الوطن

سوق العقار يدخل "الإنعاش"...؟!

يعيش ركود حاد منذ سنوات وتحكمه المعاملات غير الشرعية

تفاقم الركود الحاد في أسواق العقار بالجزائر السنوات الأخيرة فيما لا تزال تهيمن المعاملات الموازية على أكثر من 90 بالمائة من الصفقات التي تتم وهو ما تسبب في اختفاء تدريجي للوكالات العقارية حيث أفلست حوالي 70 بالمائة من الوكالات الموجودة في السوق خلال الخمس سنوات الأخيرة فيما تبقي معضلة الأسعار مطروحة بالأسواق وهو ما أدخل السوق "الإنعاش" و جعل العقّار اخر اهتمامات الجزائريين.

  • ركود حاد يضرب السوق منذ سنوات والوكالات مهددة بالإفلاس

ويعاني سوق العقار منذ سنوات أزمة حادة تفاقمت بشكل أكبر السنتين الأخيريتين بسبب الأزمة الصحية وأزمة القدرة الشرائية التي يعاني منها أغلب الجزائريين، حيث بات العقار أخر اهتمامات المواطنين سواء من الطبقة المتوسطة وحتى من أصحاب الشكارة وهو ما  أدى لإفلاس حوالي 70 بالمائة من الوكالات العقارية المتواجدة بالسوق حيث وضعت هذه الوكالات حدّا لعملها في حين تصارع المتبقيّة منها للبقاء، ويري عدد من أصحاب وكالات عقارية تنشط في العاصمة أن نشاطهم آيل إلى الزوال نتيجة الركود الذي يعصف بسوق العقار منذ سنوات  مرجعين السبب  في هذا الركود إلى الغلاء الملفت للإنتباه في أسعار الشقق والمنازل التي صارت تتراوح ما بين 600 مليون سنتيم وأربعة ملايير سنتيم حسب مجموعة من المعايير المعتمد عليها المتعلقة بالموقع والحيّ والمساحة. من جانب اخر كشف مسيرو هذه الوكالات العقارية أن سوق الكراء أيضا تأثر السنتين الاخيريتين بسبب الازمة الصحية فكراء الفيلات والمقرات الكبرى التي كانت تبحث عنها مؤسسات أجنبية وأصحاب المال ورجال الأعمال، تراجع بسبب ازمة كورونا مؤكدين أن الشقق وخاصة المتكوّنة من غرفة أو غرفتين، باتت غير مطلوب بشدة السنوات الاخيرية بسبب الوضع الصحي وهو ما يعني خسائر إضافية للوكالات العقارية.

  • فراغات قانونية وسيطرة السمارة مستمر

بالمقابل لا يزال سوق العقار في الجزائر يعاني العديد من الفارغات القانونية والتجاوزات والتي سمحت للسماسرة بالسيطرة على هذا الأخير حيث تشتكي الوكالات العقارية من تهميش دورها ومعاناتها البطالة في وقت يسيطر السماسرة على المعاملات الضئيلة التي لا تزال تجري في السوق وهو ما يهدد وجود الوكالات من جهة ويضر بالخزينة العمومية التي لا تستفيد بسنتيم واحد من هذه العاملات، وغالبا ما يلجأ الباحثون عن شقق للكراء على وجه الخصوص إلى المواقع الإلكترونية، ومختلف الإعلانات المنشورة على مواقع التواصل الاجتماعي للبحث على عقار ظنا منهم أن هذا السبيل سيوفر عليهم مصاريف الوكالة العقارية والضرائب، لكنهم لا يدركون أن هذه المعاملات غير المعتمدة قد تعرضهم للتحايل من طرف مافيا العقار، ما قد يكلفهم خسارة كل ويري متعاملون في سوق العقار أن الفوضى الحاصلة في قطاع السكن، غذت أطماع بعض الانتهازيين الذين حوّلوا كل المستودعات والأماكن التي يملكونها إلى سكنات دون مراعاة أدنى الشروط، مثل منافذ التهوية وقنوات الصرف الصحي داعيين لاعتماد معايير صارمة في الكراء وسن قانون يجبر الباحثين عن كراء عقار او حتي الشراء على المرور بالوكالات العقارية حتى يتم تنظيم هذه المعاملات بشكل يحسن من نشاط الوكالات ويضمن مداخيل إضافية للخزينة العمومية تحصل من الضرائب المفروضة على كراء وشراء العقارات في الجزائر.

