الوطن
إعادة بعث مشروع "الجزائر لا تنام"... الضرورة القصوى!
تعطّل لسنوات بسبب عدة عراقيل والأزمة الصحية وضعته طي النسيان
- بقلم سارة زموش
- نشر في 20 ديسمبر 2021
لم تتمكن السلطات العمومية في العاصمة ومدن كبرى أخرى من تجسيد مشروع "الجزائر لا تنام"، هذا المشروع الذي تعطّل لسنوات بفعل عدة عراقيل لتاتي أزمة كورونا وتضعه في طي النسيان بسبب تدابير الغلق والحجر الصحي والتي طبقت لأكثر من سنة ونصف غير أن الوقت الحالي يعتبر مناسب لإعادة اطلاق هذا المشروع باعتباره مشروع هام سيخدم بشكل كبير مساعي الإنعاش الاقتصادي فمن غير المعقول ان نتحدث عن "نقلة نوعية" في الاقتصاد الوطني وقطاعات واسعة تنهي خدماتها قبل غروب الشمس.
- مساعي الإنعاش الاقتصادي تستدعي إحداث ديناميكية مستمرة
وموازاة مع مساعي الإنعاش الاقتصادي التي بدأتها الحكومة وتراهن على تطبقها بداية من سنة 2022 تبرز مرة أخرى حاجة الاقتصاد الوطني للحركية والاستمرارية في بعض القطاعات، فقطاعات هامة ومحورية يعول عليها في انعاش الاقتصاد لا تزال تقدم خدماتها نهارا فقط على غرار قطاع التجارة، السياحة، النقل وقطاع الخدمات على غرار الخدمات المالية والبنكية وخدمات أخرى، وفي ظل هذه المعطيات فإنه بات من الضروري على السلطات العمومية إعادة احياء مشروع "الجزائر لا تنام" عبر العاصمة كمرحلة أولى وتعميمه على المدن الكبرى لاحقا، ويعتبر الخبراء في الإقتصاد ان مشروع "الجزائر لا تنام" يعتبر مشروع مهم سيخدم بشكل كبير مساعي الإنعاش الاقتصادي ويساهم بشكل مباشر في إعادة الحركية وانهاء الركود في عدد من القطاعات كما سيساهم تطبيقه فعليا على الأرض الواقع في جعل عدد من القطاعات تعمل بشكل يضاهي مواقيت العمل العالمية وهو ما يعني تقليص للخسائر التي تسجل بالملايير بسبب التفاوت بين ما هو معمول في الجزائر وما هو معمول في عواصم الدول العالمية التي لا تنام وتتواصل بها الحركية الخدماتية نهارا وليلا.
- "سبات شتوي" تعيشه العاصمة والمدن الكبرى بعد الغروب
ويتضاعف الركود التجاري والخدماتي في العاصمة والمدن الكبرى ليليا خلال فصل الشتاء تحديدا حيث تغيب الحركية بداية من الساعة السادسة مساءا ويتوقف النشاط التجاري بأغلب الاحياء والشوارع أين يغلق معظم التجار محلاتهم باكرا، بينما تغيب وسائل النقل سواء العمومية أو الخاصة عن الطرقات وهو ما يحرم المواطنين من التنقل بسهولة لاستغلال الفترة الليلية لممارسة مختلف نشاطاتهم، بالمقابل تنعدم مظاهر الحياة الثقافية بالعاصمة ليلا خاصة خلال فصل الشتاء وباقي فصول السنة حيث توصد دور السينما وقاعات الكتب أبوابها قبل الغروب، وتنتهي أيضا خدمات باقي القطاعات في وقت مبكر فالمؤسسات البنكية تنهي عملها عند الرابعة زوالا شانها شأن الإدارات والمؤسسات الخدماتية الأخرى بينما تغلق مراكز البريد أبوابها عند الخامسة مساءا.
- الأزمة الصحية قضت على اخر محاولات "إحياء" العاصمة ؟!
بالمقابل وبالعودة لمشروع " الجزائر لا تنام" وأين وصل بعد حوالي 8 سنوات من أطلاقه فأن معطيات على أرض الواقع تشير أن السلطات العمومية بالعاصمة لم تتمكن من تجسيد ولو 10 بالمائة من هذا المشروع لتاتي الازمة الصحية وما فرضته من تدابير للحجر الصحي والاغلاق وحظر التجوال لتدفن هذا المشروع كليا حيث خضعت العاصمة وأغلب الولايات وعلى مدار حوالي سنة ونصف لحجر منزلي ليلي وهو ما أوقف الحركة التجارية والخدمات العمومية خلال فترة الليل ودفن المشروع كليا.
