دولي
"إسرائيل" لا تعترف بآلاف المواليد الفلسطينيين
25 ألف طفل ولدوا منذ إعلان السلطة وقف العمل بالاتفاقيات المبرمة مع الاحتلال
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 24 أوت 2020
سلطات الاحتلال الإسرائيلي على معبر الكرامة الحدودي بين الضفة الغربية والأردن، أعادت عائلة من مدينة رام الله، بسبب عدم الاعتراف بتسجيل طفلتها المولودة منذ مارس/آذار الماضي لعدم وصول سجلها إلى الجانب الإسرائيلي، وقالت موظفة التسجيل الإسرائيلية للأم بلغة عربية "روحي من هون خلي أبو مازن يطلعك. أنتم من أردتم وقف التنسيق".
وفي كل مرة، تحجز العائلة تذاكر طيران عبر الخطوط الجوية الأردنية إلى جانب رسوم المغادرة من المعبر الفلسطيني إلى نقطة التفتيش الإسرائيلية ومنها إلى الحدود الأردنية، وخسرت كل ذلك بعد منع الاحتلال الإسرائيلي مرورها.
25 ألف طفل ولدوا بعد 20 مايو/أيار 2020 وهو تاريخ إعلان السلطة الفلسطينية وقف العمل بالاتفاقيات المبرمة مع الاحتلال الإسرائيلي الذي أصبح لا يعترف بهم ولا يسمح لهم بالسفر، وفق تقارير إعلامية فلسطينية، فقبل وقف التنسيق مع الاحتلال؛ كانت الداخلية تبلغ الاحتلال الإسرائيلي بتسجيل أي مواطن فلسطيني، سواء حاصل على الجواز أو حاصل على هوية، وذلك بحكم أنه يتحكم بالمعابر، فكان يبلغه بذلك تبليغا، ويسجل لديه البيانات الجديدة سواء الجوازات أو شهادات الميلاد، كما كان ساريا منذ توقيع اتفاق "أوسلو" عام 1993.
ووفق ما تقول الداخلية التابعة للسلطة برام الله، فإن المشكلة كبيرة جدًّا، ولم يشعروا بحجمها بعد نتيجة إغلاق الجسور والمطارات بسبب جائحة كورونا، إلا أن هناك مواطنين لديهم إقامات في الخارج وبحاجة إلى سفر، وحتى اللحظة لا يوجد حل لهذا المشكلة، فالاحتلال يحاول الضغط على السلطة بهذا الأسلوب وأساليب أخرى للعودة للعمل بالاتفاقيات السابقة.
ويوم 20 مايو/أيار الماضي أعلن رئيس السلطة محمود عباس أن السلطة الفلسطينية أصبحت "في حِلّ من جميع الاتفاقات والتفاهمات مع الحكومتين الأميركية والإسرائيلية" بما في ذلك اتفاقات التنسيق الأمني والمدني.
وجاء ذلك ردًّا على إعلان الحكومة الإسرائيلية الجديدة بزعامة بنيامين نتنياهو المضي قدما في تطبيق مخطط ضم أجزاء واسعة من الضفة الغربية وفقا لما سميت "خطة السلام الأميركية الإسرائيلية".
وزارة الخارجية والمغتربين أدانت منع الاحتلال بالقوة لأربع سيدات فلسطينيات من السفر عبر معبر الكرامة بدعوى أن أطفالهم غير مسجلين لدى سلطات الاحتلال كمواليد جدد، وأوضحت "الخارجية" أن الأطفال مسجلون في هويتي والديهم من وزارة الداخلية في دولة فلسطين المحتلة، وأن سلطات الاحتلال أعادتهم وحرمتهم من جمع شملهم مع عائلاتهم بالخارج.
