دولي

الاحتلال الصهيوني يتحدى الجميع: مخطط "الضم" يبدأ مطلع جويلية

يختبئ وراء "رسائل طمأنة" عربية للفلسطينيين بتقليص نطاق الضم

 

جدد رئيس حكومة الاحتلال "الإسرائيلي" بنيامين نتنياهو، عزمه على تنفيذ مخطط الضم بداية جويلية المقبل، حتى لو اقتضى تنفيذه على مراحل، جاءت تصريحات نتنياهو، خلال استقباله، كبار ضباط الاحتياط في الجيش "الإسرائيلي"، وفق القناة "13" العبرية، وألمح نتنياهو إلى أن إصرار الإدارة الأمريكية على إجماع داخل الحكومة الإسرائيلية على مخطط الضم، قد يدفع باتجاه ضم على مراحل.

 

وقال نتنياهو: إن "الرغبة الأمريكية في أن ينفذ مخطط الضم بإجماع داخل الحكومة الإسرائيلية، لذلك قد تتشكل حالة حيث عملية الضم لن تحدث خلالها على دفعة واحدة"، وتابع أن "الضم قد يتم على مراحل"، دون مزيد من التوضيحات، ويأتي ذلك وسط التقارير رجّحت أن يدعم غانتس مخطط ضم على مراحل يبدأ بالمستوطنات الكبرى على غرار "معاليه أدوميم" و"أريئيل"، ومنطقة "غوش عتصيون"، وكان نتنياهو اتفق مع بيني غانتس، شريكه في الائتلاف الحكومي، على بدء عملية ضم أجزاء واسعة من الضفة الغربية المحتلة في يوليو/تموز المقبل.

وتخطط حكومة الاحتلال لضم أكثر من 130 مستوطنة في الضفة الغربية المحتلة وغور الأردن الذي يمتد بين بحيرة طبريا والبحر الميت، ما يمثل أكثر من 30 في المائة من مساحة الضفة، إلى الدولة العبرية، ويتصاعد الرفض الفلسطيني الرسمي والشعبي، لمخطط الضم الإسرائيلي، بجانب تحذيرات دولية من أنه سيقضي على إمكانية حل الصراع وفق مبدأ الدولتين.

 

إسرائيل تختبئ وراء "رسائل طمأنة" عربية للفلسطينيين بتقليص نطاق الضم

وتعكس المقالة التي نشرها السفير الإماراتي في واشنطن، يوسف العتيبة، في صحيفة يديعوت أحرونوت قبل أيام، والتي أقرّ فيها بأن نهاية مسار خطة دونالد ترامب سيكون سلطة حكم ذاتي واسع في فلسطين، حقيقة مواقف دول عربية أخرى، إضافة إلى الإمارات، تحاول الضغط من وراء الكواليس على السلطة الفلسطينية والشعب الفلسطيني، ككل لمنع أي رد فعل فلسطيني يتجاوز الاحتجاج الشعبي والتظاهرات على خطة دونالد ترامب وبنيامين نتنياهو إلى تصعيد عسكري، سواء على نطاق واسع تشارك فيه تنظيمات فلسطينية وفصائل مختلفة بما فيها تنظيم فتح أو عمليات فردية غير منظمة.

وتشكل مقالة العتيبة، مع ما نشرته أيضاً صحيفة يسرائيل هيوم، حول رسائل عربية نقلها دبلوماسيون عرب إلى السلطة الفلسطينية ورئيسها محمود عباس، بأن الضم "سيكون مقلصاً"، واجهة وستاراً لسلم تمده هذه الدول لرئيس حكومة الاحتلال، كي يعرض خططه الفعلية التي قد يعلنها في الشهرين المقبلين كتنازلات إسرائيلية "مؤلمة" في سياق العمل لإنجاح مبادرة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، فيما هو يعمل في الواقع من أجل ضمان إنجازات ومكاسب لمصلحة الاستيطان، لا توفرها خطة ترامب.

