اقتصاد

الاستثمار الأجنبي المباشر لدعم الإنعاش الاقتصادي

إحداث ديناميكية جديدة في الاقتصاد الوطني لن يكون دون شراكات "رابح رابح"

تسعى الجزائر ضمن خطتها للإنعاش الاقتصادي تطبيق إصلاحات هيكلية على مستويات اقتصادية متعددة بهدف رفع إنتاجية عدد من القطاعات، تنويع الصادرات وإيجاد بدائل تحقق الثروة غير قطاع المحروقات، ويري الخبراء في الاقتصاد أنه لتحقيق هذا المسعى يجب العمل على رفع حجم تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة والبحث عن شركاء حقيقيين مستعدين للتعامل وفق مبدأ "رابح ــ رابح"، معتبرين أن الاستثمار الأجنبي المباشر هو "رقم" مهم في معادلة الإنعاش الاقتصادي.

  • تراجع معدل الاستثمارات الأجنبية في الجزائر لهذه الأسباب

وقد  انخرطت الحكومة منذ فترة في مسعى أحداث ديناميكية جديدة للاقتصاد الوطني تهدف للتخلص من التبعية للمحروقات وبدأت العمل على اكثر من صعيد لتحقيق هذا الهدف من خلال تحسين عدد من المؤشرات الإقتصادية التي تدهورت الفترة الأخيرة بسبب الأزمة الصحية وقبلها الازمة السياسية التي سبقت تولي الرئيس عبد المجيد تبون تسيير شؤون البلاد، وبالعودة للأرقام والإحصائيات فإن معدل تدفق الاستثمار الأجنبي المباشر في الجزائر يعد من بين أكثر المؤشرات تدهورا حاليا حيث أنخفض هذا الاستثمار الأجنبي بحوالي 19 في المائة، وسجل تراجعا من مليار و382 مليون دولار عام 2019، إلى مليار و125 مليون دولار سنة 2020، في انتظار الإحصائيات الخاصة بسنة 2021 في حين تبقي اهم الاستثمارات تسجل في قطاع المحروقات، ويعتبر الخبراء في الاقتصاد أن عوامل وأسباب كثيرة كانت السبب وراء هذا التراجع منها غياب  استراتيجية عامة في مجال الاستثمار، تضمن خلق شراكات مربحة مع الأجانب وتغيير التشريعات والقوانين كل مرة وعدم  ثباتها بشكل يبعث على الثقة في نفوس المستثمرين، بالإضافة إلى البيروقراطية الإدارية المستمرة والتي تعتبر معرقل أساسي  لتدفق الاستثمارات الأجنبية.

  • الحكومة تستنفر دبلوماسيتها الإقتصادية لجلب شركات "رابح رابح"

 ولمواجهة هذا النزيف في الاستثمارات الأجنبية المباشرة فأن الحكومة استنفرت منذ فترة دبلوماسيتها الإقتصادية في الخارج، وانتقد الوزير الأول أيمن بن عبد الرحمن مؤخرا في مؤتمر رؤساء البعثات الدبلوماسية والقنصلية الجزائرية غياب الاستثمارات الأجنبية المباشرة  معتبرا أنه "لا يعقل ألا تستفيد بلادنا مما حباها الله من موقع إستراتيجي هام وموارد طبيعية كثيرة، حيث لم يتعدى حجم الاستثمار الأجنبي الـمباشر معدل 1.3 مليار دولار في السنة، أغلبها في قطاع المحروقات؛ وهو رقم بعيد جدا، بل يكاد ينعدم، مقارنة بدول أخرى لا تملك من الإمكانيات والموارد ما تملكه بلادنا" ودعا بن عبد الرحمن رؤساء البعثات الدبلوماسية والقنصلية للعمل على تحسين تدفق الاستثمارات الأجنبية للجزائر من خلال العمل على  تصحيح بعض الصور النمطية عن الجزائر والمتداولة، لدى بعض الترتيبات الدولية في مجالات تنافسية الاقتصاد والتجارة والابتكار والبحث العلمي وغيرها، والتي لا تعكس، في الكثير منها حقيقة المؤشرات الاقتصادية الوطنية، وذلك من خلال متابعة دقيقة لهذه الترتيبات الدولية، والحرص على وصولها إلى المعلومة الصحيحة والرسمية، بدل الاتكال على تقارير مغلوطة ومجانبة للصواب".

