دولي

محاكاة إسرائيلية تستشرف تداعيات الضم الأمنية والسياسية

يتوقع التقرير أن يرد الفلسطينيون باستئناف عمليات المقاومة في الضفة

 

أصدر مركز أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي تقريراً تضمّن السيناريوهات المختلفة للتداعيات الأمنية والسياسية لتنفيذ مخطط ضم أجزاء من الضفة الغربية لإسرائيل، وقد اعتمدت السيناريوهات التي قدمها التقرير على "محاكاة متخيلة"، قاربت فيها قيادة عسكرية بارزة في الاحتياط ودبلوماسيون سابقون وباحثون في السلوك ما هو متوقّع من اللاعبين الرئيسيين في ملف الضم.

 

بحسب التقرير، الذي حرّره كلّ من نوعا شوسترمان، وأودي ديكل مدير المركز الذي سبق أن تولى مواقع متقدمة في شعبة الاستخبارات العسكرية، من المتوقع أن يعلن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو في مؤتمر صحافي في 28 تموز/يوليو الجاري عن مخطط الضم لإقراره من قبل الحكومة، وهو المخطط الذي سيحظى أيضاً بدعم وزراء "أزرق أبيض"، وتوقع التقرير أن يشمل الضم المستوطنات المحيطة بالقدس، وهي معاليه أدوميم، E1، جفعات زئيف، بيتار، غوش عتصيون، بيتار عيليت، ولفت التقرير إلى أن هدف إسرائيل من هذه الخطوة يتمثل في إرغام الفلسطينيين والبيئة الإقليمية والمجتمع الدولي على قبول ضم المناطق التي تقع ضمن خارطة مصالحها الاستراتيجية في الضفة.

وعن ردود الفعل الفلسطينية يرى التقرير أن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس سيعلن في اليوم التالي قيام دولة فلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة رداً على قرار الضم. ومن المتوقع أن تعترف معظم دول العالم بالدولة الفلسطينية في حين لن تعترف أي منها بقرار الضم باستثناء الولايات المتحدة.

وسيترافق إعلان محمود عباس مع استعادة تنظيم حركة "فتح" حضوره وقوته على حساب الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة التي يتوقع أن تختفي من شوارع مدن الضفة، الأمر الذي من شأنه أن يقود إلى سلسلة تطورات ستفضي إلى إشعال الحالة الأمنية في الضفة الغربية. حيث من المتوقع أن يعلن شباب فلسطيني عن تدشين تجمعات سكانية بالقرب من المستوطنات، على اعتبار أن الأمر تمّ على أرض الدولة الفلسطينية التي تم إعلانها. مضيفاً أن الفلسطينيين قد يتجهون بعد ذلك إلى "تحرير" المنطقة ج، التي تشكل أكثر من 60% من الضفة الغربية وتوجد عليها المستوطنات اليهودية جميعها، وذلك عبر بناء أحياء سكنية فلسطينية فيها. ونوّه التقرير بإمكانية أن يقوم الفلسطينيون في منطقة غور الأردن وأريحا بقطع الطرق التي يسلكها المستوطنون.

يتوقع التقرير أن يعلن محمود عباس قيام دولة فلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة رداً على قرار الضم، وأن تعترف بها معظم دول العالم

وحسب التقرير فإن الفلسطينيين سيردون باستئناف عمليات المقاومة في الضفة وتحديداً تلك التي تستهدف المستوطنين، بما فيها عمليات الاختطاف التي قد تزداد في ظل انقطاع التعاون الأمني بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية. كما توقّع التقرير انفجار الأوضاع في المسجد الأقصى وحدوث مواجهات تفضي إلى قتلى بشكل يفاقم الأوضاع اشتعالاً في أرجاء الضفة، ولا يستبعد التقرير أن يرد المستوطنون عبر شن عمليات إرهابية، كإحراق المساجد في أرجاء الضفة.

أما بالنسبة إلى غزّة، فإن التقرير يتوقع أن تردّ بتنظيم المسيرات على طول الخط الحدودي الفاصل مع إسرائيل وإطلاق حركة الجهاد الإسلامي الصواريخ من قطاع غزة إلى العمق الإسرائيلي.

ويرى التقرير أنه على الرغم من أن حركة حماس غير معنية باندلاع مواجهة شاملة مع إسرائيل تهدد التهدئة القائمة؛ فإنها معنية، في المقابل، باستغلال تنفيذ مخطط الضم لتعزيز مكانتها من خلال استئناف العمليات داخل الضفة الغربية، وفي ما يتعلق بالأردن، توقع التقرير أن تندلع مظاهرات ضد الضم، تجبر الحكم على تقليص مظاهر العلاقة مع إسرائيل، مستدركاً أن ذلك لن يؤثر على التعاون الأمني بين الجانبين، إلى جانب أن عمان تخشى أن ترد إسرائيل بالتوقّف عن تزويدها بالمياه.

وبحسب التقرير فإن الدول الخليجية بالتنسيق مع الولايات المتحدة وإسرائيل ستضغط على الأردن لضمان أن يُقدِم على ردود فعل معتدلة، كما توقّع التقرير أن تستغل إيران انشغال العالم بما يجري في الأراضي الفلسطينية لتقوم برفع نسبة تخصيب اليورانيوم إلى 20% وإعلان انسحابها من معاهدة وقف انتشار الأسلحة النووية ""، وعلى الصعيد الأميركي توقع التقرير أن يسحب جون بايدن في حال فوزه بالانتخابات الرئاسية الاعتراف الأميركي بالضم، ولا يستبعد أن يتوقف عن رفع الفيتو لحماية إسرائيل في مجلس الأمن.

