دولي

مواجهة كورونا في الخليل تصطدم بانتهاكات الاحتلال

تواجه بلدية الخليل صعوبة في الوصول إلى المناطق المغلقة في المدينة

 

تخطّى عدد الإصابات بفيروس كورونا في محافظة الخليل جنوب الضفة الغربية حاجز الأربعة آلاف إصابة، منذ دخول محافظات الضفة الغربية موجة ثانية في مواجهة الجائحة مطلع يونيو/حزيران الماضي، لكن ذلك لم يدفع الاحتلال الإسرائيلي إلى تخفيف الخناق الذي يفرضه على المحافظة الموبوءة.

 

عند المدخل الشمالي لمدينة الخليل، الرابط بينها وبين مدينة حلحول وقرى شمال وغرب وشرق الخليل، شرعت البلدية في بناء مركزٍ لأخذ عينات من القادمين إلى المدينة عبر هذا المدخل، لكن سلطات الاحتلال كانت بالمرصاد، إذ أخطرت المركز قبل أيام بالهدم، قبل انتهاء العمل به أو تجهيزه، بحسب ما يؤكد رئيس بلدية الخليل تيسير أبو سنينة لـ"العربي الجديد". يقول أبو سنينة: "قبل 11 يوماً بدأنا العمل في قطعة الأرض التي تبرّع بها المواطن رائد مسودة، وبعد تهيئة الأرض، أقمنا هيكلاً يحاكي شكل مركز أو عيادة، لكن المواطن تلقّى مسودة إخطار من الاحتلال بهدم المركز قيد التجهيز، بينما لا يفوّت الاحتلال أي فرصة لممارسة انتهاكاته بحق الخليل وأبنائها، حتى في وقت مواجهة المحافظة جائحة كورونا".

تواجه بلدية الخليل، بحسب رئيسها تيسير أبو سنينة، صعوبة في الوصول إلى المناطق المغلقة في المدينة، والتي تخضع للسيطرة الإسرائيلية، وتشمل الحرم الإبراهيمي والبلدة القديمة من الخليل وحاراتها حتى المناطق الجنوبية في المدينة وأهمها سدة الفحص، وجبل جوهر، وتشكّل نسبة 20 في المائة من المساحة الإجمالية لمدينة الخليل، وبالتالي يُحرم قرابة 120 ألف فلسطيني من الرعاية والخدمة المفترضة في ظل جائحة كورونا.

يقول أبو سنينة: "في مناطق هـ 2 نعاني لتقديم الخدمة للسكان، وفي الخليل عموماً يضع الاحتلال أكثر من 120 حاجزاً أو ساتراً إسمنتياً أو إغلاقاً حديدياً، وهذا ما يُصعّب علينا تطبيق إجراءاتنا في مكافحة كورونا، ليس في البلدة القديمة فقط، بل في مناطق أخرى مثل سدة الفحص جنوب مدينة الخليل والتي تقع بالقرب من الطريق الالتفافي المسمى بخط 60".

في حارة جابر، إحدى حارات البلدة القديمة في مدينة الخليل، والقريبة من الحرم الإبراهيمي، وفيما يبقى المستوطنون وجنود الاحتلال على استعدادٍ دائم لبدء معركة مع الفلسطينيين هناك للضغط عليهم من أجل المغادرة وتسليم منازلهم، فإنهم في ظل كورونا يبتدعون أساليب جديدة بداعي الوقاية، يُراد بها إنهاك السكان الفلسطينيين.

يقول الناشط عارف جابر، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن "الاحتلال الإسرائيلي لا يتوانى في فرض سيادته على الأرض، والحجّة كمامة، إذ يعتبر مناطقنا جزءاً من دولته، ويتعامل معنا بتحرير مخالفات بسبب عدم ارتداء الكمامات، بحجة الوقاية، لكن جيش الاحتلال يريد بهذا الأمر التضييق على المواطنين، وإنهاكهم مالياً بفرض مبالغ تتراوح بين 200 و500 شيقل (بين 60 و150 دولاراً)، كما أن جيش الاحتلال في مطلع مارس/آذار الماضي، وهي الفترة التي بدأ فيروس كورونا بالانتشار في الموجة الأولى، قيّد حركة السكان في البلدة القديمة، بمنعهم من الدخول إلى منازلهم عبر الحواجز المقامة على مداخل الحارات ومنها حارة جابر". ويتابع: "أنا مثلاً لم أستطع الدخول لمنزلي، والحجة أنني لا أملك تصريحاً بذلك، خاطبني الجندي قائلاً: أنت لا تملك تصريحاً لدخول إسرائيل، فأجبته بأنني أريد الدخول إلى منزلي، وذلك على خلاف العادة، إذ نقدّم بطاقاتنا الشخصية عند التفتيش، أو نمرّ عبر الحاجز لمعرفة جنود الاحتلال مسبقاً بأننا قاطنو المنطقة".

يؤكد جابر أن إجراءات الاحتلال هذه متصلة بنيّته إعلان مخطط "الضم" (لأجزاء من الضفة الغربية وغور الأردن)، وحتى خلال مواجهة الفلسطينيين في الخليل لفيروس كورونا، انشغل الاحتلال بترميم بيوتٍ ومبانٍ في عمق البلدة القديمة في الخليل، لتحويلها سريعاً إلى بؤرٍ استيطانية، أبرزها عمارة الرجبي وبيت الزعتري.

من جهته، يستنكر المواطن مالك جابر، من حارة جابر أيضاً، إجراءات الاحتلال العنصرية ضد الفلسطينيين في البلدة القديمة، بخصوص تطبيق القوانين حول مخالفة ما يدعي الاحتلال أنها إجراءات سلامة، على السكان الفلسطينيين فقط، ويقول لـ"العربي الجديد": "قبل حوالي أسبوع، حرر لي جنود الاحتلال مخالفة بقيمة 200 شيقل (ما يقارب 70 دولاراً)، حرروها لي على الرغم من أنني أرتدي الكمامة، والحجة أنني نزعتها لبرهة من الوقت، قبل أن أرتديها مرة أخرى". ويتابع: "لكن جنود الاحتلال لا يتّبعون الأسلوب ذاته مع المستوطنين، ويحصل أن كثيراً منهم لا يرتدون الكمامة، علماً أن المستوطنين يقتحمون الحرم الإبراهيمي لأداء طقوس تلمودية، أيام السبت، من دون ارتداء الكمامة".

لا تتوقف مساعي الاحتلال لإجهاض محاولات الفلسطينيين عند ما سبق، بل إن الفريق الطبي يواجه صعوبة في التنقل في بعض المناطق، فقد يُمنع من دخول بلدات وقرى تقع ضمن المناطق المصنفة "ج"، وفق تصريحات سابقة لمسؤول ملف كورونا في الخليل، ومدير صحة جنوب الخليل، عفيف عطاونة، لـ"العربي الجديد".

عدا عن تلك الإجراءات، فإن الاحتلال قطع التيار الكهربائي عن بعض البلدات التي يتفشى فيها الوباء في محافظة الخليل، بحجة تراكم ديون على مجالسها المحلية وبلدياتها، وأبرزها تفوح وبني نعيم، والبلدتان من أصل 47 بلدة وقرية فلسطينية وجّهت لها الشركة الإسرائيلية للكهرباء تهديدات بقطع التيار، وقد بدأت بالتنفيذ مطلع يوليو/تموز الحالي.

من نفس القسم دولي