الوطن

أضاحي تباع سرا، إسطبلات لا تعترف بالوقاية وسماسرة همهم الوحيد المضاربة

"الرائد" تستطلع مدى الالتزام بقرار منع بيع الأضاحي بالمقاطعة الإدارية لبئر توتة

 

لم يحترم العديد من الموالين السماسرة ووسطاء بيع الأضاحي قرار السلطات بغلق نقاط البيع المنتشرة عبر العاصمة هذه الأيام، ومنع البيع إلى أجل غير مسمى، حيث تحول بيع أضاحي العيد في هذه الفترة إلى نشاط سري يمارس خفية بمواقع غير معتمدة ومستودعات مغلقة، من طرف سماسرة لا يعترفون بأي إجراءات وقائية على مستوى المواقع التي يسوقون فيها لأضاحيهم، بينما اغتنم هؤلاء فرصة غلق أسواق المواشي الرسمية وبدء تسجيل طلب على الأضاحي من طرف الجزائريين المتخوفين من أي قرار غير متوقع فيما يتعلق بشعيرة العيد لرفع الأسعار إلى حدود قياسية.

 

سماسرة ووسطاء يسوقون للأضاحي سرا ولا أثر للتدابير الوقائية

ولمعرفة مدى تطبيق قرار غلق نقاط بيع الأضاحي ومنع البيع إلى أجل غير مسمى، في العديد من المقاطعات الإدارية بالعاصمة، قصدنا عددا من المستودعات ونقاط البيع التي كانت قد بدأت تسوق لأضاحي العيد، وكانت وجهتنا الأولى المقاطعة الإدارية لبئر توتة التي أصدرت منذ يومين قرارا يمنع بيع الأضاحي عبر بلديات هذه المقاطعة، وتحديدا ببلدية بابا علي، وقد بدا القرار محترما في البداية، غير أنه وبمجرد سؤالنا عن موقع يمكننا اقتناء أضحية فيه، دلنا مواطنون على أكثر من موقع، وأكدوا أن بيع الأضاحي فيه يتم بطريقة سرية بعيدا عن أعين مصالح الأمن. وبإحدى المزارع المتواجدة على الطريق السريع وجدنا أحد الموالين يسوق لأضاحيه بشكل عادي، مستغلا كون الموقع الذي يحتله هو عبارة عن مساحة شاسعة تصلح للرعي ويمكن بسهولة خداع مصالح الأمن وإنكار ممارسة نشاط بيع الأضاحي. 

وقد لاحظنا بهذه المزرعة تواجد عدد لا بأس به من المواطنين يفوق الـ8 أفراد، كلهم قصدوا المكان للاستفسار عن الأسعار والمستوى الذي وصلت إليه. كما لفت انتباهنا غياب أي التزام بالتدابير الوقائية. فمن بين الـ 8 زبائن الذين كانوا يستفسرون عن الأضاحي، 3 فقط كانوا يضعون الكمامات الواقية، بينما لم يطلب صاحب المزرعة من الأشخاص الآخرين الالتزام بوضع الكمامة كشرط لدخول المكان المخصص بالمزعة لوضع الأضاحي. وقد حاولنا بطريقة غير مباشرة سؤال الموال عن قرار منع بيع الأضاحي وخرقه لهذا الأخير، ليرد أن الحجر الصحي وأزمة كورونا كبدت أغلب الموالين خسائر بالجملة، ومن غير المعقول أن يتم منعهم من النشاط في الفترة التي تسبق عيد الأضحى، وهي فترة نشاطهم الحقيقي. وغير بعيد عن المزرعة المذكورة ببابا علي، قصدنا أكثر من مستودع بالمنطقة دلنا عليها مواطنون أكدوا أن أصاحبها يبيعون، في هذه الفترة، أضاحي العيد. وقد رصدنا بهذه المستودعات العديد من التجاوزات، ليس فقط فيما يتعلق باحترام تدابير الوقاية من فيروس كورونا وتدابير التباعد الجسدي، وإنما حتى شروط النظافة الغائبة بهذه الأماكن التي تسوق للأضاحي بطريقة غير قانونية وعشوائية دون احترام أي معايير. ومن خلال جولتنا تبين أن أغلب من يسوق أضاحي العيد هذه الفترة بالمستودعات والأماكن المغلقة هم وسطاء لا علاقة لهم بنشاط تربية المواشي لا من قريب ولا من بعيد، منهم من هم موظفون وشباب عاطل عن العمل يستغلون فرصة عيد الأضحى لتحقيق الربح من خلال المضاربة بأسعار الماشية.