التطوّر الوحيد الذي يرى التقرير أن من شأنه أن يضمن احتواء التصعيد يتمثل في إصدار اللجنة الرباعية بياناً يدعو إسرائيل لتجميد قرار الضم والسلطة الفلسطينية إلى التراجع عن إعلان الدولة، وعودة الطرفين إلى المفاوضات على أساس خطة الرئيس ترامب والقرارات الدولية ذات العلاقة وحل الدولتين. وأن بياناً كهذا من شأنه أن يمنح الطرفين فرصة للنزول من أعلى الشجرة ووقف مسلسل التصعيد.

هذا وينتقد معدّا التقرير حقيقة أن التطورات التكتيكية هي التي تحدد الاستراتيجية التي تحكم السلوك الإسرائيلي وليس العكس، مشيراً إلى أن إسرائيل التي نجحت في دفع القضية الفلسطينية إلى هامش الأحداث أعادتها على جدول الأعمال الإقليمي والدولي بعد قرار الضم. ويحذّر المعدّان من أن تنفيذ مخطط الضم سيمس كثيراً بمكانة إسرائيل الدولية وسيظهرها كـ "بلطجي إقليمي".

صحيفة إسرائيلية: زعماء عرب أكّدوا عدم معارضتهم مخطط الضم

هذا وقالت صحيفة "يسرائيل هيوم"، المقرّبة من رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، في تقرير موسع لها، إن غالبية قادة الدول العربية نقلوا إلى إسرائيل رسائل مفادها أنهم غير مبالين تجاه مخطّط الضم، زاعمةً أن معلومات وصلت إليها من جهات سياسية في إسرائيل أكدت هذا الأمر، وأوضحت الصحيفة أن قادة دول عربية، بينها مصر والسعودية ودول خليجية، دعوا في محادثات داخلية مغلقة إلى الاستعداد داخلياً لردّ الشارع العربي تحسباً لمخطط الضم، وإن كانوا هم غير مبالين بهذه الخطوة، وسيكتفون باستنكارات وبيانات شجب رمزية، إلا في حال اندلاع مواجهات وموجات احتجاج داخلية من شأنها أن تؤثر باستقرار أنظمتهم، وعندها سيضطرون إلى العمل ضد الخطوة.

غالبية الفلسطينيين لا يتوقعون قطع دول عربية التطبيع مع إسرائيل

وأبرزت الصحيفة أن الدول العربية الوحيدة التي تعارض مخطط الضم هي الأردن، لافتة إلى أن الرسائل غير المبالية تتوافق مع التصريحات المعلنة للزعماء العرب، وأنه باستثناء المعارضة العالية اللهجة للعاهل الأردني، عبد الله الثاني، فإن غالبية الزعماء العرب يفضلون عدم الانشغال بمخطط الضم، وأنه حتى من تطرقوا إلى الموضوع عبّروا عن مواقف مقتضبة، وهو ما ترى إسرائيل أنه لم يكن من باب الصدفة.

وكررت الصحيفة خط الدعاية الذي يروّج له نتنياهو، بشأن تقاطع مصالح هذه الأنظمة مع إسرائيل في سياق مواجهة إيران، مدعية أن هذه الدول، منذ ثورات الربيع العربي، مشغولة بالحفاظ على أنظمتها ومواجهة ما يمكن أن يهدد هذه الأنظمة، سواء كان "الإرهاب الإسلامي" أو النووي الإيراني، وهو ما يفسر، بحسب الصحيفة، "استمرار حصار السعودية وحلفائها لقطر التي يزعمون أنها تدعم الإخوان المسلمين وتتعاون مع إيران". وذكرت ما يفسر أيضاً "محاربة السعودية وحلفائها للإسلام المتطرف الذي خرج من السعودية، فغالبية منفذي عملية 11 سبتمبر/ أيلول سعوديون"، وذكرت أنه "بعد عشرات السنين التي كرهوا فيها إسرائيل وزرعوا كراهيتها في نفوس مواطنيهم، فإن الأمراء المدللين من السعودية ودبي وأبوظبي والكويت يغيرون توجههم". 

وبحسب التقرير، فإن هذا ما يفسر التصريحات الإماراتية الأخيرة في أوج التحضيرات في إسرائيل لمخطط الضم، وإعلان الإمارات مرتين عن تعاون مع إسرائيل، ورأت الصحيفة العبرية أن "الأمراء يهتمون بالإيرانيين، لا بالفلسطينيين، فهذه هي ما يتحرك في المنطقة، وهذه هي قواعد اللعبة الجديدة التي يقودها نتنياهو ورئيس الموساد يوسي كوهين. ومثلما انتزع كوهين في العام الماضي من الإماراتيين موافقة لفتح جناح رسمي لإسرائيل في المعرض الدولي إكسبو دبي، فإنه هو ورجاله من يقفون اليوم وراء رقصة التانغو بين إسرائيل والدول الخليجية". 

من نفس القسم دولي