- المشروع يخدم هذه القطاعات
ولا يتعلق مشروع الجزائر لا تنام بالحركية التجارية وحسب فهذا المشروع له جدوى اقتصادية تشمل العديد من القطاعات بما فيها القطاع التجاري الذي يعاني نوعا من الركود حيث يمكن لإحياء الحركية التجارية خلال فترة الليل ان تعوض فئات واسعة من التجار الخسائر التي تكبدوها السنتين الاخيريتين وترفع من أرباحهم وتخفف عنهم الضغط الضريبي، كما يمكن للمشروع إن تم إعادة إحياءه وتطبيقه فعليا على أرض الواقع أن يؤثر إيجابيا على قطاع الخدمات الذي يعتبر من بين اكثر القطاعات التي تضررت بسبب الأزمة الصحية كما يمكن للمشروع ان تكون له أثار إيجابية في تحسين الحركية السياحية في العاصمة ومدن كبرى، بالمقابل فان مشروع الجزائر لا تنام يمكن أن يحسن ويطور من خدمات قطاع النقل وينهي أزمة غياب وسائل النقل في الفترة المسائية والتي تعتبر نقطة سوداء في قطاع النقل كما يمكن لهذا المشروع ان يحي النشاط البنكي والمصرفي ليلا ويضع حد للبيروقراطية في هذا القطاع وينهي حالة الطوابير التي تعرفها البنوك والمؤسسات المالية ومؤسسات البريد على مدار اليوم ففتح البنوك ومؤسسات البريد ليلا سيخفف حتما الضغط على هذه الأخيرة فترة النهار.
- بلنوار : إعادة إحياء وانجاح المشروع ممكن بشرط!
وعن المشروع أكد رئيس جمعية التجار والحرفيين طاهر بلنوار ان هذا الأخير يوجد في طي النسيان معتبرا في تصريحات لـ"الرائد" أن الأزمة الصحية أرجعته خطوات نحو الوراء وأشار بلنوار أنه قبل الأزمة الصحية كان المشروع يراوح مكانه بسبب عراقيل عديدة وعدم تهيئة الظروف المناسبة لإنجاح هذا الأخير لتأتي الأزمة الصحية وإجراءات الحجر الصحي على العاصمة ومدن كبرى لتقضي على المشروع نهائيا، مضيفا أن الوضع الراهن وتخفيف إجراءات الحجر موازاة مع مساعي للإنعاش الاقتصادي يجب أن تكون محفزا لإعادة اطلاق هذا المشروع الذي لا يعتبر مشروع له صبغة تجارية وحسب وانما يمكن لهذا الأخير حسب بلنوار أن يحدث فارق كبير في شكل الاقتصاد الوطني، وأضاف بولنوار أن الشرط الأساسي لإنجاح المشروع هو أن يشمل هذا الأخير كل القطاعات وليس القطاع التجاري معتبرا في سياق حديثه أن تطبيق إدارة جوارية لا تنام، والعمل على فتح البنوك ومصالح البريد والبلديات وتنظيم الاجتماعات والنشاطات الثقافية والرياضية ليلا، يمكن ان يخدم المشروع أن كانت للسلطات العمومية نية في إعادة إحياءه.
- سراي: نوم العاصمة باكرا يكبد قطاعات واسعة خسائر بالجملة
من جهته اعتبر الخبير الاقتصادي عبد المالك سرّاي أنه من الضروري إعادة إحياء مشروع الجزائر لا تنام حتى تواكب عدد من القطاعات الديناميكية الإقتصادية التي تسعى لها الحكومة وأشار سراي في تصريحات لـ"الرائد" أنه موازاة مع مساعي الإنعاش الاقتصادي ومحاولات احداث نقلة نوعية في الاقتصاد الوطني فأنه من الضروري أن نركز على عامل الاستمرارية في الخدمات سواء تجارية او مصرفية او حتي خدمات النقل مضيفا ان الجزائر العاصمة هي تقريبا العاصمة الوحيدة التي تنتهي فيها الحركة بحلول الليل وهو ما يكبد قطاعات واسعة خسائر بالجملة. وقال سراي أن تجسيد مشروع "الجزائر لا تنام" يتوقف على منح جملة من الامتيازات والتسهيلات لفائدة الملتزمين بالمشروع من التجار والناقلين الخواص وحتي الشركات الخدماتية والشركات السياحية كمنحهم تسهيلات جبائيه و توفير خدمات أمنية أكبر .
- سنوسي: لا حديث عن تطوير السياحة و"الحياة تنتهي" عند السادسة!
من جانبه قال نائب رئيس الوكالات السياحية الياس سنوسي في تصريح لـ"الرائد" ان غياب الحركية عن العاصمة وحتى المدن الكبرى ليلا يقتل أي مساعي لانعاش السياحة الداخلية في الجزائر معتبرا انه حان الوقت لتكون العاصمة كغيرها من عواصم العالم ليس في الصيف فقط وانما على مدار السنة وفي كل الفصول وقال سنوسي أن مشروع " الجزائر لا تنام" فشل في البداية لأنه لم يتم توفير الظروف الملائمة له معتبرا ان إعادة إطلاقه يعتبر ضرورة قصوى خدمة لقطاعات أخرى منها قطاع السياحة الذي تضرر كثيرا من الذهنيات الموجودة.