دولي
الاحتلال يدّعي إحباط عمليات لخلية تابعة لـ"الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين"
تشير الادعاءات إلى أن المخطط شمل اختطاف جندي صهيوني
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 22 جولية 2020
ادّعى جهاز المخابرات العامة الإسرائيلي "الشاباك"، أنه تمكن أخيراً من كشف خلية تابعة لـ"الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين"، وإحباط مخططات لها لتنفيذ عمليات فدائية ضد الاحتلال، وأفاد موقع "معاريف" بأنّ الرقابة العسكرية الإسرائيلية سمحت بالنشر عن إحباط "الشاباك" في الشهرين الماضيين، نشاطاً لخلية لـ"الجبهة الشعبية" نشطت تحت اسم "الشباب القومي العربي"، بعد التحقيق مع الفلسطيني يزن أبو صلاح من سكان عرابة، والبالغ من العمر 23 عاماً.
ادّعت التقارير الإسرائيلية أن يزن أبو صلاح كان اعتقل في إبريل/نيسان الماضي، بعد ورود معلومات عن ضلوعه في التخطيط لعمليات ضد الاحتلال في الضفة الغربية، وبحسب الادعاءات الإسرائيلية، فقد اقتنى أبو صلاح أسلحة، وقام بتجنيد أعضاء للخلية، شكّل معهم خليتين عملتا في الضفة الغربية، ادّعت وسائل الإعلام أن التحقيقات وفرت معلومات حول الدور العميق لإيران و"حزب الله" في الدفع باتجاه تنفيذ عمليات ضد إسرائيل
وادعى الاحتلال أن أبو صلاح اعترف، خلال التحقيق معه، بأنه كان يخطط لتنفيذ عمليات مختلفة، بينها عملية في مستوطنة حريش، على خط التماس في منطقة المثلث، واختطاف جندي إسرائيلي لغرض إبرام صفقة تبادل أسرى فلسطينيين ممن يقبعون في سجون الاحتلال، وبحسب ادعاءات الاحتلال، فقد كشفت التحقيقات علاقة منظمة "الشباب القومي العربي" بتنظيم آخر يدعى "الحرس القومي العربي"، الذي ينشط في سورية، وبشكل خاص ضد تنظيم "داعش" وجبهة "النصرة" ومعارضي النظام.
وادعت وسائل الإعلام الإسرائيلية نقلاً عن جهاز المخابرات الإسرائيلي، أن التحقيقات وفرت معلومات حول الدور العميق لإيران و"حزب الله" في الدفع باتجاه تنفيذ عمليات ضد إسرائيل. وبحسب الادعاءات، فقد كان من المفترض أن يسافر أبو صلاح لتلقي تدريبات عسكرية في لبنان.
ووفقاً لموقع "معاريف"، فقد تم أيضاً اعتقال محمد أبو صلاح (29 عاماً)، وهو ابن عم يزن، حيث اعترف الأخير في التحقيقات معه، بحسب الزعم الإسرائيلي، بأن التنظيم يجري تدريبات عسكرية مشتركة مع جهات إيرانية و"حزب الله" والجيش السوري، وأن هؤلاء كانوا مصدر التمويل لنشاط تنظيمهم، ويقف على رأس التنظيم بحسب الزعم الإسرائيلي، ناشط لبناني يدعى أسعد العاملي المكنى بـ"ذو الفقار"، وهو رجل الاتصال والصلة بين التنظيم و"حزب الله" وإيران، وهو يعمل بشكل علني ومكشوف من قبل أطراف إيرانية في سورية، وذكر "الشاباك" أنه اعتقل في ختام التحقيقات ثمانية فلسطينيين إضافيين، كانوا شركاء في التخطيط لعمليات ضد أهداف إسرائيلية.
اللعبة الأمنية بغزة.. المقاومة تسيطر و"إسرائيل" في حيرة
إلى ذلك لم تعد "إسرائيل" ممسكة بخيوط الصراع الأمني كافة مع المقاومة الفلسطينية، فالوقائع الميدانية تثبت تراجعاً في حجم المعلومات المتوفرة لديها رغم تفوقها التقني واللوجستي، وراكمت المقاومة الفلسطينية ضربات أمنية للاحتلال رغم تفوقه في المجال الأمني والعسكري في السنوات الماضية؛ بتمكنها من ملاحقة جواسيسه وكشفهم، بل وتجنيد بعضهم عكسيًّا، وإحباط عدة مخططات له.
منذ انتهاء عدوان غزة 2014م، يكثّف الاحتلال عمله الاستخباري في القطاع مركّزاً على شبكات اتصال المقاومة، وبنيتها التحتية، وعملها النخبوي مثل "الضفادع البشرية".