  • عويدات: الوكالات العقارية باتت تحت رحمة "البزناسية"

وعن واقع سوق العقار في الجزائر السنوات الأخيرة  يرى رئيس النقابة الوطنية للوكالات العقارية، عبد الكريم عويدات أن هذا الأخير لا يزال يعيش فوضى كبيرة ولم تنجح مختلف القوانين في انهائها  مشيرا في تصريحات لـ"الرائد" أن هذه الفوضى تدفع ثمنها الوكالات التي اختفي أزيد من 70 بالمائة منها من السوق، وأشار عويدات في السياق ذاته أن سوق العقار يعيش ركود من سنوات بسبب معضل الأسعار وتراجع الاقبال واسقاط شراء عقار من حسابات الجزائريين مشيرا ان هذه العوامل بقيت قائمة منذ سنوات وهو ما جعل نشاط الوكالات العقارية مهدد، وواصل المتحدث قائلا بأنه  أغلب الوكالات العقارية أصبحت تحت رحمة "بزناسية" العقار الذين يفرضون منطقهم في الميدان، مضيفا أن التعامل عبر القنوات غير الرسمية وبعقود عرفية يوقع عشرات المواطنين ضحية احتيال لعدم وجود أي وثيقة رسمية تثبت انتقال الملكية، فضلا عن المشاكل التي يغرق فيها الزبون كطبيعة الوعاء الفلاحي وغير المطابق لشروط التعمير. ويرى ذات المتحدث أن انتشار ظاهرة "البزنسة" والاحتيال صعب من عملية إحصاء عدد المعاملات العقارية والأموال التي يستقطبها سوق العقار سنويا، داعيا الجهات الرسمية، إلى تحمل مسؤوليتها الكاملة في مجال تطهير ملف العقار.

  • اقتراح سعر مرجعي "مسقف" لبيع وكراء العقارات عبر الوطن

وفي السياق ذاته وأرجع عويدات بقاء سعر العقار مرتفعا إلى استحواذ الدخلاء والسماسرة على أكثر من 90 بالمائة من سوق العقار في الجزائر، والباقي الآخر في يد الوكلاء المعتمدين. وهي نسبة قليلة جدا، حسبه، تصعب عمل الوكالات المعتمدة في تنظيم الأسعار، وطالب المتحدث من وزارة السكن التدخل لتنظيم السوق وإصدار مراسيم تجبر الجميع على المرور عبر الوكالات المعتمدة على غرار ما هو موجود في البلدان المتطورة، مشيرا أن فدراليته سبق وتقدمت  لوزارة السكن والعمران بمقترح ضبط سوق العقار بالجزائر عن طريق إنشاء لائحة وطنية تُدون فيها أسعار المتر المربع لكل قطعة أرض إلى جانب سعر الشقق والعقارات على مستوى الأحياء والبلديات بكل ولاية، بإشراك جميع الوكالات العقارية في محاولة لضبط الأسعار في سوق العقار وإبعادها عن يد "السماسرة" وأضاف المتحدث، أنهم راسلوا وزارة السكن والعمران لإشراكها في هذا المشروع، أو إعطاء موافقتها المبدئية لمباشرة العملية، مؤكدا استعداد نحو 1700 وكالة عقارية قانونية منضوية تحت لواء الفدرالية الوطنية للوكالات العقارية، المشاركة لتسجيل مُساهمتها في تدوين وإنشاء لائحة وطنية لمتوسط سعر العقارات بالجزائر، مضيفا أن العملية يمكن أيضا توسيعها إلى الوكالات العقارية الأخرى إذ تحصي الجزائر نحو  6300 وكالة عقارية أغلبها في الجزائر العاصمة غير أنهم لم يتلقوا أي رد من الوصاية مشيرا أن تغيير الوزراء في القطاع أكثر من مرة عطل أيضا أي مساعي لتنظيم جلسات حوار أو تفعيل أي مقترحات.

من نفس القسم الوطن