  • هكذا يمكن للاقتصاد الوطني ان يستفيد من الاستثمار الأجنبي

بالنظر لما يعانيه الاقتصاد الوطني من اختلالات هيكلية فأن تعزيز الاستثمار الأجنبي المباشر يعتبر أولوية فالرفع من تدفق الاستثمارات الأجنبية في الجزائر من شأنه ان يسرع التنمية الاقتصادية كما أنه ضروري لزيادة المدخرات المحلية وإدخال تقنيات جديدة وتوفير المهارات الإدارية المناسبة وتعزيز الكفاءة من خلال المنافسة والوصول إلى الأسواق الخارجية. كما يمكن للاستثمارات الأجنبية أن تخلق الاف مناصب الشغل حاليا في وقت يعاني فيه قطاع الشغل من ركود حاد ما ادي الى ارتفاع نسب البطالة بشكل ملحوظ منذ بداية الجائحة، كما ان الاستثمار الأجنبي المباشر يعد المفتاح لنقل المهارات وتحويل التكنولوجيا وتطوير الصادرات.

  • مبتول: هناك إرادة سياسية واضحة لتحسين مناخ الاستثمار في الجزائر

 وعن واقع الاستثمار الأجنبي في الجزائر وتأثريه على مساعي الإنعاش الاقتصادي أكد أمس الخبير الاقتصادي عبد الرحمن مبتول في تصريح لـ"الرائد"  أن الاستثمار الأجنبي يعتبر حاليا رهان يجب ان ترفعه الحكومة والدبلوماسية الاقتصادية مضيفا أن هناك عديد فرص الاستثمار في الجزائر في شتى قطاعات النشاط وهو ما يجب ان يتدعم بتوفير مناخ مناسب للمستثمرين الأجانب وقال مبتول أن الاستثمار الأجنبي تعطل بشكل شبه كلي بسبب جائحة كورونا وهو ما على الحكومة معالجته سريعا خاصة في ظل الازمة التي ما يزال يعيشها الاقتصاد الوطني، وأشار ذات الخبير أنه يجبب توفير العديد من الشروط لرفع مستوي الاستثمارات المباشرة في الجزائر في مرحلة ما بعد كوفيد 19 مشيرا أن كسب ثقة المستثمرين لا يكون فقط في توفير المناخ الاقتصادي المناسب، ولكن أيضًا فيما يتعلق بالتطورات السياسية على المدى المتوسط والطويل، معتبرا ان الاستقرار الذي تعيشه الجزائر حاليا والإرادة السياسة الواضحة لتطوير الاقتصاد يمكن ان تكون عامل جذب للاستثمارات الأجنبية المباشرة حيث ستزيد ثقة المستثمرين الأجانب وهو ما سينعكس على حجم الاستثمارات.  وفي ذات السياق أكد مبتول أن تجاوب السلطات الجزائرية من خلال السعي لمراجعة قانون الاستثمار وعدد من التشريعات التي تحكم الاستثمار الأجنبي وأيضا المحلي يعتبر "إشارة قوية" بالنسبة لأوساط رجال الأعمال والمستثمرين الأجانب ، وبالنسبة لمبتول فإن الأمر يتعلق بـ"توجهات جديدة" للاقتصاد الجزائري والتي ستسمح بتحسين جاذبية الجزائر على الصعيدين الإقليمي والدولي مشيرا إلى تنافس العديد من الدول على جذب واستقطاب الاستثمار الأجنبي خاصة الاستثمارات التي لها قيمة مضافة اقتصادية وتكنولوجية عالية وعلى الجزائر ألا تبقى على هامش هذه المنافسة داعيا إلى إحداث إصلاح شامل للمؤسسات التي تحكم الاستثمارات واعتماد تدابير تحفيزية قوية، بشكل يؤثر تأثيرا مباشرا على مناخ الأعمال  ويبسط الإجراءات الإدارية وينهي حالة البيروقراطية فضلا عن تحديد إطار قانوني مستدام وفعال.

من نفس القسم اقتصاد