اتخذت طيلة السنة كانت تشجع على "التعايش"  مع الأزمة حيث حرصت الحكومة من خلال تدابيرها على إعادة الحياة لطبيعتها وتحرير كافة الأنشطة التجارية والاقتصادية وإعادة فتح المجال الجوي.

  • موجة ثالثة الأكثر فتكا برعاية "دلتا" و"دلتا "

بالمقابل فان سنة 2021 وخلال الصائفة شهدت الجزائر موجة ثالثة من وباء كورونا كانت الأشد على الإطلاق حيث ارتفع مستوى الإصابات بسرعة كبيرة،  وشكلت سلالة "دلتا" 91 بالمائة من الإصابات في الجزائر، مما أدى إلى تشبع المستشفيات وسجلت ذروة الموجة الثالثة يوم 29 جويلية، حيت وصل عدد الإصابات يومها إلى قرابة 2000 حالة، كما بلغ عدد المصابين في المستشفيات حوالي 16 ألف حالة أغلبها في العاصمة وتيزي وزو وسطيف والبليدة، مع تسجيل ارتفاع في عدد الوفيات بسبب نقص الأوكسجين، وبعد حوالي شهر على دخول خطر الموجة الثالثة بدأ منحنى الإصابات في النزول ببطء بحوالي 100 إلى 200 حالة يوميا والأمور بدأت تتحسن نوعا ما، كما أن عدد المرضى في المستشفيات تراجع وهو من حسن من الوضعية الوبائية.

  • أزمات تبرزُ وصور للتضامن والتلاحم تنتصر...

وموازاة مع الموجة الثالثة صائفة 2021 برزت العديد من الأزمات التي عقدت الوضعية الوبائية أكثر في الجزائر أبرزها كانت ازمة نقص الاكسجين هذه الازمة استغلت أيضا من طرف "مافيا" للمضاربة وهو ما خلق مأساة إنسانية حقيقية لولا تدخل رجال الخير في البلاد، والسلطات العمومية حيث تم اتخاذ إجراءات استعجالية لتوفير الاكسجين عبر المستشفيات ورفع الإنتاج الوطني من هذه المادة ودخلت مصانع الحديد على خط الازمة وعملت على توفير أطنان من المادة يوميا لصالح المستشفيات، اما على المستوى الشعبي انطلقت موازاة مع الموجة الثالثة حملات تضامنية بالجملة حيث ساهم مواطنون ورجال أعمال في التبرع لصالح المستشفيات لتركيب محطات لتوليد الاكسجين كما تجندت الجمعيات الخيرية لتوفير قارورات الاكسجين والمولدات لصالح المرضي الذين يخضعون للاستشفاء الذاتي. وشهدت الجزائر، حملة انتقادات مسّت قطاعات وزارية وهيئات رسمية تنشط في مجال التضامن الوطني على غرار وزارة التضامن الوطني والهلال الأحمر الجزائري اللتان سجلتا غياب العمل التضامني الميداني كما شكلت مواقع التواصل الاجتماعي منصّة للحملات التضامنية ونداءات الاستغاثة بحثًا عن الأكسجين وأدوية مثل "لوفينوس" المضادة لتخثّر الدم، وصنع الجزائريون خلال الازمة مرة أخرى صورا للتلاحم والتآزر والدعم بينهم وبين الاطقم الطبية وهو ما جعل القطاع الصحي ورغم تسجيل خسار في الأرواح يخرج منتصرا من الموجة الثالثة وبأقل الاضرار.

  • العلامة الكاملة للجيش الأبيض خلال 2021

بالرغم من الوضع المتدهور صحيا خلال 2021 إلا أن القطاع استطاع السيطرة على الأزمة وتسييرها بأقل الأضرار وقد ساهمت عدة عوامل في هذه النتيجة منها جهود الجيش الأبيض الذي وقف في الصفوف الامامية في الحرب ضد كورونا وبذل السلك الطبي وشبه الطبي وكافة الفاعليين في قطاع الصحة طيلة اشهر خلال 2021 جهوداً كبيرة، في جميع المستشفيات، على امتداد مختلف ولايات الوطن، من اجل السيطرة على الوباء بينما دفع الجيش الأبيض فاتورة غالية جدا، من أبنائه بسبب الوباء، ومارس الاطباء طيلة السنة المنقضية مهامهم في ظروف صعبة، وكانوا في "فم المدفع" كما يقول المثل الجزائري، إذ تحدوا الواقع، بل أكثر من ذلك، تحدوا الوباء والموت حيث كانوا أكثر المعرضين للعدوى أكثر من غيرهم.

