دولي

فلتان أمني متصاعد بالضفة.. صراعات مراكز قوى تحت سيطرة السلطة وخارجها

35 قتيلا بنيران الفلتان منذ بدء 2020

 

في أجواء من انسيابٍ كبير للسلاح بين مجموعات غالبيتها يتبع مراكز قوى وأخرى لمجموعات فلتان خارج سيطرة السلطة قُتل خليل الشيخ شقيق وزير الشؤون المدنية حسين الشيخ في مدينة البيرة وسط الضفة الغربية، ما أثار حالة من الغضب لحالات تتكرر ومعالجات غير ناجعة.

 

لئن كان تحديد الجهة التي تسببت بمقتل الشيخ غير واضح، لكن الواضح أن مدينة البيرة شهدت قبيل القتل انتشارا لمجموعات مسلحة علنية أطلقت النار عشوائيا، وأرهبت المواطنين على خلفية شجار بين عائلتين ليست بينهما عائلة الشيخ، في حين لم يعترض أحد طريق تلك المجموعات التي اعتادت على استخدام مفرط للسلاح في نزاعات لأسباب مختلفة، وعلى بعد عدة أمتار هوائية من مقر المقاطعة.

جريمة غير معزولة

ولا تعد حادثة قتل الشيخ معزولة عن سياق متصاعد من الجرائم المشابهة؛ إذ قتل قبلها بأيام شاب خطيبته في مدينة بيتونيا المجاورة، وقتل أحد الشبان والد زوجته قبل أن ترد عائلة القتيل بإطلاق النار وإحراق منازل.

كما قتل مجهول عاملا من بيت لحم في القدس، وحُرق فتى في جنين،  وقتل مواطنان في بلدتي "قصرة" قضاء نابلس، وسيدة في سيلة "الحارثية" قضاء جنين، وحالات أخرى يضيق حصرها.

بدوره، قال عضو المكتب السياسي لحركة حماس موسى أبو مرزوق: إن "ظاهرة الفلتان وقتل المواطنين في الضفة الغربية، تحتاج إلى وقفة وطنية وتصويب حقيقي".

وأضاف أبو مرزوق، في تغريدة عبر حسابه بموقع "تويتر": "بلغ عدد الجرائم 35 جريمة قتل هذا العام في الضفة الغربية، كان آخرها حادثة مقتل خليل الشيخ وعماد دويكات رحمهما الله، والمصاحب لحالات القتل هذه كمية من إطلاق للرصاص وكأنها معركة مع الاحتلال، ويا ليتها كذلك".

ضرورة التحقيق

المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان عبّر -في بيان له- عن بليغ قلقه تجاه تصاعد فوضى استخدام السلاح في الأرض الفلسطينية، ويؤكد ضرورة فتح تحقيق في الحادث ونشر نتائجه على الملأ ومحاسبة المسؤولين.

كما طالب مجلس الوزراء باتخاذ خطوات جدية لوقف حالة فوضى السلاح في الضفة الغربية، والعمل الفوري على فرض سيادة القانون.

وأكد ضرورة تقيّد الأجهزة الأمنية بالمعايير الدولية الخاصة باستخدام السلاح الناري، الواردة في مدونة لقواعد سلوك الموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين لسنة 1979، بما يؤمن الحفاظ على أرواح المواطنين وممتلكاتهم.

ظاهرة مقلقة جدًّا

وعدّ مدير مركز شمس لحقوق الإنسان، عمر رحال أن ظواهر القتل والفلتان باتت متصاعدة ومقلقة جدا، محذرا من مخاطر ذلك على السلم المجتمعي.

وعدّد في حديثه لمراسل "المركز الفلسطيني للإعلام" أسبابا لحالة الفلتان؛ منها عدم سيطرة السلطة على مناطق (ج)، وضعف ثقافة التسامح، وتعزيز ثقافة أخذ القانون باليد، ولكن الأهم هو تردي حالة القضاء في فلسطين، إضافة إلى إشكالات في المنظومة القانونية وقانون العقوبات القديم غير الملائم.

وأردف أن المواطنين أصبحوا لا يؤمنون بالجهاز القضائي نتيجة ترهله وإجراءات التقاضي التي قد تمتد لسنوات، إضافة لعدم وجود أحكام رادعة، فغالبا ما يجد الجاني طريقه إلى خارج السجن، ما ولد قناعة بأنه ليس وسيلة لتحصيل الحقوق، فلجؤوا إلى أخذ القانون باليد.

وباتت حالة الفلتان الأمني مقلقة لجميع القطاعات الاجتماعية، وسط انتشار كبير للسلاح المدعوم من قيادات عليا في السلطة الفلسطينية وحركة فتح، وهو المتسبب بغالبية حالات الفلتان، ويمتلك الجرأة من أن أصحابه يعتقدون أنهم فوق المحاسبة.

