اقتصاد
الاقتصاد الوطني يعود إلى سكة النمو
الجزائر تحقق فائضا في الميزان التجاري بعد سنوات من التراجع
- بقلم عزيز طواهر
- نشر في 19 ديسمبر 2021
بعد سنة 2020 التي تميزت بالتداعيات السلبية لجائحة كورونا، عادت الجزائر في سنة 2021 إلى مسار النمو والتوازنات المالية، مسجلة انطلاقة اقتصادية جديدة للبلاد.
بعد تراجع بنسبة 4.9 بالمائة في سنة 2020، سجل الناتج المحلي الخام ارتفاعا قياسيا فاق نسبة 6 بالمائة خلال الثلاثي الثاني لـ 2021، وهي نتائج تظهر التعافي الاقتصادي الذي تشهده البلاد خلال السنة الحالية. وتمكن الاقتصاد الجزائري من العودة للنمو بفضل النتائج الايجابية المحققة في شتى القطاعات، وعلى رأسها قطاع المحروقات الذي سجل ارتفاعا في القيمة المضافة القطاعية بنسبة 10.3 بالمائة (مقابل -10،2 بالمائة في سنة 2020).
وفي هذا الإطار، تظهر الارقام الرسمية ارتفاعا ملحوظا في صادرات المحروقات، بنسبة 60 بالمائة من حيث القيمة و12 بالمائة من حيث الحجم، فيما سجلت الصادرات خارج المحروقات، مستوى تاريخي غير مسبوق منذ الاستقلال، محققة حوالي 5 مليارات دولار ( 160 بالمائة مقارنة بسنة 2020).
وبالنسبة للجزائر التي لا يزال اقتصادها مرتبطا بشدة بمداخيل المحروقات، فان السنة المنقضية كانت اكثر سخاء من سنة 2020 من حيث سعر البرميل، إذ انتقل المعدل السنوي لمزيج "صحراء بلند" من 41،8 دولار إلى اكثر من 65 دولار. ويعود تحسن الاسعار هذا بشكل رئيسي إلى انتعاش الاقتصاد العالمي وجهود منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) وحلفائها، من اجل الحفاظ على توازن السوق.
وبالموازاة مع ارتفاع الصادرات، فإن الواردات قد سجلت من جانبها انخفاضا محسوسا لتصل الى 30 مليار دولار، أي نصف قيمتها قبل 10 سنوات.ويتعلق الامر ب"انخفاض هيكلي وليس ظرفي" حسب رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، كما أنها نتيجة "تعكس مستوى الفساد والتبذير الذي عرفه البلاد خلال السنوات السابقة"، حسب تصريحات الوزير الاول، وزير المالية، ايمن بن عبد الرحمن.
وبفضل تجسيد سياسة ترشيد الواردات، تمكنت البلاد بعد سنوات من العجز، من تسجيل فائض في الميزان التجاري بأكثر من مليار دولار في نهاية نوفمبر وهو رصيد إيجابي مرشح لأن يتجاوز قيمة 2 مليار دولار في نهاية السنة.وعليه، فإن مداخيل صادرات البلاد قد سمحت بتغطية تكاليف الواردات في 2021 دون اللجوء الى احتياطات الصرف.
وبالنظر لهذه النتائج، فإن عجز ميزان المدفوعات لن يتجاوز 5 مليارات دولار في 2021 مقابل 16 مليار في 2020، وهي أرقام كانت إلى غاية وقت قريب "بمثابة حلم"، حسب تعبير الوزر الأول، غير أن الجائحة كانت له رغم ذلك اثار ملموسة على التضخم، الذي ارتفع إلى 5 بالمائة بنهاية السنة (مقابل 2،4 بالمائة في 2020)، بسبب ارتفاع اسعار المواد الاولية على المستوى الدولي وتكاليف اللوجيستيك وهو ما دفع بالاسعار إلى الارتفاع محليا.
كما زادت الازمة الصحية التي عرفتها البلاد منذ الثلاثي الاول من 2020 -على غرار بقية العالم- من تفاقم عجز الميزانية جراء ارتفاع النفقات الموجهة لمواجهة الاثار المالية للازمة.لكن وعكس بعض السيناريوهات المتشائمة، فان الجزائر لم تلجأ الى طبع الاوراق المالية ولا الى الاستدانة الخارجية، حيث تم تمويل الخزينة بشكل كلي من خلال اللجوء الى اليات الخزينة وصندوق ضبط الايرادات.
ويعتبر مجلس إدارة صندوق النقد الدولي في هذا الصدد أن "التصدي السريع للسلطات الجزائرية، قد سمح بالحد من الاثار الصحية والاجتماعية للازمة".وأكد مجلس إدارة الصندوق في ختام مشاوراته مع الجزائر لسنة 2021، ان 'الاقتصاد الجزائري بصدد التعافي التدريجي من الصدمتين التي تعرض لهما معا في ان واحد خلال 2020، وهما وباء كوفيد- 19 وانخفاض اسعار النفط".
وفضلا عن الاصلاحات الهيكلية واجراءات التصدي للأزمة الصحية، فان سنة 2021 قد تميزت ايضا بتعزيز الترسانة القانونية المسيرة للاقتصاد، لاسيما مع بداية السريان الفعلي للقانون الجديد للمحروقات، وإعداد قانون جديد للاستثمارات والمصادقة على قانون يجرم المضاربة.