الوطن

الجزائر تفرض نفسها رقما مهما في اللعبة الدبلوماسية

2021.. عودة نشطة لحلّ الأزمات وتحركات حثيثة للوساطة

لن نبالغ أبدا إن قلنا إن الجزائر نجحت فعلا، خلال هذه السنة، في استعادة مكانتها الإقليمية والدولية، وفرض نفسها كرقم مهم في اللعبة الدبلوماسية، بفضل حنكة وزير الشؤون الخارجية رمطان لعمامرة الذي أبان قدرة كبيرة على فهم المتغيرات من حولنا، وتحديد الوقت الأنسب للتحرك والتعامل مع أكثر الملفات تعقيدا وعلى رأسها الملف الليبي، ولقد عززت الجزائر خلال 2021 خبرتها في شؤون الوساطة، ووسعت نشاطاتها لتسوية النزاعات وجمع الفرقاء بطرق سلمية، فكانت ليبيا، تونس وأزمة سد النهضة، أبرز الملفات في تحركات الدبلوماسية الجزائرية، وأتت بعدها دعوة احتضان لقاء جامع للفصائل الفلسطينية، لتؤكد أن الجزائر تغلب لغة الحوار لتحقيق المصلحة المشتركة.

عادت الدبلوماسية الجزائرية لتلقي بثقلها من جديد في مختلف الملفات الدولية والعربية، بعد العزلة التي شهدتها لحوالي سنتين كاملتين، ولقد سجلت الجزائر خلال 2021، حضورا بارزا ونشاطا دبلوماسيا مكثفا، وكانت لوزير الشؤون الخارجية رمطان لعمامرة سلسلة من الخرجات والزيارات لمختلف العواصم العربية والإفريقية، كما أثمرت جهوده الدبلوماسية لتسوية النزاعات وجمع الفرقاء بطرق سلمية، فكان للجزائر دور كبير في ملفات ليبيا، تونس وأزمة سد النهضة، وأثبتت الجزائر مجددا نيتها الطيبة في لم الشمل وتحقيق السلم بالمنطقة العربية من خلال الدعوة لاحتضان لقاء جامع للفصائل الفلسطينية، لتبقى الجزائر دائما جامعة للفرقاء وداعمة للغة الحوار خدمة للمصلحة المشتركة.

 خطوة إيجابية لحلحلة الأزمة الليبية

 باحتضانها للاجتماع الوزاري لدول جوار ليبيا، وإبداء رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون دعمه الثابت للأطراف الليبية، تكون الجزائر قد حققت خطوة  إيجابية لحلحلة الملف الليبي، ما أعطى دفعا جديدا لهذه القضية التي ظلت تراوح مكانها بسبب تعدد الاجندات الأجنبية ودعم المرتزقة من قبل قوات أجنبية، عطلت المسار السياسي والأمني لليبيا التي لم يتسن لها بعد الخروج من الفوضى التي تعيشها  منذ 10 سنوات، ولقد أجمع المشاركون في "اجتماع الجزائر" على نجاحه من مختلف الزوايا، حيث اكدت وزيرة الخارجية الليبية حينها، أهمية مرافقة دول الجوار للمسار السياسي والأمني لبلادها، كما اتفق المشاركون لأول مرة على  أبرز النقاط  المطروحة على جدول الأعمال، ما جعل رئيس الجمهورية يستبشر خيرا بما ستحمله الأيام القادمة لصالح ليبيا وشعبها المتطلعة للعيش بسلام  في ظل الوحدة والسيادة الوطنيتين.

ولقد أبدت الجزائر حرصا بالغا على دعم استقرار ليبيا، كون عدم استقرارها يعني عدم استقرار كل دول الجوار، وتوسمت خيرا من الاجتماع الذي أرادت أن يكون بادرة خير لانطلاقة جديدة لحلحلة القضية الليبية الصعبة لتلبية أمنيات وتطلعات الشعب الليبي الذي يعاني الأمرين في هذه الظروف الصعبة.