كميات سلاح مهولة

وبحسب مراقبين لـ"المركز الفلسطيني للإعلام"؛ فإن كمية الأسلحة التي دخلت الضفة الغربية في العامين الأخيرين في إطار بناء مراكز القوى وتعزيز التوازنات السياسية أكثر من أي فترة سبقتها، وبعضها ينساب من إسرائيل والبعض الآخر من جهات خارجية، ولكن ليست بعيدة عن أعين الاحتلال.

ولئن كان الحديث عن حالات القتل هو الأكثر لفتا للانتباه؛ فإن حالة الفوضي في استخدام السلاح في النزاعات العائلية، إضافة إلى التغول على المواطنين وفرض "الخاوات" لتحصيل الحقوق والمال باتت أكثر من أن تعد.

وكان فيديو نشر قبل أيام لمجموعة مسلحة تحاكم فتى بجنين على خلفية قضية سرقة خارج إطار القانون وسط حالة من السادية لقاصر أثارت مزيدا من الغضب، وعلى الرغم من أن الذي يقف خلف تلك الحادثة رجل أعمال كبير إلا أنه لم يتم التعرض له في حين اعتقل عدد من أقاربه، وسرعان ما وجدت القضية طريقها للتسوية؛ ما يعزز أن غياب العقوبة الرادعة هو الذي يجرئ هذه المجموعات.

الكتلة الإسلامية.. استهداف ممنهج منذ بداية العام

كما تتعرض الكتلة الإسلامية منذ بداية العام الحالي 2020 لحملة اعتقالات وملاحقات ممنهجة من الاحتلال الإسرائيلي، حيث اعتقل العشرات من أبنائها وكوادرها في مختلف جامعات الضفة الغربية.

وبحسب الإحصاءات؛ فقد اعتقل الاحتلال 52 ناشطا من الكتلة الإسلامية منذ مطلع العام الجاري، منهم قيادات بارزة.

وكان لجامعة بيرزيت النصيب الأكبر من تلك الاعتقالات، حيث اعتقل الاحتلال 24 طالبا، في حين اعتقل 16 طالبا من جامعة النجاح، و11 من جامعة القدس، كما اعتقل 5 من جامعة خضوري، و6 من مختلف الجامعات.

ومنذ بداية الشهر الجاري شن الاحتلال حملة اعتقالات طالت 4 من أبرز قيادات الكتلة الإسلامية في جامعتي النجاح والقدس، حيث اعتُقل الطالبان حمدي حمدان ومهند شحادة في النجاح، ومنسق الكتلة السابق أحمد حجة وممثلها الحالي رائد الحلايقة في جامعة القدس.

ويقدم أبناء الكتلة الإسلامية في جامعات الضفة ضريبة ثباتهم على المنهج الذي اختاروه لأنفسهم رغم الشدائد والمحن، حيث تتواصل الأنشطة والفعاليات التي تقدمها الكتلة رغم ما تتعرض له من ملاحقات واعتقالات.

وتعقيبا على الاعتقالات الأخيرة، فقد أكدت الكتلة الإسلامية استمرارها في تقديم الخدمة لطلبة الجامعات رغم ما تتعرض له من استهداف ممنهج من الاحتلال.

وأكدت في بياناتها أن الاعتقالات تهدف للتأثير على دور الكتلة الإسلامية البارز في التصدي لمخططات الاحتلال، خاصة وأنها تلعب دورا مهما في تحشيد الحركة الطلابية.

كما أشارت أن الاحتلال يتعمد اعتقال القيادات والكوادر البارزة في صفوفها في أوقات محددة، من أجل التأثير على قدرتها في النهوض بواقع الحركة الطلابية في الجامعات الفلسطينية.

ومنذ مطلع العام الجاري، ورغم الإغلاق المستمر الذي شهدته الجامعات الفلسطينية بسبب جائحة كورونا، كانت الكتلة الإسلامية السباقة في مواكبة الواقع الجديد للتعليم، وتمكنت من تقديم الخدمات للطلبة بما يناسب التعليم الإلكتروني المقر في جامعات الضفة.

واستطاعت الكتلة الإسلامية تقديم العديد من محاضرات الزووم التي تنوعت بين التعليمي والإرشادي والوطني والفني والدعوي.

كما قدمت لطلبة التوجيهي خدمات مميزة، كان أبرزها تدشين منصة إلكترونية لجميع التخصصات في الجامعات الفلسطينية، يستطيع الطالب من خلالها البحث عن التخصص المناسب من خلال منصة واحدة.

وفي السياق قدمت صفحات الإرشاد الخاصة بالكتلة الإسلامية في جميع الجامعات عشرات الفيديوهات والتصاميم الإرشادية لطلبة التوجيهي، التي تسهل على الطلبة الاندماج في الحياة الجامعية، وتأتي هذه النشاطات ضمن ما اعتادت عليه الكتلة الإسلامية من الوقوف مع الطلبة منذ التحاقهم بالجامعة وحتى تخرجهم فيها.

من نفس القسم دولي