موالون احترموا قرار المنع يطلبون إعادة الترخيص لممارسة نشاطهم

بالمقابل، هناك عدد من الموالين والوسطاء وحتى السماسرة من احترم قرار منع بيع الأضاحي، على أمل أن يتم اتخاذ إجراءات قريبة تسمح بالعودة إلى ممارسة النشاط قبيل العيد. ومنهم محمد، وهو صاحب مستثمرة فلاحية بمنطقة بئر توتة، وجدناه قد علق لافتة على نقطة البيع الخاصة بالمواشي والتي حضرها من أجل مناسبة العيد، كتب عليها "بيع الأضاحي مؤجل". 

ولدى استفسارنا، أكد لنا أنه تلقى إنذار من السلطات الأمنية بعد قرار المقاطعة الإدارية لبئر توتة بمنع بيع الأضاحي حاليا وغلق جميع نقاط البيع بالمقاطعة، مشيرا أنه طبق القرار مخافة أن يتعرض للمخالفة. وقال محمد إن العديد من المواطنين يقصدون مزرعته من أجل الاستفسار عن الأسعار إلا أنه يرفض استقبالهم، مشيرا أن هناك موالين وسماسرة من يمارسون نشاطهم سرا، وهو الأمر الذي سيؤثر على الأسعار عبر الأسواق، حيث قال إن هؤلاء يمارسون مضاربة في الأسعار، وهو ما سيضر باقي الموالين زيادة على الضرر الذي أحدثه قرار منع البيع.

من جانب آخر، أضاف محمد أنه، على غرار باقي الموالين وحتى الوسطاء الذين طبقوا القرار، يأمل في انفراج الوضع قريبا، مؤكدا أنهم كموالين مستعدون لتطبيق أقصى تدابير الوقاية خلال بيعهم لأضاحي العيد، داعيا السلطات لإعادة الترخيص لهم بالنشاط حتى لا يتكبدوا خسائر تضاف إلى الخسائر التي تكبدوها طيلة الأربعة أشهر الماضية بسبب الحجر الصحي.

مستوى أسعار مرتفع والمضاربة تبدأ من المستودعات المغلقة

وعن مستوى الأسعار التي رصدناها في خرجتنا الميدانية، فإنه على العموم تعتبر الأسعار حاليا مرتفعة عن المعدل الطبيعي الذي كان يسجل في مواسم سابقة، حيث تتراوح حاليا أسعار الخرفان من الحجم الصغير والتي تقبل عليها عادة العائلات المتكونة من 3 أو 4 أفراد كحد أقصى بين 3 ملايين و3 ملايين ونصف، حيث لا يوجد بمواقع البيع التي قصدناها خرفان تقل عن الـ3 ملايين سنتيم، في حين تصل أسعار الكباش من الحجم المتوسط والتي تعد الأكثر طلبا عادة حدود الـ6 ملايين سنتيم، وهي نفسها الخرفان التي كانت تسوق في مواسم سابقة بأسعار لا تتجاوز الأربعة ملايين سنتيم، بينما هناك أضاحي من الحجم الكبير وأضاحي ذات قرون كبيرة تصل أسعارها إلى غاية الـ12 مليون سنتيم.

ومن الواضح أن أغلب ممارسي نشاط بيع الأضاحي سرا هذه الأيام قد استغلوا فرصة غلق الأسواق ونقاط البيع من أجل المضاربة، فالأسعار المتداولة حاليا لا تعكس تلك التوقعات والمستويات التي سبق وأعلن عنها ممثلو الموالين الذين أكدوا أن أسعار الأضاحي هذه السنة ستكون ما بين مليونين حتى 7 ملايين سنتيم.

