دولي

الاحتلال الصهيوني يصعد العقوبات ضدّ غزة ودعوات لعودة الاغتيالات

حماس اعتبرت إغلاق الاحتلال منفذ غزة التجاري سلوك عدواني

 

تصاعد التوتر بشكل خطير على حدود غزة، بما ينذر باحتمال اندلاع مواجهة عسكرية، بين الفصائل الفلسطينية وقوات الاحتلال، وذلك بعد أن قررت إسرائيل فرض عقوبات جديدة على سكان القطاع، من خلال إغلاق المعبر التجاري الوحيد الذي تمر منه بضائع للسكان المحاصرين، بزعم استمرار إطلاق البالونات الحارقة، التي تسببت في اندلاع حرائق قرب مستوطنات إسرائيل القريبة من الحدود.

 

وحملت الساعات الماضية تصعيدا في لغة التحذير والإنذار بين قيادة الفصائل الفلسطينية في غزة، وقادة من جيش الاحتلال، شملت تهديد الاحتلال باستخدام القوة ضد القطاع، ومع تصاعد لغة التهديد الإسرائيلية لم يكتف قادة جيش الاحتلال بالقرار الذي اتخذ ليل الإثنين الماضي بوقف إدخال مواد البناء إلى قطاع غزة، ردا على إطلاق “البالونات الحارقة”، حيث قرروا إغلاق المعبر الوحيد “كرم أبو سالم” الذي تمر منه البضائع للسكان المحاصرين بشكل كامل، وهو ما يعني أن أزمة نقص مواد تموينية وأخرى طبية تقترب، خاصة في ظل حاجة القطاع وافتقاره لمواد طبية ضرورية، مع بدء عودة العالقين في مصر، وبينهم مرضى بحالات خطرة، وحالات يشتبه بإصابتها بفيروس “كورونا.

وقال جيش الاحتلال إنه سيستثني فقط من إغلاق المعبر، المعدات للحالات الإنسانية والوقود، وقال مكتب منسق أعمال حكومة الاحتلال في المناطق: “إن إطلاق البالونات وخرق الهدوء الأمني يمسان أولا بسكان قطاع غزة وبالمساعي لتحسين أوضاعهم”.

وتوعد في بيان أصدره بأن جيش الاحتلال سيرد على عمليات إطلاق “البالونات الحارقة”، محملا حركة حماس المسؤولية عن كل ما يحدث في القطاع وينطلق منه، وكشف أن قرار إغلاق المعبر اتخاذ بعد مشاورات أمنية.

ومن جديد كتب وزير الجيش بيني غانتس، تدوينة على موقع “تويتر” قال فيها: “حماس تسمح باستمرار إطلاق البالونات الحارقة والبالونات المتفجرة تجاه إسرائيل، ونحن لسنا مستعدين لقبول ذلك وأغلقنا معبر كرم أبو سالم نتيجة لذلك”، وأضاف في تغريداته: “يحسنون صنعا إذا توقفوا عن انتهاك الأمن والهدوء لإسرائيل. إذا لم يحدث هذا، فسيتعين علينا الرد وبقوة”.

وخلال الأيام الماضية، كانت سلطات الاحتلال تلجأ إلى تنفيذ غارات جوية على مواقع المقاومة، بزعم إطلاق “البالونات الحارقة”، غير أنها قررت توسيع العقوبات على السكان المدنيين، الذين يعانون من آثار الحصار، من خلال إغلاق المعبر التجاري.

وكانت تقارير إسرائيلية ذكرت أن أكثر من 30 حريقا نشب، في منطقة محيط قطاع غزة والنقب الغربي، بسبب إطلاق “البالونات الحارقة” مما أدى إلى احتراق 400 دونم من الأحراش دون وقوع إصابات بالأرواح.

ومنذ نهاية الأسبوع الماضي، نشطت مجموعات شبابية بعمليات إطلاق “البالونات الحارقة والمتفجرة” تجاه المستوطنات المحيطة بـ “غلاف غزة”، وذلك بسبب عدم قيام سلطات الاحتلال بتنفيذ الكثير من البنود التي وردت في تفاهمات التهدئة التي ثبتت العام الماضي، من قبل الوسطاء المصريين والقطريين والأمم المتحدة، خاصة تنفيذ مشاريع بنى تحتية كبيرة.

ونشر نشطاء صورا لهم وهو يطلقون “البالونات الحارقة” من أكثر من مكان قريب من حدود قطاع غزة الشرقية، باتجاه المستوطنات، ولوحظ أن الساعات الـ 48 الماضية، شهدت زيادة في تلك العمليات، مما تسبب في اندلاع الكثير من الحرائق.

و”البالونات الحارقة”، ووسائل أخرى كـ “الإرباك الليلي”، وعمليات “قص السياج” من “الوسائل الخشنة” التي كانت تستخدم من قبل نشطاء مسيرات العودة وكسر الحصار، منذ العام 2018، وقد توقفت بناء على تفاهمات التهدئة.

وفي إسرائيل، حرض مسؤولون كبار حكومة بلادهم على الرد بدموية على البالونات، وطالب رؤساء مستوطنات “غلاف غزة” من حكومة بلادهم بتصعيد ردودها على إطلاق البالونات، من خلال التعامل مع البالونات كما نتعامل مع الصواريخ والرد عليها بـ “عنف”.

من جهته دعا وزير التعليم في حكومة الاحتلال يوآف جالانت، الى اغتيال مطلقي البالونات والعودة لسياسة التصفيات، وكانت المقاومة الفلسطينية، بعثت الإثنين بـ “رسائل نارية” إلى إسرائيل، عقب تهديدات مباشرة لوزير الجيش بني عانتس، حيث أطلقت رشقة صواريخ تجريبية تجاه البحر، وهي رسالة فهمت بأنها تحمل إنذارا للاحتلال بأنها سترد بلغة الصواريخ على أي عملية تصعيد عسكرية.