فقد أكدت صحيفة "يسرائيل هيوم"، أن الإدارة الأميركية وحكومة الاحتلال، وجهتا رسائل إلى السلطة الفلسطينية ورئيسها محمود عباس، أن "فرض السيادة الإسرائيلية" في الضفة الغربية سيكون بصيغة مقلصة وبدرجة أقل من الخطة الأصلية". وهي صياغات استخدمتها الصحيفة وحكومة الاحتلال بشكل مقصود، واعتمدت تعبير "فرض السيادة"، لا الضم، للإيحاء بتراجع عن خطة أكبر. وأقرّت الصحيفة بأن الرسائل التي وصلت إلى الرئيس الفلسطيني جاءت لتقول: إن القدس وواشنطن قررتا بشكل أكيد "تنفيذ فرض السيادة" بين شهري يوليو/ تموز وسبتمبر/ أيلول من هذا العام. وأضافت الصحيفة: "لكن في ضوء توجه زعماء دول عربية معتدلة، وعلى رأسهم الملك الأردني عبد الله الثاني، بطلب تخفيف تنفيذ عملية فرض السيادة، تقرر في القدس وواشنطن أن يكون ذلك بشكل تدريجي ووفق جدول زمني مرن". ومضت الصحيفة تقول إن "فرض السيادة الإسرائيلية سيكون بداية فقط على مناطق واسعة في غور الأردن توجد، فيها أغلبية يهودية وخالية تقريباً من السكان الفلسطينيين"، وإن ذلك بهدف منع انتقال فلسطينيين للسكن في مناطق في غور الأردن ستُضَمّ إلى إسرائيل، للحصول على مكانة مواطنين إسرائيليين.

 

تعتيم على الخطوات

بموازاة ذلك، يواصل رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، فرض تعتيم كبير على حقيقة الخطوات التي سيعلنها، وهل سيعلن ضمّ غور الأردن (أي ما يوازي 30 في المائة من مساحة أراضي الضفة الغربية المحتلة)، أم سيكتفي بفرض سيادة على مناطق محددة، خصوصاً المستوطنات المعزولة والنائية، كخطوة أولى لتثبيت بقاء هذه المستوطنات على الأراض وعدم تفكيكها، خصوصاً أن الحديث عن نحو 15 مستوطنة وبؤرة استيطانية لا يزيد عدد المستوطنين الإجمالي فيها على 5 آلاف مستوطن، وترحيل مستقبلها للمفاوضات على الحل الدائم وتحويلها إلى ورقة مساومة إضافية، ووفقاً لما أعلنه وزير الأمن الإسرائيلي، ورئيس الحكومة البديل، بني غانتس، فإنه لم يطلع إلى الآن على الخرائط المتعلقة بالضم وفرض السيادة، ولا سيما أن اللجنة الأميركية الإسرائيلية التي أنيطت بها مهمة ترسيم الحدود لم تُنهِ عملها حتى الآن.

 

دور لكوشنر في مقالة العتيبة؟

مع ذلك يُستشَف مما ذكرته الصحف الإسرائيلية، في تعليقها على مقالة العتيبة، أن المقالة عرضت على أكثر من طرف قبل وضع صيغتها النهائية، ولم تستبعد صحيفتا يديعوت أحرونوت وهآرتس، أن يكون مستشار وصهر الرئيس الأميركي، جيرالد كوشنر نفسه، قد اطلع عليها، فيما يؤشر على احتمال أن تكون أطراف في البيت الأبيض، في إشارة إلى كوشنر، نفسه، هي التي طلبت المقالة لمواجهة مواقف السفير الأميركي لدى إسرائيل، دافيد فريدمان. وأشارت يديعوت أحرونوت في هذا السياق إلى أن فريدمان يدفع، بفعل ميوله الصهيونية المعلنة، نحو دعم أميركي واسع لخطة الضم الأصلية على كامل غور الأردن. وبحسب هذه القراءة، سيكون كوشنر الأكثر تأثيراً في بلورة موقف الرئيس الأميركي دونالد ترامب من الخطوات الإسرائيلية المقبلة، بما لا يعرّض مناخ الانفتاح لدى دول خليجية على إسرائيل للخطر.