ساحة العمل الأمني لا تهدأ مطلقاً، وفقد الاحتلال فيها كثيرا من مصادر معلوماته التي تساعده على شنّ ضربات عسكرية، وثبت ذلك من خلال عجزه عن الاغتيال وتطوير القدرات، بل كشفت المقاومة مهمات التجنيد والاختراق.
آخر عدوان على غزة عام 2014م ظهر فيه الأداء الأعمى لجيش الاحتلال؛ حيث افتقد لكثير من المعلومات، فتحوّل لصبّ غضبه على المدنيين، ونجحت المقاومة في منعه من إطلاق الرصاصة الأخيرة، ومنذ تعززت قدرات المقاومة مطلع انتفاضة الأقصى عام 2000م وحتى اليوم، بات واضحاً تكثيف الاحتلال لعمله الاستخباري مع مقاومة أفضل أداءً.
ويؤكد محمد لافي، الخبير في الشئون الأمنية، أن العلاقة العسكرية بين الاحتلال والمقاومة تأخذ بعداً موسميًّا، في حين يبقى العمل الاستخباري صراعًا دائمًا، ويضيف لـ"المركز الفلسطيني للإعلام" الفلسطيني: "بنت المقاومة وعياً فلسطينيًّا وتحصيناً اجتماعيًّا للفلسطينيين الذين سعى الاحتلال لخلخلة مجتمعهم، وأشرفت على حملات وطنية لمكافحة التخابر 2010-2013م، ونجحنا في رفع وعي الجمهور، وعام 2019م انطلقت حملة التحصين المجتمعي"، الجانب الآخر الذي عززت فيه المقاومة ساحتها الأمنية، هو ملاحقة المشتبه بهم "أفرادًا وأماكنَ"، ومتابعة الأمر مع الحكومة بغزة لبناء ملف أمني لكل مشتبه به، تطورت بامتلاكها أدوات فنية، وكشفت عمل الجواسيس الميداني، وأثبتت تورط بعضهم.
يقول لافي: إن نضوج ملف أي مشتبه، يتبعه توقيفه والتحقيق معه عبر جهة اختصاص حكومية، تجني كثيراً من المعلومات عن آخر أساليب الاحتلال وأهدافه قبل اتخاذ الإجراء اللازم، وتاريخيًّا، كانت أسرة المتخابر هدفاً لمحاولة التجنيد، لذا تنبهت المقاومة بغزة لذلك، وأفردت إدارة متخصصة عام 2020م لمعالجة أحوالها الاجتماعية.
ويرى رامي أبو زبيدة، الباحث في الشأن العسكري، أن صراع الأدمغة والحرب الإلكترونية والاستخبارية لا تنقطع، فهي مقدمة لنجاح أي عدوان أو تصعيد، وهي حرب معلومات بعيدة عن الحرب الخشنة، لا يكف ضباط المخابرات الإسرائيلية عن قراءة سلوك المجتمع الفلسطيني ومحاولة تجنيد واختراق الناس وفصائل المقاومة لضرب بنية المجتمع وإحباط أعمال المقاومة.
تاريخيًّا، كبرى أجهزة المخابرات في زمن صراع الولايات المتحدة الأمريكية مع الاتحاد السوفييتي، ولاحقاً بين دول عظمى، حدث الاختراق بدرجات متفاوتة على قاعدة أن لكل نظام أمني ثغرة، يقول الخبير لافي: إن مهمة اختراق المقاومة ليست سهلة؛ فهناك صراع أدمغة مستمر بين الطرفين، حققت فيه المقاومة نجاحات لم تكشفها للإعلام، ويتابع: "وزارة الداخلية بغزة تتابع ملفات الاختراق والتجنيد منذ 10 سنوات، وتحبط محاولة الاحتلال خلط الأوراق، وتكافح جهود الاحتلال في بث رسائل أمنية لزعزعة المجتمع وجمع معلومات".
وظهر الأداء الأعمى لجيش الاحتلال في عدواناته على غزة، وكثير من الجولات بسبب نقص المعلومة، فالمتخابرون معه لا يعملون بحرية، بل كثير منهم سلّم نفسه للمقاومة، أو وقع خلال مهمته، ويشير الباحث أبو زبيدة لنفس الوسيلة الإعلامية أن المقاومة كشفت مهمات الاحتلال بسبب تطورها الفني وأدائها الأمني، وخبرة متراكمة حمت الجبهة الداخلية من محاولات الاختراق والتجنيد ضمن عمل أمني دفاعي شوّش على الاحتلال خططه.