  • التلقيح... بين الإقبال، العزوف والحملات المضادة

بالمقابل فقد شكلت الموجة الثالثة وما خلقته من ماسي في بيوت الجزائريين دافعا للعديد من المواطنين لتلقي اللقاح بعدما كانت  عمليات التلقيح تعرف حملة مضادة عبر وسائل التواصل الاجتماعي وفي الشارع وشهدت عمليات التلقيح موازاة مع الموجة الثالثة وبعدها اقبالا كبيرا من طرف الجزائريين واطلقت السلطات الصحية آنذاك عمليات كبرى للتلقيح وكانت هذه العمليات تستهدف تلقيح 70 بالمائة من الجزائريين كما شملت عمليات التلقيح قطاعات عمالية وتواصلت الجهود لحث الجزائريين على التلقيح حيث نظمت قوافل للتلقيح تجوب الشوارع وتحط بالساحات العمومية وهو ما رفع من عدد الجزائريين الملقحين غير انه وبمجرد عودة استقرار الوضعية الوبائية فان عمليات التلقيح تراجعت بشكل كبير وتناقص الإقبال عليها من طرف الجزائريين خاصة مع نهاية السنة لدرجة تسجيل صفر ملقح جديد في عدد من المدن الكبرى في مقدمتها العاصمة وهو مأ أعاد جهود السلطات العمومية في ملف التلقيح خطوات نحو الوراء وتطلب إعادة بناء استراتيجية توعوية وإعلامية لاعادة حث الجزائريين على التلقيح الذي يبقي السبيل الوحيد للخروج من الازمة المستمرة.

  • هكذا استطاعت السلطات تسيير الازمة للعام الثاني بأقل الأضرار

وفيما يتعلق بتسيير الحكومة للازمة يلاحظ انتهاج هذه الأخيرة سياسة التعايش خلال 2021 فعدا لمرحلة الاستثنائية التي شهدناها خلال الموجة الثالثة والتي تطلبت تشديد الإجراءات فان الحكومة وطيلة 2021 اتجهت نحو تخفيف تدريجي لإجراءات الغلق على مراحل حيث استأنفت حركة الملاحة الجوية الدولية رسميا، في جوان 2021  وغادرت أول رحلة جوية، مطار العاصمة وعلى متنها أكثر من 200 راكب، نحو مطار "أورلي" بالعاصمة الفرنسية باريس، وتم فرض شروط صارمة على القادمين للجزائر ليتم تخفيف هذه الشروط تدريجيا بعد ذلك، بالمقابل شهدنا خلال سنة 2021 تحرير كافة الأنشطة الإقتصادية والتجارية التي كانت معلقة بما فيها إعادة فتح قاعات الرياضة وقاعات الحفلات وإعادة بعث التظاهرات الإقتصادية والثقافية كما تقرر خلال هذه السنة رفع الحجر الصحي الليلي كليا على الولايات التي كانت معينة بذلك منها العاصمة ورغم الحديث عن إمكانية العودة للحجر الصحي موازاة مع الموجة الرابعة التي استجدت نهاية السنة المنقضية ألا أن الحكومة استبعدت ذلك على الأقل الفترة الحالية.