الخبير القانوني تحسين عليان، يُبين أن اتفاق "أوسلو" في طور الانحلال ولم يلغ بغد، وأن إيقاف تجديد معلومات السجل المدني الفلسطيني لدى "إسرائيل"، يعني أن أي شخص يتم إصدار وثيقة له من جواز سفر أو هوية أو حتى شهادة ميلاد ووفاة، غير موجود في سجلاتها، أي أن المواليد الجدد غير معترف بهم، ولن يتمكنوا من السفر، وكذلك هو الحال بالنسبة لمن استصدر أو جدد هويته وجواز سفره، نظراً لوجود ارتباط وثيق بين السجل السكاني والسلطة الفلسطينية، وبين ما يُسمى بـ "الإدارة المدنية الإسرائيلية".
يضيف الخبير في تصريحٍ صحفيّ: "لا يتوقف الأمر عند منع السفر، فعدم اعتراف الاحتلال بالسكان الذين لم تُدخل بياناتهم على أنظمة السلطات الاحتلالية، سيؤثر على مستقبل هؤلاء السكان، فعندما يريد أحدهم الزواج، سيواجه مشاكل كبيرة لأنه بالنسبة للاحتلال غير موجود، وليست لديه شهادة ميلاد، وكذلك هو الحال عند بناء المنازل، فهو مخالف بالنسبة لهم أيضاً"، كما يضيف أن العديد من الحالات بالفعل تعاني من هذه المشكلة، ولا تستطيع فعل شيء، خصوصاً سكان المناطق المحتلة عام 48 والقدس، فالاحتلال لا يعترف بهم، والسلطة الفلسطينية ترفض إعطائهم أوراقاً ثبوتية لوجودهم ضمن حدود القدس ومناطق 48، أي لا سلطة لها عليهم.
ومن ناحية قانونية، قال عليان إن كل ما يجري ليس له أساس قانوني، فوجود الاحتلال اختراق للقانون الدولي، واحتفاظ "إسرائيل" بالسجل المدني أو تنظيم أعمال البناء والتخطيط وغيره، دور مؤقت إلى حين إيجاد سلطة وطنية تمارس سيادتها الفعلية على الأرض، وبالتالي كل ما تقوم به "إسرائيل" غير شرعي، حتى لو أعلن سيادته على أجزاء من الضفة الغربية لا يعني أن القانون الإنساني لم يعد ساري المفعول، فيجب أن يتمتع المدنيون بالحماية الممنوحة لهم بموجب اتفاقية جنيف الرابعة والقانون الدولي لحقوق الإنسان.
ويتابع عليان، "عندما أتحدث عن القانون الدولي وحقوق الإنسان، يعني أنها قوانين تكفل لكل شخص حرية التحرك والسفر، خروج وعودة كل شخص من بلده كما يحب، وله الحق في أن يبني وأن يكون له شهادة ميلاد وغيرها من الحقوق المدنية، وكل ما تقوم به السلطة الفلسطينية من حقها، لأن الاحتلال اليوم يحاول أن يقول بأنه السيد على هذه الأرض".
وأشار إلى أن الحل هو إنهاء الاحتلال، إلا أنه على أرض الواقع لا بد أن يعاني الشعب الفلسطيني من ناحية عدم توثيق بياناتهم، وعدم قدرتهم على السفر، الأمر الذي ينطبق على المواليد الجدد، وكل ما يتعلق بمستقبل الفلسطينيين، منبهاً أنه لا يوجد قانون للجنسية الفلسطينية وفقاً لاتفاقية أوسلو، فالسلطة الفلسطينية غير قادرة على اختيار مواطنيها، والتحكم في منح جنسيتها، والاحتلال هو من يمنح أو يرفض إعطاء المواطن الفلسطيني جنسيته.
ووفقاً لعليان، فإن خضوع البيانات السكانية لـ"إسرائيل" جاء بعد اتفاقية أوسلو، والتي عدّها اتفاقية لاغية منذ عام 1999، وذلك بموجب القانون الدولي الذي ينص على أن أي اتفاقية يتم انتهاكها ماديًّا بشكل كبير، فهي غير سارية المفعول، والاحتلال يخالف هذه الاتفاقية كل يوم، لذلك لا ينبغي أن يتأثر حق تقرير المصير الفلسطيني بها، إلا أنه أمر صعب للغاية، لفرض الاحتلال سيادته على الأراضي الفلسطينية.