الوطن

"مافيا الباركينغ" يعوضون خسائر كورونا من جيوب "الزوالية"؟!

تمادوا هذه السنة في تجاوزاتهم ورفعوا التسعيرة في المواقع الاستراتيجية

لم تنجح الحملات الأمنية وتحركات السلطات المحلية وتعليمات المنع في تطهير المدن الكبرى من الحظائر العشوائية وغير الشرعية. ففي العاصمة مثلا لا تزال هذه الأخيرة تنتشر كالفطريات في ظل تأخر إنجاز مواقف السيارات بالمواصفات المطلوبة، وهو ما جعل أصحاب السيارات رهينة في أيدي "مافيا الباركينغ" الذين تمادوا هذه السنة في فرض إتاوات على المواطنين ورفعوا من أسعارهم في المواقع الاستراتيجية، والويل لمن لا يدفع وكأن الرصيف بات ملكيتهم الخاصة.

 

رغم الحملات الأمنية للقضاء على الحظائر العشوائية والتي عرفتها أغلب المدن الكبرى مؤخرا وكذا تعليمات وزارة الداخلية والجماعات المحلية التي أمرت فيها رؤساء البلديات ومصالح الأمن بتطهير المدن والأحياء الكبرى من مافيا "الباركينغ"، في إجراء استعجالي لتحرير المواطنين من ضغوط أصحاب هذه المواقف التي انتشرت بشكل كبير في المدن الكبرى، لا تزال هذه الأخيرة تفرض منطقها وقوتها على المواطنين بشكل يومي، حيث يعاني أصحاب السيارات خاصة في البلديات المزدحمة بالعاصمة معاناة كبيرة لإيجاد أماكن للركن، وإن وجدوا فإن الضريبة تكون بدفع أسعار "باركينغ" ارتفعت هذه الصائفة بشكل كبير، وكأن هؤلاء يعوضون هم أيضا الخسائر التي تكبدوها خلال فترة الحجر الصحي. 

وترتبط عودة هذه الظاهرة كل مرة رغم جهود القضاء عليها، بنقص وغياب الحظائر الشرعية في أغلب بلديات العاصمة، ما يطرح أزمة مواقف سيارات بهذه الأخيرة ويعطي الفرصة لأصحاب العصا الغليظة لاستغلال الأرصفة والطرقات والمساحات المحاذية للإدارات والأماكن العمومية من أجل تحويلها إلى حظائر غير شرعية، بينما يبقى أصحاب السيارات مضطرين لاستعمال هذه الحظائر ودفع الإتاوات التي يفرضها عليهم هؤلاء الشباب المسير لهذه الأخيرة، لأنه لا بديل يوجد، غير أن الأخطر من ذلك هو أن ركن سيارات المواطنين لدى هذه الحظائر ليس آمنا في كل الحالات، حيث دق المواطنون عبر مختلف أحياء العاصمة أكثر من مرة ناقوس الخطر الذي يهدد أمنهم وأمن مركباتهم، بسبب أن أصحاب هذه المواقف يعملون في ظروف غير قانونية ولا يملكون الوثائق الرسمية التي تخوّل لهم تسيير هذه الحظائر، وهو ما جعل الأمن والوقاية يغيب على مستوى هذه الحظائر. 

فكم من مواطن تعرضت سيارته للسرقة في حظيرة عشوائية ولم يتمكن من تحصيل أي تعويض بل لم يتمكن حتى من معرفة الفاعل الذي قد يكون مسير الحظيرة في حد ذاته، باعتبار أن أغلب هؤلاء هم من أصحاب السوابق العدلية ومن الخارجين عن القانون، وما زاد الطين بلة هو التسعيرة العشوائية التي يفرضها هؤلاء على الزبائن والتي تتفاوت من 50 دج إلى 100 دج، حسب موقع الحظيرة، وهي أسعار مرتفعة لا يمكن لكل المواطنين تحملها خاصة إذا تعلق الأمر بموظفين يركنون سياراتهم بشكل يومي أمام مقرات عملهم، ويضطرون لدفع هذه التسعيرة كل يوم على مدار السنة. 

وأمام هذه الوضعية، يطالب المواطنون في العاصمة وحتى باقي المدن الكبرى المسؤولين المحليين بضرورة التدخل من أجل وقف مثل هذه الممارسات التي باتت كابوسا يعيشونه يوميا، من خلال تنظيم وتسيير هذه المواقف وفق قوانين صارمة وتعيين حراس مؤهلين واعتمادها وسائل وطرقا كفيلة بضمان حقوق كل من المواطنين والحراس، سواء تعلق الأمر بتحديد تسعيرة معقولة تخدم الطرفين أو ما يتعلق بطريقة الحراسة المنظمة، خاصة ونحن نشاهد أن طرق العاصمة كلها أصبحت مختنقة لأنها تحولت بكل بساطة إلى "‬باركينغ" حتى وسط الطرق العمومية.

من نفس القسم الوطن