  •  "التهاون" يعجل بالموجة الرابعة نهاية السنة

ومع نهاية السنة تخلّى غالبية الجزائريين عن الالتزام بإجراءات الوقاية من فيروس كورونا بعد التراجع المسجل في الحصيلة اليومية للإصابات الجديدة واستقرار الوضعية الوبائية، وأسقطوا مع ذلك ارتداء الكمامة من حساباتهم وضربوا بمسافات التباعد الجسدي عرض الحائط، كما تم تغافل وتجاهل تعقيم الأيدي وتطهيرها، فيما عادت عائلات أخرى إلى حضور الجنائز وتقديم التعازي في بيوت المتوفين وكذا تنظيم أفراحها ومناسباتها العائلية التي جمّدت خلال الموجة الثالثة للوباء والتي أودت بحياة الكثيرين. وإلى جانب ذلك تراجعت وتيرة الإقبال على مراكز التلقيح في مختلف ولايات الوطن، حيث أن تراجع الإصابات غرس الطمأنينة في نفوس المواطنين الذين أرعبتهم الموجة الثالثة بما أحدثته من آثار وخيمة على الصحة العمومية. كل هذا جعل الجزائر تنهي السنة على وقع موجة رابعة بدأت تظهر بوادرها من خلال ارتفاع منحي الإصابات اليومية

  • قلق من "أوميكرون" ومخاوف من كارثة في المستشفيات 

 وعبر المختصون طيلة الفترة الماضية عن قلقهم البالغ حيال المضاعفات التي تفرزها الوضعية الوبائية في البلاد وبالتحديد المدن الجزائرية الكبرى، التي تشهد تصاعدا مزعجا في حالات الإصابات ونسبة فتك مقلقة للغاية في الأيام الأخيرة وتوقع الخبراء  موعد ذروة الموجة الرابعة للفيروس التاجي كوفيد 19، بداية السنة الجديدة  وهو ما يعجل بدخول مستشفيات الوطن في حالة تأهب قصوى لمواجهة العدوى الوبائية المحتملة،  ولا يزال متحور "دلتا" الخطير الذي كان أكثر حضورا في مستشفيات الوطن في شهري جويلية وأوت،  يشكل خطرا محدقا على الجزائريين، مع بداية السنة بالموازاة مع ظهور متحور "أوميكرون" الجديد   والذي يمتاز بسرعة الانتشار، لكن يبقي أقل خطورة من متحور دلتا، فالمتحور الجديد أوميكرون ليس لديه الشراسة الكبيرة، لكنه ينتشر بسرعة فائقة.

  • الجواز الصحي لكبح "الرابعة" يدخل حيز التنفيذ

بالمقابل ولموجهة المخاوف التي برزت نهاية السنة بشأن تدهور الوضعية الوبائية فقد قررت الحكومة مع نهاية 2021 في اطار مسعاها لحماية المواطنين من فيروس كورونا (كوفيد-19) اعتماد الجواز الصحي للتلقيح كشرط للدخول والخروج من التراب الوطني والولوج إلى بعض الفضاءات والأماكن والمباني ذات الاستعمال الجماعي,  واعتمدت الحكومة "مسعى جديدا من خلال استحداث جواز صحي للتلقيح سبق وأن تم تفعيله للولوج إلى الملاعب وقاعات الحفلات كشرط للدخول والخروج من التراب الوطني والولوج إلى بعض الفضاءات والأماكن والمباني ذات الاستعمال الجماعي أو التي تستقبل الجمهور حيث تجري المراسم والحفلات والتظاهرات ذات الطابع الثقافي أو الرياضي أو الاحتفالي". ويتعلق الامر في مرحلة أولى بالملاعب وأماكن إجراء التظاهرات والمنافسات الرياضية, قاعات الرياضة والمنشآت الرياضية والمسابح وكذا الفضاءات والأماكن التي تحتضن لقاءات ومؤتمرات وندوات. كما يشمل هذا الإجراء قاعات السينما والمسارح والمتاحف وفضاءات وأماكن العروض وكذا فضاءات وأماكن إجراء الاحتفالات والتظاهرات ذات الطابع الوطني والمحلي بالإضافة الى القاعات والصالونات والمعارض وقاعات الحفلات والحمامات. وبالموازاة مع ذلك وضعت "ترتيبات لتكثيف عمليات تلقيح الموظفين وبعض أسلاك الإدارات والهيئات العمومية ومهن أخرى في قطاعات الخدمات والتجارة التي من المفروض أن تكون في الطليعة للإقبال على عمليات التلقيح والتي هي أكثر عرضة أو قد تكون من أكثر الناقلين للعدوى".

من نفس القسم الوطن