دولي

احتضان الأبناء ينسيها مرارة السجن

الأسيرة المحررة نسرين أبو كميل

"شعور لا يوصف أن أحضتن أبنائي بعد 6 سنوات من الأسر قضيتها في سجون الاحتلال الصهيوني، حقًا كأنها حلم"، كلمات تصف بها الأسيرة المحررة نسرين أبو كميل سعادتها، وهي تستقبل المهنئين بنيل حريتها في منزلها جنوب مدينة غزة. وتقول أبو كميل إن "لقاء الأبناء وزوجي أنساني السنوات العجاف، كأنني خلقت حرة من جديد، آمل من الله أن يشعر بهذه الفرحة كل أسير فلسطيني".

لا ينقطع شوق أطفال الأسيرة المحررة نسرين أبو كميل، عن احتضان والدتهم والتحديق بها طويلًا، بنظرات تعلوها الريبة، مع حلم بدا أمامهم حقيقة، بعد أن انتزع الاحتلال الصهيوني قلوبهم بسجن والدتهم على مدى ست سنوات، عاشوها دون معنى للحياة، وغدا خلالها الطفل الرضيع أحمد على أبواب الدراسة، والأسيرة الفلسطينية المحررة نسرين أبو كميل من مواليد 5 تموز/يونيو 1975 في مدينة حيفا بالداخل المحتل، خريجة هندسة حاسوب، وعملت مديرة حسابات، متزوجة من حازم أبو كميل منذ عام 2000، حيث تعارفا خلال عمل زوجها داخل مناطق "الخط الأخضر" قبل اندلاع انتفاضة الأقصى عام 2000، وتزوجها وانتقلت للإقامة معه في غزة، إلا أنها دأبت على زيارة ذويها في حيفا حتى اعتقالها.

وفي 18 أكتوبر 2015، حكم الاحتلال الصهيوني بالسجن 6 سنوات على المواطنة أبو كميل بزعم قيامها بتصوير أماكن حساسة داخل الكيان الصهيوني، وعلى مدار أعوام الاعتقال حرمها الاحتلال من أطفالها السبعة الذين كان أكبرهم فراس 13 عامًا وأصغرهم أحمد 8 أشهر، عند اعتقالها، وعلى غير العادة، استيقظت الأسيرة أبو كميل في بيتها فجرًا، كما كانت تستيقظ داخل السجن لتوقظ أبنائها. وتضيف "أنا حتى اللحظة لا أصدق أنني حرة بين أبنائي وزوجي، شعور كثير حلو أتمنى أن يحياه كل أسير وأسيرة قريبًا". وتستذكر أبو كميل أيام القهر التي عاشتها في سجون الاحتلال، قائلة "أيامي داخل الأسر كانت ناقصة بدون أبنائي؛ كنت أتذكر كيف كان اهتمامي بهم وتربيتهم، لكن السجن حرمني تلك اللحظات".

وتقول "بعد الأسر والحمد لله أبنائي ما عادوا أطفالاً، ما توقعت أن أراهم بهذا الجمال، تحسرت على اللحظات اللي تركتهم فيها ولم أكن عندهم، سأعوض تلك الأيام معهم والتي حرمني الاحتلال منها". ومنع الاحتلال عائلة أبو كميل من زيارتها طيلة 6 أعوام وحتى اللقاء بأبنائها. وكانت ترى أبنائها عبر التلفاز أو صور يحضرها أهالي الأسرى حين يزورون أبنائهم في سجون الاحتلال.

وبعد الإفراج عنها، حاول الاحتلال منعها من الوصول إلى عائلتها، لكنها أصرت على العودة إلى أسرتها بغزة. وتصف الـ5 أيام التي قضتها على حاجز بيت حانون بالمرهقة. وتقول "كنت على أحر من الجمر للقاء الأبناء في وقت تعمد الاحتلال المماطلة بالسماح لي بدخول غزة"، وسمح الاحتلال أخيرا للمحررة أبو كميل بالدخول إلى غزة لكن وفق شروط وضعها وهي عدم السماح لها لمدة عامين بمغادرة بالدخول إلى الداخل المحتل، ودفع غرامة مالية بقيمة 4 آلاف شيكل بزعم أنها تسببت بكسر تلفاز داخل الأسر.

وحول وضع الأسيرات داخل السجون، تؤكد أبو كميل أن وضعهن "صعب جراء انتهاكات الاحتلال المستمرة بحقهن، وتنغيص حياتهم داخل الأسر وحرمانهن من أبسط حقوقهم الإنسانية". لكنها تصف عزيمة الأسيرات بالقوية؛ مضيفة "كنا نكون يد واحدة وننتزع مطالبنا رغم أنف إدارة سجون الاحتلال؛ وكنا نتشارك الحزن والفرح مع بعض، وهذا ما يهون حياة الأسيرات"، ويعتقل الاحتلال 31 أسيرة، يمارس بحقهن التنكيل، ويحرم بعضهن من زيارة عوائلهن تحت ذرائع أمنية، في وقت دخلت 3 أسيرات بإضراب مفتوح عن الطعام. وتلفت أبو كميل إلى أن الأسيرات حملنها رسالة إلى شعبنا والمقاومة بالعمل على إطلاق سراحهن قريبًا ونصرتهن وإسناد الأسرى المضربين عن الطعام، قائلة "رسالتي لشعبي وللمقاومة أن لا ينسوا الأسيرات".

من جانبها، تصف أميرة أبو كميل (17عامًا) لقائها مع والدتها بالحلم والفرحة الكبيرة، خاصة أنها تكفّلت بالاعتناء بأشقائها الـ 6 من تعليم وتربية. وتقول أميرة إن "لقائي مع والدتي أجمل أيام حياتي"، واصفةً الأيام الـ 5 التي انتظرتها بأنها أصعب من سنوات الأسر، خاصة وأنها محررة، ولم تستطع اللقاء لعائلتها.من جهته، يعجز حازم أبو كميل عن التعبير عن سعادته ولقائه بزوجته بعد سنوات طويلة من منعه، قائلاً بحرقة "كانت سنوات ظلم وقهر لنا ولزوجتي التي أسرت دون أدنى ذنب". ويعرب أبو كميل عن أمله بتحرير جميع الأسرى وخاصة الأسيرات اللواتي يعانين كثيرا.

من نفس القسم دولي