إقبال من طرف المواطنين خوفا من قرارات مفاجئة تخص شعيرة العيد

وخلال جولتنا أيضا رصدنا إقبالا يعد معتبرا من طرف المواطنين، إذا أخذنا بعين الاعتبار قرار المنع وكذا بقاء أزيد من أسبوعين على حلول عيد الأضحى. ففي أغلب المواقع التي زرناها كان يتواجد من 4 إلى 8 أشخاص بصدد معرفة الأسعار ومحاولة الشراء. وحسب ما استقيناه من هؤلاء المواطنين، فإن الأغلبية يخشون أي قرارات مفاجئة تخص شعيرة عيد الأضحى هذه السنة بسبب فيروس كورونا، وما قد تخلفه من هزات ارتدادية في الأسواق قد ترفع الأسعار أكثر وتخل بموازين العرض والطلب، وهو ما دفعهم للتفكير في شراء الأضحية منذ الآن رغم أن بيع الأضاحي ممنوع حاليا.

عزاوي: السماسرة والوسطاء هم من خرقوا قرار منع بيع الأضاحي وليس الموالين

وعن موضوع قرار منع بيع الأضاحي ومدى التزام الموالين به، أكد رئيس فدرالية الموالين، جيلالي عزاوي، أمس، أن أغلب من خرقوا قرارات السلطات العمومية عبر عدد من المقاطعات الإدارية بالعاصمة وباقي ولايات الوطن هم سماسرة وأشباه موالين ووسطاء، مضيفا في تصريح لـ"الرائد" أن الموالين ورغم أن القرار كان مجحفا بالنسبة لهم نطرا لحجم الخسائر التي يكبدونها، إلا أنهم ملتزمون به على أمل أن تتم إعادة الترخيص بالنشاط قريبا مع اقتراب عيد الأضحى. 

وبشأن الأسعار، اعترف عزاوي بأن نشاط ومضاربة السماسرة والوسطاء منذ الآن سيرفع الأسعار أكثر مع اقتراب العيد، مضيفا أن نشاط هؤلاء السري سيشوش على الأسواق الرسمية، ما يستدعي تدخلا صارما من أجهزة الرقابة التي دعاها عزاوي لضرورة التدخل وتطبيق قرار منع البيع على الجميع دون استثناء، داعين المواطنين إلى تجنب اقتناء أضاحيهم من نقاط بيع غير معتمدة.

حريز: احذروا اقتناء الأضاحي رغم المنع فما يسوق حاليا غير مراقب

من جهته، دعم رئيس فدرالية حماية المستهلك، زكي حريز، دعوة جيلالي عزاوي المواطنين لعدم اقتناء الأضحية من نقاط بيع غير معتمدة واحترام قرار منع البيع في هذه المرحلة. وقال حريز، في اتصال هاتفي مع "الرائد"، إن المواطنين وبدافع الخوف من قرارات قد تخلط حساباتهم بخصوص شعيرة عيد الأضحى، فإن عددا منهم يقبلون حاليا على المستودعات ومواقع الأنترنت وحتى نقاط بيع موازية تنشط سرا لاقتناء الأضاحي، مضيفا أن هذه الأضاحي غير مراقبة ولم تخضع للفحص البيطري وقد تكون مريضة، مطالبا المواطنين بالتريث إلى غاية إعادة الترخيص بنشاط الموالين.

ودعا حريز في هذا الصدد السلطات، مع اقتراب العيد، لإعادة الترخيص للموالين بالنشاط والإسراع في فتح أسواق ونقاط جوارية لبيع المواشي، تسهل مراقبتها بشكل دائم من قبل مصالح الرقابة لقطاع التجارة والفلاحة، وتكون في منأى عن احتمال انتشار وانتقال فيروس كورونا، من خلال اتباع إجراءات التعقيم والتطهير، والالتزام بتدابير الوقاية والسلامة الصحية لفائدة المواشي من قبل الأطباء البياطرة، مضيفا أن هذا الرهان لابد أن تشترك في تجسيده وتحقيقه كل الأطراف المعنية بهذا الموضوع الحساس. وقال حريز إنه ما دام المواطن سيقتني الأضحية لا محال بشتى الطرق حتى في ظل قرار المنع والغلق، فإنه من الأحسن الترخيص بأسواق محمية من فيروس كورونا، تسهل مراقبتها أحسن من ترك الأمور هكذا وتحول النشاط إلى نشاط سري يتم فيه خرق قواعد النظافة والوقاية من فيروس كورونا.

من نفس القسم الوطن