فريدمان يدفع نحو دعم أميركي واسع لخطة الضم الأصلية

هذا وفشل السفير الأميركي لدى دولة الاحتلال ديفيد فريدمان بردم الهوة بين مواقف رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو وبين مواقف زعماء كاحول لفان ممثلين بالجنرال بني غانتس والجنرال غابسي أشكنازي، والتوصل إلى موقف مشترك للطرفين يمثل "إجماعا" إسرائيليا على خطة الرئيس دونالد ترامب، يأتي ذلك رغم الاجتماع الذي جمع الشخصيات الأربع، واستمر لأربع ساعات متواصلة بحسب ما أفادت صحيفة يديعوت أحرونوت، وأكدت الصحيفة أنه فيما أبدى نتنياهو إصرارا على خطة الضم على نطاق واسع، بما يشمل 30% من أراضي غور الأردن، فقد أبدى الجنرالان تحفظا من حجم الضم وطالبا بأن يكون على نطاق محدود وبشرط ألا يتم من جانب واحد، بل أن يكون بتنسيق مع أطراف دولية ولا سيما الولايات المتحدة الأميركية، وبشرط ألا يمس بالعلاقات مع الأردن.

مع ذلك لفتت الصحيفة إلى أن قادة حزب كاحول لفان، يحاولون التكتم على الموقف الرسمي لهم من موضوع الضم، بادعاء أنهم "لم يبلوروا موقفا نهائيا بعد"، بالرغم من إعلانهم تأييد خطة الرئيس ترامب مبدئيا.

في موازاة ذلك، تبين تقارير عدة وجود خلافات عميقة داخل البيت الأبيض نفسه وفي الإدارة الأميركية، بين صهر ومستشار الرئيس ترامب، جيرالد كوشنير، وبين محور السفير الأميركي لدى دولة الاحتلال، دافيد فريدمان، المعروف بدعمه للاستيطان الإسرائيلي وتقديمه تبرعات مالية في الماضي لمؤسسات توراتية في مستوطنة بيت إيل القريبة من رام الله، ووفقا ليديعوت أحرونوت، وصحيفة هآرتس، فإن كوشنير يفضل خطة ضم محدودة ويرفض المخطط الواسع الذي أعلنه نتنياهو.

 كما أن مسؤولين آخرين في البيت الأبيض يؤيدون موقف كوشنير ويفضلون عملية ضم تشمل إحدى الكتل الاستيطانية الكبيرة في الضفة الغربية، إلا أن نتنياهو يطلب أن يشمل مخطط الضم أيضا مستوطنات أخرى مثل عوفرا وبيت إيل،  كما أن البيت الأبيض يطالب أن تكون عملية الضم المحدودة في أشهر الصيف القريبة وليس قريبا من موعد الانتخابات الأميركية.

وفي هذا السياق، اعتبر المحلل العسكري في صحيفة هآرتس، عاموس هرئيل، أن متاعب نتنياهو في تطبيق خطة الضم التي وعد بها خلال المعركة الانتخابية، تكمن في الجدل الدائر في الولايات المتحدة نفسها، أكثر مما هو متعلق بحجم ونوع تأثير حزب كاحول لفان بقيادة الجنرال بني غانتس على الحكومة، ولفت هو الآخر إلى أن كوشنير، معارض شديد لخطة الضم الموسعة التي يريدها نتنياهو، وكان كوشنير هو الذي حال دون توجه نتنياهو إلى بدء إجراءات الضم، بعد إعلان خطة ترامب مباشرة في البيت الأبيض، حيث اعترض على تصريحات أطلقها نتنياهو بهذا الخصوص وأوضح أن أي خطوة على الأرض ستكون بعد التنسيق مع الولايات المتحدة، وبعد إنهاء عمليات ترسيم الحدود للجنة الأميركية -الإسرائيلية المشتركة.

من نفس القسم دولي