دولي

نتنياهو والكيان الصهيوني على حافة الهاوية

اشتعلت الأوضاع الداخلية داخل الكيان الصهيوني وأصبح السياسيون والإعلاميون والخبراء الأمنيون والعسكريون والمجتمع الداخلي بشكل عام يعيش حالة من التململ، ونقد شديد صب جام غضبه على نتنياهو وسياسته التي فشلت في أكثر من ملف وأزمة، فمن أزمة كورونا، إلى أزمة الموازنة العامة للدولة، وصولاً إلى قضايا الفساد والمحاكمة، إلى أزمة التحفظ على إعلان قرار الضم، إلى أزمة الجبهة الشمالية والجنوبية، إلى أزمة إيران، وأزمة الخصوم والمعارضة في الداخل، إلى أزمة الاحتجاجات وعدم الرضا عن الأداء، إلى أزمة الجنود الأسرى لدى المقاومة في غزة.

يصف الرأي العام داخل إسرائيل إدارة حكومة نتنياهو لأزمة الكورونا بالكارثة التي قد تحل بـ"إسرائيل"، كما يرى الرأي العام أن السياسيين فقدوا قدرتهم على إدارة الدولة، وكشفت أزمة الكورونا سَوءة حكومة "إسرائيل" داخلياً وأمام العالم بأسره، فكورونا بالنسبة للكيان الصهيوني يصفه الخبراء بأنه تهديد وطني منظوماتي يصنف حسب مزاياه كإرهاب أو تهديد قومي غير تقليدي، يؤثر على عموم منظومات الحياة المتعلقة بالمواطن والمجتمع، وبصفته هذه يجب أن يتم التعامل معه بصيغة الطوارئ الوطنية، لكن الآلاف من المحتجين ينظمون احتجاجات ومظاهرات داخل الكيان الصهيوني عمت المدن بسبب فشل حكومة نتنياهو في التعامل مع أزمة الكورونا، وهناك حديث عن اشتباكات بين مؤيدي نتنياهو ومعارضيه.

ولم يقف الحد عند أزمة كورونا لتدخل أزمة الجهة الشمالية والجنوبية على خط أزمات نتنياهو فهما يشكلان قلقًا دائمًا ومستمرًّا ومزمنًا للكيان الصهيوني ولنتنياهو بشكل خاص، حيث يعلم نتنياهو  بأن الجبهة الجنوبية والشمالية تستعدان للمعركة المقبلة لتنفيذ عمليات هجومية بتكتيكات جديدة وبطرق إبداعية عديدة، وفيما يتعلق بالتوتر على الجبهة الشمالية واحتمال تدحرج الأوضاع إلى السيناريو الأسوأ، فإن ذلك يتوقف على الرد السوري ورد حزب الله غير التقليدي على الانتهاكات والغارات الجوية الإسرائيلية.

ومن مسلسل الأزمات الذي يعيشه نتنياهو أزمة إعلان قرار الضم التي قسمت الكيان الصهيوني إلى قسمين الأول مؤيد وبقوة أما الثاني معارض، حيث يرى المؤيدون أن نتنياهو يرتكب خطأً جسيماً حين يهمل فرصة نادرة لضم غور الأردن إلى دولة "إسرائيل"، كما يعتقد هذا الفريق أن غور الأردن بالنسبة لـ"إسرائيل" من الناحية الأمنية والاستراتيجية أهم من الكتل الاستيطانية المتفرقة، في ظل التأييد الأمريكي الواضح لمثل هذه الخطوة، فإن على نتنياهو أن يفعلها ويقف بلا خوف في وجه كل الضغوط الداخلية والخارجية.

أما المعارضون لقرار الضم يقولون لنفترض إننا ضممنا الأغوار، فبعد بضعة أشهر سيخسر ترامب في الانتخابات وسيصعد بايدن الرئيس الديمقراطي، وسيلغي الاعتراف الأمريكي بضم الغور وعندها سنبقى يتامى، بينما لا تعترف أي دولة في العالم بالضم، هذا سيكون وضعاً سياسياً سيئاً جداً لـ"إسرائيل"، فلماذا نفعل ذلك حين نعرف مسبقاً بأن هذا سيثير المشاكل لنا؟!

وفكرة الضم بالنسبة للمعارضين فهي عبارة عن "فكرة لإيقاظ القضية الفلسطينية الغائبة نسبياً، وقد تؤدي لحدوث انتفاضة وحدوث ذلك سيحرفنا عن صراعنا المركزي ضد العدو الأساس إيران".

يرى الكيان الصهيوني نفسه اليوم أنه في مكانة دون المطلوب ومكانة لا يستحقها وفي مأزق كبير، وهذا ما أكده الكاتب (يسرائيل زيف) كما ورد عنه في مقال بعنوان (واقع إسرائيلي خطير يشبه الحال عشية الربيع العربي)، حيث يقول هذا الكاتب: "لقد بات وضع دولة إسرائيل اليوم يبعث على ردود فعل دولية انتقادية بل واستخفافية كدولة تعد رائدة في إدارة الأزمات مع تكنولوجيا متطورة، وإنجازات طبية، وانضباطها الجماهيري وقدرتها على الانتقال الفوري من وضع الحياة الطبيعية إلى الطوارئ نرى الآن العكس تماماً، الصورة التي ترتسم في الخارج هي صورة إدارة وطنية مشوشة وعديمة الاتجاه، صورة سقوط اقتصادي وصورة جمهور يفقد من يوم إلى يوم الثقة بقرارات حكومته ويخرج للتظاهر في الشوارع، تبدو إسرائيل اليوم تقريباً كتلك الدول العربية التي اندلع فيها “الربيع العربي” في بداية العقد وأدى إلى انهيارها، إن آثار هذه الصورة على قدرة الردع لدينا في غاية الخطورة".

ومن الأزمات أيضاً التي تعصف بالكيان الصهيوني وبنتنياهو عدم قدرة الحكومة الإسرائيلية على تقرير وبلورة الميزانية العامة للكيان، وهناك استطلاع للرأي أجرته القناة 13 العبرية كانت مؤشراته أن 76% من الجمهور الإسرائيلي، يعتقدون أن حكومة نتنياهو لا تدير الأزمة الاقتصادية بشكل جيد، و60% غير راضين عن أداء نتنياهو في إدارة أزمة الكورونا.

ومن بين سيول الأزمات التي يواجهها نتنياهو يطل عليه (لبيد) زعيم المعارضة الإسرائيلية ليطالب نتنياهو بتقديم استقالته لأنه فشل وفقد السيطرة، داعياً باقي الأحزاب إلى الاتحاد من أجل الإطاحة بنتنياهو.

نعتقد أن الأزمات والمهددات التي تحيط بنتنياهو والكيان الصهيوني سوف تتعاظم وتشتد حتى تصل إلى نقطة بلا عودة والانفجار الداخلي ومصير الاثنين (الكيان الصهيوني ونتنياهو) إلى زوال بفعل المهددات الداخلية والخارجية.

من نفس القسم دولي