دولي

نتنياهو يغذي الاستقطاب السياسي لخدمة مصالحه

يرغب في استعادة حلفه الحكومي مع اليمين الحريدي وبينت

يُشكّل تظاهر مجموعات من اليمين الإسرائيلي، تحت قيادة تنظيم "لافاميليا"؛ الأكثر عنصرية في إسرائيل ولا يخفي عداءه للعرب، مقابل آلاف المتظاهرين ضد رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، سواء بسبب ملفات الفساد التي تلاحقه، أم بفعل فشله في مواجهة وباء كورونا واضطرار الشرطة الإسرائيلية للفصل جسدياً بين الفريقين، نقطة تحوّل في حالة الاستقطاب الداخلية في إسرائيل، مع استمرار التظاهرات المناهضة لنتنياهو. كذلك يشكّل مؤشراً واضحاً إلى بدء أنصار نتنياهو في اليمين الإسرائيلي، ولا سيما الأطراف الفاشية التي يمثلها تنظيم "لافاميليا"، بالنزول إلى الشارع لعدم إبقاء ميدان التظاهرات متاحاً من دون رد من اليمين، الذي بات يطلق عليه أيضاً في إسرائيل "يمين بيبي" للإشارة إلى عمق التضامن والتماهي لهذا اليمين مع شخص نتنياهو وأسرته. 

ويبدو أن نتنياهو وأقطاب حزبه يغذون حالة الاستقطاب، حسبما عكستها الشتائم التي وجهها أنصار "لافاميليا" إلى المتظاهرين ضد نتنياهو، متهمين إياهم بأنهم "يسار خائن ويساريات مومسات" وغيرها من التعابير المسيئة. فاتهام معارضي نتنياهو ومنتقديه، حتى من اليمين، بأنه من اليسار المتطرف، هو الشعار الذي يحمله نتنياهو ويروّج له منذ عامين على مدار ثلاث حملات انتخابية. مع العلم أنه استخدمها للمرة الأولى في انتخابات 2015، عندما ادّعى أن "الناخبين العرب يتدفقون على صناديق الاقتراع، وتقوم جمعيات اليسار بنقلهم لمراكز التصويت بكميات كبيرة، وبالتالي فإن حكم اليمين في خطر".

ومع استمرار التظاهرات من جهة، وتعاظم فشل حكومة نتنياهو في مواجهة الموجة الثانية من كورونا من جهة ثانية، بدأ رئيس الوزراء الإسرائيلي من جديد التفكير "بصوت مرتفع" أمام المقرّبين منه في وجوب الذهاب لانتخابات جديدة، بحجة أن الوضع الحالي في الحكومة مشلول، ولا يمكّنه من اتخاذ قرارات حازمة لمواجهة الوباء وإقرار ميزانية رسمية للدولة. وصعّد نتنياهو من نبرته في هذا الاتجاه، وسط ميل "لتشجيع حالة فوضى في الحكم وعدم صنع القرار"، حسبما رصد محلل الشؤون الحزبية في صحيفة "هآرتس" يوسي فيرتير، ليدلل على خطة رئيس الوزراء الإسرائيلي لنشر حالة إحباط ويأس من حكومة الطوارئ الحالية، مع تحميل المسؤولية كاملة لشريكه في الحكم، الجنرال بني غانتس، أملاً في أن يساهم ذلك في تهيئة الأرضية والرأي العام الإسرائيلي لمناورة حزبية تأتي على نهاية الحكومة الحالية وتتيح له الذهاب لانتخابات مبكرة.

ويحاول نتنياهو، على ضوء قرار المحكمة الإسرائيلية مطلع الأسبوع الحالي، تحديد شهر يناير/ كانون الثاني المقبل موعداً لبدء المداولات الفعلية في محاكمته مع اشتراط انعقادها ثلاث مرات أسبوعياً، استباق تقديم التماس للمحكمة العليا يلزمه التنحّي من منصبه مع بدء جلسات المحكمة، بحجة عدم قدرته على إدارة دفة قيادة الدولة، في ظل ما يلزمه من وقت وانشغال في مداولات المحكمة. ويعتقد نتنياهو، بحسب مقربين منه، أن المستشار القضائي للحكومة، أفيحاي مندلبليت، قد يستجيب لالتماس من هذا النوع، وبالتالي فإن المخرج الوحيد أمام نتنياهو هو الذهاب لانتخابات مبكرة، سواء في أواخر هذا العام أم مطلع العام المقبل، مما يحوله إلى رئيس لحكومة تصريف أعمال، وعلى أمل تَمَكّنه من تحقيق إنجاز انتخابي يتيح لحزبه، بالرغم من تراجع التأييد الشعبي لليكود الآن، تشكيل ائتلاف حكومي مع حلفائه التقليديين من أحزاب اليمين الحريدي، وإعادة حزب "يمينا" بقيادة نفتالي بينت للحكومة المقبلة، بعد أن ظل خارج حكومة الوحدة مع "كاحول لفان".

ولأن الثغرة الوحيدة في الاتفاق الائتلافي مع حزب "كاحول لفان" التي تتيح لنتنياهو عدم تنفيذ مبدأ التناوب في الحكم، هي تلك المتعلقة بفشل الحكومة في إقرار ميزانية رسمية وبالتالي سقوط الحكومة وحل الكنيست، يصرّ نتنياهو حالياً على مقترح لإقرار ميزانية رسمية لعدة أشهر فقط، قبل 25 أغسطس/ آب المقبل، على الرغم من معارضة "كاحول لفان" وزعيمه الجنرال بني غانتس.

من نفس القسم دولي