من جهتها ردت حركة حماس على العقوبات الإسرائيلية الجماعية ضد غزة، بالقول: “إن كل وسائل الضغط والتهديد التي يمارسها الاحتلال الإسرائيلي لم يعد لها أي جدوى أمام إرادة كسر الحصار عن قطاع غزة”، وأكد الناطق باسم الحركة عبد اللطيف القانوع في تصريح صحافي، أن إغلاق الاحتلال لمعبر كرم أبو سالم التجاري الوحيد لقطاع غزة، وتهديدات رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، لقطاع غزة، “تأتي في إطار الضغط على القطاع وتضييق الخناق، وتشديد الحصار”، وأضاف: “من حق شعبنا أن يعيش بحياة عزيزة وكريمة على أرضه ويناضل من أجل رفع الحصار الظالم المفروض عليه منذ 14 عاما”.

من جهته أكد مسؤول المكتب الإعلامي في حركة الجهاد الإسلامي داوود شهاب، أن إغلاق المعابر التجارية ومنع إدخال مواد البناء وإجراءات تشديد الحصار التي يفرضها الاحتلال تعد “سياسات عدوانية لن تكسر روح الصمود الوطني الفلسطيني ولن تحد من عزيمة الشعب الفلسطيني”.

وقال شهاب في تصريح صحفي: “إن الحصار ليس قدراً علينا، ولن يسمح أبداً بتحول الحصار إلى واقع مفروض على غزة”، مشيرًا إلى أن “غزة الأبية بكل ما تملك من قوة إرادة لن تستسلم تحت وقع الحصار والعدوان”، وطالب دول العالم بأن تدرك أنه بمقدور الشعب الفلسطيني “قلب الطاولة” في وجه مؤامرات الحصار والعدوان، مؤكدا أن الشعب الفلسطيني “لن يقايض حقه في الحياة الحرة الكريمة بذرة من تراب وطنه المقدس، ولا بحق من حقوقه الثابتة، ولا بسعيه من أجل تحقيق الحرية لأسراه في سجون الاحتلال”.

“التعاون الإسلامي” تبدي قلقها من ممارسات الاحتلال بحق الفلسطينيين

إلى ذلك أعربت الهيئة الدائمة المستقلة لحقوق الإنسان المنبثقة عن منظمة التعاون الإسلامي، عن قلقها إزاء سياسة القمع التي تتبعها إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، بحق الشعب الفلسطيني، بما فيها الهدم العقابي للمنازل، والإغلاق القسري لغزة وبقية الأراضي الفلسطينية المحتلة.

وأشارت الهيئة في بيان لها، نقلته وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية “وفا”، إلى أن “العقوبات الجماعية” التي يتعرض لها السكان المدنيون تعتبر انتهاكا صارخا لحقوق الإنسان المكفولة للفلسطينيين، ومنها الحق في الحياة، والحصول على الرعاية الصحية اللازمة، والحق في المأوى والمستوى المعيشي المناسبين، وحرية التنقل، كما تشكل خرقا لأحكام المادتين 33 و53 من اتفاقية جنيف الرابعة، وأشادت بالمقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بوضعية حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، مايكل لينك، الذي قدم تقريرا عن الوضع إلى الدورة الرابعة والأربعين لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة يعكس الواقع بشكل صحيح.

وأعربت الهيئة عن أسفها إزاء استمرار إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال “في تنفيذ سياستها التمييزية اللا إنسانية بلا هوادة، حتى في أصعب ظروف الجائحة، في كافة الأراضي الفلسطينية المحتلة، ما يشكل عائقا كبيرا للسلطة الفلسطينية في جهودها الرامية للتصدي للجائحة”، وأبدت قلقها بخصوص الإجراءات التي تتخذها السلطات الإسرائيلية منذ بداية الجائحة، لعرقلة عمليات الاستجابة الطارئة لصالح الفلسطينيين بإغلاق العديد من العيادات، ما يشدد القيود على الحركة الحيوية الضرورية، ومنها تأخير ورفض إصدار تصاريح السفر.

ولفتت إلى أن سلطات الاحتلال أفرجت عن السجناء الإسرائيليين، في إطار الإجراءات الاحترازية للوقاية من الجائحة، بينما رفضت ذات الوسيلة في حق غيرهم من الفلسطينيين، وهم أكثر من 5204 أسرى، منهم 183 طفلا و43 امرأة و700 أسير يعانون ظروفا صحية مسبقة داخل السجون، ما يشكل مثالا آخر للتمييز المطلق الذي يشكل انتهاكا صارخا لجميع الصكوك المعنية بحقوق الإنسان.

وانتقدت استغلال السلطات الإسرائيلية هذه الجائحة لتكثيف إجراءاتها العسكرية، وآليات المراقبة الإلكترونية وغيرها، من أجل خلق “حقائق جديدة على الأرض”، بضم الأراضي الفلسطينية، بهدف تغيير الوضع القانوني والديموغرافي والجغرافي والتاريخي، ما يتعارض بشكل مباشر مع كل من اتفاقية جنيف الرابعة، وميثاق الأمم المتحدة، وقرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة ومنظمة التعاون الإسلامي.

وطالبت بتدخل المجتمع الدولي لتوفير الحماية اللازمة للشعب الفلسطيني ومحاسبة إسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال، على انتهاكاتها الصارخة للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني، وإجبارها على اتخاذ خطوات ملموسة بقصد تمكين الفلسطينيين من ممارسة حقهم غير القابل للتصرف في تقرير المصير.

من نفس القسم دولي