دولي

600 أسير فلسطيني يعانون في سجون الاحتلال الصهيوني

يقدَّر عدد الأسرى المرضى في سجون الاحتلال الإسرائيلي - وفقاً لمعطيات إحصائية رسمية- بنحو 600 أسير/ة فلسطيني/ة، يعانون جرّاء أمراض متعددة وإعاقات جسدية ونفسية وحسية عديدة، وبين هؤلاء 300 أسير/ة يعانون أمراضاً خطِرة ومزمنة، كالسرطان والقلب والفشل الكلوي مثلاً، من دون أن يحظى أيٌّ منهم بأي قدر من العناية الطبية، إلى أن فقد بعضهم القدرة على أداء الأنشطة اليومية الاعتيادية، ومَن لم يعد قادراً على قضاء حاجته الشخصية من دون مساعدة رفاقه في السجن.

وبتنا نرى ونسمع مَن ينتظر ساعة الوفاة التي يتمناها بعضهم لشدة الوجع والألم. ولا يقتصر عدد الأسرى المرضى على هذا، فالأرقام تتخطى ما تعلنه المؤسسات المختصة. فهذا العدد يشمل فقط مَن ظهرت عليهم أعراض المرض فتم تشخيص أمراضهم. لكنني أعتقد أن ليس كل مَن لم تظهر عليه أعراض المرض أو لا يعاني الوجع يكون سليماً، فلو أُجريت فحوصات شاملة للآخرين ولمن يُعتقد أنهم أصحاء، فلا شك في أن العدد سيزيد عن الرقم المتداول، فكثيرون من الأسرى هم في حقيقة الأمر مرضى ولا يعلمون. ولدينا تجارب سابقة مع إدارة السجون الإسرائيلية،والتي كثيراً ما أخفت الملفات الطبية الخاصة بالأسرى، وفي مرات عديدة رفضت الكشف أو الإفصاح عن طبيعة الأمراض التي يعانيها بعض الأسرى الذين ظهر عليهم المرض.

مع الإشارة إلى أن إدارة السجون لا تُجري فحوصات شاملة أو دورية للأسرى والمعتقلين، خلافاً لما أتت به المادة 31 من اتفاقيات جنيف الثالثة، والمادة 92 من اتفاقية جنيف الرابعة لسنة 1949، وخلافاً للقواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء الصادرة عن الأمم المتحدة. ومن ناحية أُخرى، ليس كل أسير سليم ومعافى بمنأى عن الإصابة بالمرض.

هذا في ظل وجود مسببات الأمراض وعوامل استفحالها وتطورها، مثل: سوء ظروف الاحتجاز، واستمرار سياسة الإهمال الطبي المتعمَّد، والاستهتار الإسرائيلي بحياة الأسرى وأوضاعهم الصحية. هذا بالإضافة إلى ما قيل سابقاً، وما قرأناه من شهادات بشأن استخدام الأسرى كحقول تجارب للأدوية، وقيل أيضاً أنهم يحقنونهم بحقن مسرطنة قبيل الإفراج عنهم. لقد صدق مَن وصف السجون الإسرائيلية بـ "مقابر الأحياء". لقد سقط من بين الأسرى والمعتقلين نحو 226 شهيداً منذ سنة 1967، 71 أسيراً منهم كان الإهمال الطبي سبباً رئيسياً في استشهادهم. هذا بالإضافة إلى مئات آخرين من رفاقهم الذين استشهدوا بعد خروجهم من السجن، متأثرين بأمراض ورثوها عن السجون، وكان آخرهم الشهيد الأسير المحرر حسين محمد المسالمة (39 عاماً)، من بلدة الخضر جنوبي بيت لحم، وذلك جرّاء إصابته بسرطان الدم (اللوكيميا) في أثناء فترة اعتقاله.

وكان الاحتلال اعتقل المسالمة بتاريخ 22/11/2002، وحُكم عليه بالسجن مدة 20 عاماً، تعرّض خلالها لصنوف مختلفة من التعذيب الجسدي والنفسي، وقبل عامين اكتُشف أنه مصاب بالسرطان، بينما لم تقدم له إدارة السجون الرعاية الكافية، فتدهورت حالته الصحية بصورة خطرة، ونُقل مؤخراً من سجن النقب الصحراوي إلى مستشفى "سوروكا" الإسرائيلي، ليتبين أن المرض استفحل في جسده ووصل إلى مراحل متقدمة، وهو ما دفع اللجنة الطبية التابعة لإدارة السجون إلى اتخاذ قرار بالإفراج (المبكر) عنه، فأُفرج عنه فعلاً في منتصف شباط/ فبراير2021، بعد قضاء قرابة 18سنة من مدة حكمه، لينقَل مباشرة إلى المستشفى وهو مكبل بالسرطان ومثقل بآلامه، إلّا إنه استشهد ـبعد أقل من سبعة أشهر، بتاريخ 23/9/2021، في مستشفى الاستشاري في رام الله.

هكذا هو الاحتلال الإسرائيلي، يعتقل الفلسطينيين ولا يراعيهم صحياً مع أنه سبب أمراضهم. ولا يسمح للمؤسسات الفلسطينية بسد هذا النقص المتعمد. وحين تتأكد إدارة السجون من اقتراب النهاية تُطلق سراحهم ليموتوا خارج سجونها، تنصُّلاً من المسؤولية. هذا ما فعلته مع الأسير حسين المسالمة، وما فعلت مع العشرات من الأسرى الذين قررت الإفراج (المبكر) عنهم، فكان مصيرهم الموت المحتوم.

 

من نفس القسم دولي