الوطن

مبادرة "الحزام والطريق" ..امتيازات ومنافع للجزائر

المشروع الصيني يمثل صدمة للفرنسيين

تتواصل المساعي الصينية لتجسيد مشروعها الاقتصادي المسمى مبادرة "الحزام والطريق"، الذي يقوم على أنقاض طريق الحرير لتوسيع نطاقها التجاري والانفتاح على السوق الأفريقية، التي تسير لعاب القوى الاقتصادية العظمى لنا تحمله من فوائد على المديين المتوسط والبعيد.

احتضنت الأسبوع المنقضي العاصمة السنغالية داكار منتدى التعاون الافريقي الصيني، والذي يأتي في خصم الجهود المبذولة من قبل الصينيين لاستكمال مشروعها الاقتصادي وتمويل مشاريع جديدة في القارة الأفريقية.

امتيازات ومنافع هامة..

ويرى الخبير الاقتصادي سليمان ناصر في حديثه لجريدة "الرائد"، بأن دخول الجزائر في خط مبادرة "الحزام والطريق"، سيعود بمنافع كبيرة لها، في ظل الوضع الاقتصادي الراهن والشروط التي تفرضها الدول العظمى والبنك الدولي لمنح قروض لتجسيد استثمارات ومشاريع كبيرة.

وأضاف محدثنا، بأن التوجه الجزائري نحو الشراكة مع الصين، يأتي في خضم الرؤى الجديدة للسلطات العليا، والتي تسعى لإبرام اتفاقيات وفق مبدأ رابح رابح، وليس من مبدأ ضعف، ما يجعل من الصين أفضل حليف في هذا المجال، وهذا ما كشف عنه وزير الخارجية والجالية الوطنية بالخارج رمطان لعمامرة، على هامش المنتدى الأفريقي الصيني، الذي أكد بأن الجزائر تعتبر بلادا صديقة وشريكا إستراتيجيا للصين.

جدير بالذكر، أن مبادرة الحزام والطريق "طريق الحرير" ترتكز على تطوير خطوط تجارية بحرية وبرية وعبر السكك الحديدية بين الصين و باقي دول العالم، ورصدت له ميزانية تقدر بحوالي 1000 مليار دولار، وشرعت الصين في الاستحواذ على موانئ لربط شبكة طرقها التجارية.

وتتيح مبادرة الحزام والطريق فرص وامتيازات عديدة للجزائر، لكونها ذات فائدة للطرفين، كما أن الاستثمار الصيني لا يتم عبر مساومات سياسية، بل على العكس فوق شروط أقل وفوائد أكبر، وأضاف سليمان ناصر بأن التوسع الاقتصادي الصيني يأتي في ظل التغيرات الجيوسياسية الحاصلة والمساعي الكبيرة لأكبر قوتين اقتصاديتين الولايات المتحدة الأمريكية والصين لبسط نفوذها والانفتاح على أسواق جديدة والتي تبرز منها الجزائر لكونها ذات موقع استراتيجي وتعتبر بوابة افريقيا ومنطقة ربط بين الشرق والغرب وبين افريقيا وأوروبا.

وأشار إلى أن الاستدانة من البنك العالمي لتجسيد المشاريع الكبرى ببلادنا، سيجعلنا فريسة للمساومات ونقع ضحايا لشروط كثيرة، وفي المقابل فإن الصين تقيم استثماراتها عن طريق الشراكة، فعلى سبيل المثال تقوم بانجاز ميناء وتقوم بتسيره لمدة لاسترجاع تكاليفه وبعد ذلك تقوم بتحويل ملكيته للبلد الاصلي، ما يعتبر البديل الأمثل للديون، خاصة في ظل شح شح الموارد.

وقال ذات المتحدث، بأن كل استثمار يقدم إضافة مرحب به، مؤكدا بأن كل الاقتصاديات الناشئة التي حققت قفزة نوعية اعتمدت على الاستثمار الأجنبي، على غرار تركيا، ماليزيا والبرازيل، مضيفا أن الاستثمار الاجنبي سيسمح بنقل التكنولوجيا وتأهيل اليد العاملة وخلق الآلاف من مناصب الشغل.

النموذج الصيني البديل الأمثل للاستدانة..

ويشكل حاليا النموذج الصيني الحل الأمثل لتجسيد المشاريع الكبرى، في ظل شح الموارد وتقلص احتياطي الصرف، ما يجعل الاستثمار الصيني البديل الأبرز للقروض، لكونها ستسمح بجلب رؤوس الأموال وصبها في مشاريع ستعود بالفائدة على بلادنا دون الوقوع في فخ المساومات السياسية.

رصدت الصين أغلفة مالية كبيرة لتجسيد العديد من المشاريع في الجزائر، على غرار ميناء الحمدانية واستغلال منجم غار جبيلات من خلال ثلاث شركات، من أجل نقله للتصدير انطلاقا من مستغانم عبر خط باسكو الحديدية يربط ميناء مستغانم بمنجم غار جبيلات.

وتم تخصيص 6 مليار دولار لانجاز ميناء الحمدانية، الذي ينتظر أن يكون له دور كبير عند دخوله خبز الاستغلال، لكونه يحوز موقعا إستراتيجيا يجعل منه حلقة ربط بين العديد من الموانئ الأخرى.

كما كشف محدثنا، بأن التوجه نحو الصين ليس وليد اليوم، ولكن له خلفيات تاريخية تعود للثورة التحريرية، ما يضع الصين في المرتبة الأولى للموردين ب 6 مليار دولار وقبل فرنسا، ايطاليا والولايات المتحدة الامريكية وألمانيا، حسب الإحصائيات الأخيرة.

وأشار الخبير الاقتصادي، بأن الانفتاح الصيني على افريقيا يأتي من موقع قوة لكونها تدين لـ 42 دولة بـ 385 مليار دولار، وتسعى من خلالها للولوج إلى أسواقها، غير أنها تسعى لتشييد البنى التحتية، التي تسمح لها بوضع مبادرة الحزم والطريق على المسار الصحيح.

ضربة موجهة للفرنسيين..

وعاد الخبير الاقتصادي سليمان ناصر، للحديث عن الحملة المسعورة، التي تقودها فرنسا ضد الجزائر، مشيرا إلى أن سببها الأكبر اقتصادي، في ظل تعاظم النفوذ الصيني على حساب المصالح الفرنسية، والتي باتت تفقد العديد من الامتيازات.

وأضاف بأن فرنسا ترى بأن السوق الجزائرية التي مستعمرة قديمة ومنطقة نفوذ اقتصادي بدأت تضيع منها بشكل تديريجي، في الوقت الذي يكبر النفوذ الصيني، الذي يستحوذ على العديد من المشاريع العملاقة في قطاع الأشغال العمومية، المناجم وكذا الموانئ.

وأكد سليمان ناصر بأن الجزائر التي انتهجت خطا جديدا، بعدما كانت في وقت سابق المستهلك الاكبر للقمح الفرنسي لتتغير البوصلة نحو القمح الروسي والأرجنتيني، كما أن التوقف عن استيراد التفاح الفرنسي، جعل من فرنسا تطلق حملة مسعورة على بلادنا.

وأكد أن تعاظم النفوذ الصيني في حوض الابيض المتوسط، والذي يمثل جزءا هاما من مبادرة الحزام والطريق، يجعل من المصالح الفرنسية في إفريقيا تذهب أدراج الرياح، وتعرف تراجعا مع مرور الوقت.

من نفس القسم الوطن