الوطن

أزمة كورونا تكشف عن حاجة الجزائر لوكالة للأمن الغذائي

تعنى بتدعيم وتجديد المخزونات الاستراتيجية ومحاربة المضاربة بقوت الجزائريين

 

كشفت أزمة كورونا التي تضرب العالم عن حاجة الجزائر لوكالة للأمن الغذائي تسهر على الحفاظ على المخزونات الاستراتيجية من مختلف الأغذية التي تكفي لمواجهة أزمة مثل الأزمة الحالية، وتعمل على ضمان حاجيات الجزائريين خاصة من المواد الأساسية بعيدا عن أيدي المضاربين و"مجرمي" الأسواق.

 

في مثل هذه الظروف التي تعيشها الجزائر والتي أفرزتها جائحة كورونا على أكثر من صعيد، برزت مرة أخرى دعوات لإنشاء وكالة وطنية للأمن الغذائي تعنى بحماية قوت الجزائريين ومتابعة المخزونات الاستراتيجية لمختلف المواد الأساسية، وتجديدها كلما دعت الضرورة، بالإضافة إلى إنهاء سيطرة البارونات والمضاربين على غذاء الجزائريين، والعمل على التنسيق بين مختلف القطاعات لمعرفة المنتجات التي يسجل فيها نقص لاستيرادها. ويعتبر الخبراء أن جائحة كورونا أماطت اللثام عن العديد من النقائص وجب العمل على تداركها في الفترة المقبلة، خاصة ما تعلق بالأمن الغذائي.

فالأزمة التي أفرزتها الجائحة جعلت الأسواق رهينة في يد عصابة من التجار والبارونات الذين رهنوا الأمن الغذائي وحاولوا احتكار الأسواق لصالحهم، حيث شهدت الأسواق ومنذ بداية كورونا موجة غلاء ومضاربة غير مسبوقة تورط فيها بارونات وتجار جملة وتجزئة. 

ورغم الحرب التي أعلنتها وزارة التجارة على مجرمي الأسواق، فلا تزال الندرة مسجلة في العديد من المنتجات خاصة الأساسية منها، في حين تحجز مصالح الأمن بمختلف أجهزتها يوميا آلاف الأطنان من المواد المحتكرة والتي كانت توجه للمضاربة، بينما لا تزال الأسعار مرتفعة لمستويات قياسية، وهي كلها عوامل من شأنها أن ترهن الأمن الغذائي أكثر إن استمرت الأزمة الحالية.

موسوني: عندما ترتبط الأزمات بموجة من الهلع يصبح مخزون ستة أشهر غير كاف

وفي هذا الصدد، أكد الخبير في مجال الزراعة، أكلي موسوني، أنه على الجزائر التوجه نحو إنشاء وكالة خاصة تعنى فقط بتسيير المخزونات الاستراتيجية من المواد الأساسية، تكون مستقلة وتعمل على التنسيق بين وزارات الفلاحة والتجارة والصناعة وحتى وزارة الصناعات الصيدلانية، لأن الأمن الغذائي مرتبط بأكثر من قطاع، معتبرا أنه من الضروري الإنشاء التدريجي لمستوى عال من المخزونات الاستراتيجية من المنتجات الغذائية والفلاحية وكذا الدوائية، والتي يجب أن تتكون من منتجات غير قابلة للتلف وأكثرها استهلاكا لتلبية حاجيات الجزائريين لمدة سنتين على الأقل، وهو ما سيمكن الجزائر من مواجهة أي أزمة مستقبلا ويجعل التعامل مع أي أزمة أكثر أريحية. 

وقال موسوني إن الجزائر لا تملك حاليا مخزونا استراتيجيا يمكنه ضمان الأمن الغذائي في البلاد لمدة عام واحد، في حين أن هناك تصريحات تفيد بوجود مخزون يكفي لستة أشهر، وهو أمر غير كاف، خاصة إن ارتبطت الأزمات بحالة من الهلع تدفع للتخزين، ما يجعل نفاد المخزونات عادة أسرع. 

وأشار أن المخزون الاستراتيجي يحرر ارتباط غذاء الجزائريين بعائدات النفط، باعتبار أن حوالي 80 بالمائة من المنتجات الغذائية المستهلكة في الجزائر تأتي من الاستيراد أو موادها الأولية مستوردة وبالتالي تعتمد على عائدات النفط.

بولنوار: ندعم فكرة إنشاء وكالة وطنية للأمن الغذائي من أجل حماية قوت الجزائريين

من جهته، أكد رئيس الجمعية الوطنية للتجار والحرفيين، الحاج الطاهر بولنوار، أن المخزونات الاستراتيجية للجزائر تكفي، مدعما فكرة إنشاء وكالة وطنية للأمن الغذائي تسير هذه المخزونات وتجددها كلما دعت الحاجة، خاصة في مثل هذه الأزمات، مضيفا أن إنشاء مثل هذه الوكالة سوف يقطع الطريق أمام البارونات التي تتلاعب بقوت الجزائريين والتي استغلت فرصة جائحة كورونا من أجل تحقيق الربح. 

وقال بولنوار إن مطلب إنشاء وكالة للأمن الغذائي تنسق بين أكثر من قطاع من أجل معرفة ما هو موجود محليا وما يجب استيراده، طرح أكثر من مرة، مضيفا أن الوقت حان لتطبيق هذه الفكرة، معتبرا أن وباء كورونا يجب أن يكون درسا للمواطنين والمسؤولين الذين يجب أن تكون لهم رؤية استشرافية، ويعملون وفق مخططات متوسطة وبعيدة المدى من أجل أن نكون مستعدين لأي ظروف مماثلة للظروف التي يعيشها العالم بسبب كورونا، مضيفا أنه من غير المعقول أن يبقى أمننا الغذائي يتحكم فيه حزمة من البارونات والمستوردين. 

هذا واعتبر بولنوار أن التبذير يعد أيضا من العوامل التي ترهن الأمن الغذائي في الجزائر، موجها دعوة للجزائريين من أجل التحلي بالمسؤولية والابتعاد عن اللهفة والتبذير.

من نفس القسم الوطن