دولي

المقبرة اليوسفية.. تحد فلسطيني في مواجهة تهويد صهيوني

مخططات دنيئة لطمس معالم المسلمين

ما إن أشرقت شمس العاشر من أكتوبر الجاري، حتى جلب الاحتلال معداته التدميرية إلى المقبرة اليوسفية الملاصقة للمسجد الأقصى من الجهة الشرقية، في مخطط صهيوني جديد يسعى إلى تهويد المقبرة والسيطرة عليها.

تلك المعدات التي نبشت القبور وأخرجت رفات المسلمين الشهداء والموتى منهم، تسبّبت باندلاع مواجهات مع قوات الاحتلال في المكان، وإحراق المقر المؤقت لبلدية الاحتلال في موقع التجريف، ويأتي التصعيد الميداني الخطير في المقبرة اليوسفية، تزامناً مع تصعيد خطير آخر في استهداف المسجد الأقصى المبارك عبر السماح بإقامة "الصلاة الصامتة" لليهود، واستهداف رموز مدينة القدس المحتلة ومسجدها الأقصى المبارك، وعلى رأسهم الشيخ عكرمة صبري.

وحققت قوات الاحتلال مع الشيخ صبري خطيب الأقصى ورئيس الهيئة الإسلامية العليا وعضو مجلس الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية عن المسجد الأقصى المبارك، 6 ساعات متواصلة، قررت بعدها إبعاده عن المسجد الأقصى المبارك، ومع بدء عمليات التجريف، وصل أهالٍ دُفنت جثامين أقربائهم بالمقبرة، إليها؛ ليطمئنوا بأن قبورهم لم تُنبَش، في حين استدعى الاحتلال الصهيوني، الشاب فراس الأطرش للتحقيق معه في مركز الشرطة، وكان أحد الموجودين في المقبرة، وأصيب عدد من المواطنين خلال المواجهات.

وتعقيباً على حملة الاحتلال "الصهوني المتصاعدة والخطيرة، أوضح زياد ابحيص، الباحث في شؤون القدس المحتلة، أن ما يحصل في مدينة القدس هو محاولة الاحتلال تكرار النكبة الفلسطينية أمام الشعب الفلسطيني والعالم على أن تكون بالتصوير البطيء، وقال في حديث اعلامي: "ما يحصل أننا نشهد معنى "الاستعمار الإحلالي" يُترجَم أمامنا على الأرض يوماً بيوم، فهذا المستعمر هنا لكي يلغيك ويأخذ مكانك على أرضك، ويضع مقدّسه المزعوم مكان أقدس مقدساتك، بل ويضع شواهد قبورٍ مزعومة ويطمس قبور آبائك وأجدادك"، وأضاف: "ما يجرى إحلال جغرافي وسكاني وثقافي وديني وتاريخي. شعب مستحدثٌ، وثقافة مستحدثة، ولغة مُعادٌ اختراعها تريد أن تلغي الفلسطينيين والعروبة والإسلام من أرض فلسطين".  ورأى أن ما يحصل في "المقبرة اليوسفية" ومقبرة باب الرحمة ليس مجرد عدوان على الأموات فقط؛ بل "هو إحلالٌ للمقابر بكل ما لهذه الكلمة من معنى"، وأضاف: "المقبرتان المجاورتان لسور البلدة القديمة للقدس من جهة الشرق، وشقيقتهما مقبرة مأمن الله المقابلة للسور من الغرب، كلها تشهد على هوية أهل الأرض وأصحابها الأصيلين على مدى الأجيال المتعاقبة"، وبيّن أن الاحتلال الصهيوني يمضي في طمس هذه المقابر في حين يطرز جبل الزيتون شرقاً بشواهد القبور اليهودية، وجزء من تلك الشواهد "رمزية"، تقام على جبل الزيتون ليهود ماتوا خارج فلسطين لكنّ ذويهم دفعوا ثمن شاهد قبرٍ لـ"تخليد" ذكرى موتاهم في القدس!