 الجزائر وسيطاً في أزمة سد النهضة

 أبدت الجزائر منذ البداية، استعدادها الكامل وغير المشروط للتدخل في حل أزمة سد النهضة، فكانت لوزير الشؤون الخارجية جولة إفريقية شملت القاهرة والخرطوم وأديس أبابا، تقدم خلالها بمبادرة عقد قمة ثلاثية تجمع بين بلدان المصب المتنازعة، لحل أزمة سد النهضة، وهو ما لاقى الترحيب والتأييد، وكانت أديس أبابا من بين الأطراف التي وجهت الدعوة للجزائر في التدخل والوساطة، بخاصة أنها بذلت جهوداً كبيرة في السابق في التوسط في النزاع الإثيوبي-الإريتري، وأجمعت جميع الأطراف على أن مبادرة القمة الثلاثية التي طرحتها الجزائر، تعتبر من لبنات اللقاءات الدبلوماسية الأخيرة.

 الجزائر ..داعم سياسي ومعنوي لتونس

 ختم رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون سنة 2021، بإجراء زيارة لتونس، تعد الأولة له منذ توليه الحكم في 2019، ليؤكد بذلك أن الجزائر تبقى الداعم السياسي والمعنوي والشريك الاقتصادي الأقوى لتونس، ولطاما كانت العلاقات الثنائية بين الجزائر وتونس طيبة ومتينة، لتجذرها التاريخي وعمق الروابط التي تجمع الشعبين على أكثر من صعيد.

وبالنظر إلى "العزلة" التي يعيشها الرئيس التونسي قيس سعيد في الجانب الدبلوماسي، تسعى الجزائر دوما لدعم شقيقتها في العودة إلى الساحة الدبلوماسية، وتلتزم بصون أمن ووحدة تونس، على غرار باقي الدول الجارة، ولقد قالها رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، صراحة في إحدى لقاءاته الصحفية، "نحن نساند تونس للخروج من النفق"، ليضيف "إن ما يمس تونس يمس الجزائر، وأن من تسول له نفسه المساس بأمن تونس سيجد الجزائر بالمرصاد".

 مكائد المغرب.. وقطع العلاقات

 تبنى المغرب منذ البداية، سياسة عدائية ضد الجزائر، بناها على الاستفزاز واللعب على وتر التفرقة والعمل على زعزعة الأمن الداخلي للجزائر، بلغت ذروتها حين طالب ممثل المغرب في الأمم المتحدة بـ"استقلال منطقة القبائل" ما دفع بالجزائر إلى استدعاء سفيرها بالرباط للتشاور حول وثيقة نشرها السفير المغربي في الأمم المتحدة تتضمن مساندة الرباط لاستقلال منطقة القبائل الجزائرية، كما لم تتوقف استفزازات المغرب عند هذا الحد، فقد أكد وزير الخارجية رمطان لعمامرة على ضوء المعطيات القائمة، أن المغرب "أصبح قاعدة خلفية لانطلاق اعتداءات ممنهجة ضد الجزائر"، متهما الرباط بالتعاون مع المنظمتين الإرهابيتين حركتي "الماك" و"رشاد".

وزاد تطبيع المملكة المغربية مع الكيان الصهيوني، الأمر تعقيدا، فعلى الرغم من أن الجزائر تعمل بمبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، إلا إن نظام المخزن، لم يتوان عن التحريض، خاصة بعد الاتهامات الباطلة التي أطلقها وزير خارجية الكيان الصهيوني، خلال زيارته للمغـرب، والتي أكد لعمامرة حينها أن وزير الخارجية المغـربي ناصر بوريطة، كان "المحرض الرئيسي" على تلك الاتهامات والتهديدات "الصهيونية"، وعلى ضوء كل هذه المعطيات وغيرها، أعلنت الجزائر شهر أوت المنقضي قطع علاقاتها الدبلوماسية مع المغرب.

 الجزائر... لسان حال القضايا العادلة

 وكما جرت عليه الأعراف الدبلوماسية الجزائرية، التي لم ولن تحيد عنها أبدا، بقي وتبقي الجزائر تدعم ومن دون أي شروط القضايا العادلة بالقارة الإفريقية والمنطقة العربية وكذا مختلف بقاع العالم، متمسكة بدعم حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره، وكذا إسماع صوت فلسطين في المحافل الدولية، وهو ما تسعى إليه من خلال احتضانها للقمة العربية المزمع عقدها شهر مارس المقبل، أين أكد رئيس الجمهورية خلال زيارة نظيره الفلسطيني للجزائر، أن "قمة الجزائر" ستجعل القضية الفلسطينية أهم محاورها، معلنا عن لقاء جامع للفصائل الفلسطينية من أجل الحوار ولم الشمل.

من نفس القسم الوطن