وختم ابحيص حديثه بالقول: "كل ذلك ليقول إن القدس كانت يهودية بدليل مقبرة جبل الزيتون المستحدثة، ومقابر الرحمة واليوسفية ومأمن الله المطموسة... هنا يمسي الدفاع عن هذه المقابر دفاعاً عن الوجود والحاضر والهوية، وليس دفاعاً عن أمواتنا فحسب"، وهدمت قوات الاحتلال سور المقبرة والدرج في المدخل المؤدي إليها مطلع كانون الأول/ ديسمبر 2020، وواصلت بعدها أعمال الحفر والتجريف في مقبرة الشهداء، والتي تضم رفات شهداء من الجيشين العراقي والأردني، لمصلحة مسار ما يسمى "الحديقة التوراتية".

وتقع مقبرة اليوسفية شمالي مقبرة باب الرحمة، وبمحاذاة سور القدس الشرقي، وتتعرض منذ سنوات لهجمة من الاحتلال الصهيوني وحفريات، وصلت إلى مداميك أثرية قريبة من عتبة باب الأسباط.  وهدمت قوات الاحتلال سور المقبرة الملاصق لباب الأسباط، وأزالت درجها الأثري أيضا، إضافة للدرج المؤدي إلى امتدادها من مقبرة الشهداء؛ تنفيذا لمجموعة مخططات إسرائيلية متداخلة أعدت منذ مدّة طويلة.

وفي عام 2014 منع الاحتلال الدفن في جزئها الشمالي، وأقدم على إزالة عشرين قبرا لجنود أردنيين استشهدوا عام 1967 فيما يعرف بمقبرة الشهداء ونصب الجندي المجهول.  وتعد المقبرة أحد أهم وأبرز المقابر الإسلامية في مدينة القدس، وتعجّ برفات عموم أهل المدينة المقدسة وكبار العلماء والمجاهدين، إلى جانب مئات الشهداء.

يأتي هذا في وقت، أصيب عدد من المواطنين بحالات اختناق، واعتقل ثلاثة آخرون، بعد الاعتداء عليهم بالضرب، جراء قمع قوات الاحتلال الصهيوني، أمس، المشاركين في يوم تطوعي لقطف ثمار الزيتون، في سلفيت، وقالت وكالة "وفا" "إن قوات الاحتلال، اطلقت وابلا من قنابل الصوت، والغاز المسيل للدموع، صوب المشاركين في يوم تطوعي نظمته فصائل العمل الوطني، وهيئة مقاومة الجدار والاستيطان، وبلدية سلفيت، ومنعتهم من الوصول إلى الأراضي في منطقة " الرأس" المهددة بالاستيلاء عليها، ما أدى إلى إصابة العشرات منهم بحالات اختناق، كما اعتقل ثلاثة شبان من المكان، بعد ان اعتدي عليهم بالضرب.

وقال رئيس هيئة مقاومة الجدار والاستيطان وليد عساف لـ"وفا": إن قوات الاحتلال منعتنا من الوصول إلى الأراضي في منطقة "الرأس" ومساعدة المزارعين في قطف ثمار الزيتون. وأضاف: "سنبقى صامدين على هذه الأرض وندعم المزارعين ولن نتركهم وحدهم"، وذكر عساف أن هذه الفعالية تأتي في إطار الحملة الوطنية والشعبية لدعم صمود المزارعين "فزعة"، التي تنظمها هيئة مقاومة الجدار والاستيطان، ونشطاء من اللجان الشعبية، واللجنة التنسيقية، بالشراكة مع عدد من المؤسسات الرسمية والأهلية والشعبية والنشطاء في لجان المقاومة الشعبية، ومجموعات شبابية فاعلة، والتي انطلقت يوم أمس من بلدة بيتا، جنوب نابلس.

من نفس القسم دولي