دولي

الاحتلال يحضر لمواجهة تصعيد واسع في الأراضي المحتلة بحال أُقرت خطط الضم

أطراف تتوقع أن يتأخر الملف بفعل تغييرات بالموقف الأميركي

 

ذكرت عدة تقارير صهيونية، أنّ جيش الاحتلال عزز من استعداداته لمواجهة تصعيد واسع في الأراضي الفلسطينية المحتلة، على خلفية نوايا حكومة الاحتلال فرض القانون الإسرائيلي على أراضٍ فلسطينية وضم غور الأردن.

 

قال تقرير لموقع "معاريف"، في أحدث تقرير صدر عنها إن جيش الاحتلال والأجهزة الأمنية عززت من الاستعدادات لإمكانية اندلاع تصعيد كبير، على الرغم من عدم توفر معلومات استخباراتية بهذا الخصوص، ولفت الموقع إلى أن الجيش يعمل وفق تقديرات تتوقع اندلاع تصعيد ميداني، وأن هذه التوقعات والتقديرات على رأس سلم أولويات الجيش، وهي تتقدم من حيث أهميتها على احتمالات توتر وتصعيد مقابل قطاع غزة وفي الجبهة الشمالية، خصوصاً إزاء "حزب الله" اللبناني.

 

يشترط الأميركيون أن يكون الضم موقع إجماع إسرائيلي واسع

ويجري الاحتلال استعدادات على مستوى تحديث الأوامر العسكرية وإجراءات نشر القوات، وإقرار الخطط العملياتية للفرق العسكرية وفقاً لتقسيم الضفة الغربية المحتلة لقطاعات مختلفة، وإعداد الجيش لحالة حرب، مع ذلك، لفت التقرير إلى أنه على الرغم من هذه الخطوات، وإيعاز وزير الأمن الإسرائيلي بني غانتس، الأسبوع الماضي، لقيادة الجيش بالاستعداد لمواجهة التطورات على الصعيد الفلسطيني، إلا أن قيادة جيش الاحتلال غير مطلعة حتى الآن، بحسب التقرير، على القرارات المتوقعة من قبل رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، وما الذي يعتزم إعلانه بعد ثلاثة أسابيع.

في المقابل، قالت القناة الإسرائيلية "13"، إن الجيش يستعد لاحتمالات اندلاع مظاهرات وتصعيد أيضاً في قطاع غزة، واحتمالات اتجاه "حركة حماس" هي الأخرى لتصعيد عسكري، في حال أعلنت حكومة الاحتلال قراراً بضم غور الأردن أو فرض السيادة الإسرائيلية على مستوطنات في الضفة الغربية، وكشفت القناة الإسرائيلية "12" أيضاً، أن ملف الضم قد يتأخر بفعل تغييرات في الموقف الأميركي، واشتراط الأميركيين، كما أُعلن أخيراً، أن يكون الضم موقع إجماع إسرائيلي واسع، في إشارة إلى تحفظات أعلنها أخيراً حزب "كاحول لفان" بقيادة غانتس، بشأن تفضيل التوصل إلى قرار للضم عبر توافق مع أطراف عربية، وعدم الاتجاه إلى خطوات أحادية.

وشهدت إسرائيل، في الأسبوع الحالي، حالة من التجاذب بين أقطاب اليمين الإسرائيلي نفسه، ولا سيما بين رؤساء مستوطنات أعلنوا رفضهم لمخطط دونالد ترامب، وخصوصاً البند المتعلق بمفاوضات مع الفلسطينيين كشرط للضم، فيما أعلن مناصرو نتنياهو بين المستوطنين أن الخطة فرصة تاريخية مهمة لا يمكن إضاعتها، خصوصاً وأن المطلوب من إسرائيل، بحسب تصريحات نتنياهو نفسه، هو فقط الموافقة على إدارة مفاوضات مع الفلسطينيين، وأكد نتنياهو، في لقائه، الأحد، مع رؤساء 11 مستوطنة إسرائيلية في الضفة، أنّ الفلسطينيين لن يحصلوا على دولة، وأنّ الأميركيين يصفون الكيان الذي سيمنح للفلسطينيين بأنه دولة "ولكن الأمر ليس كذلك"، على حدّ تعبيره.

 

ضم الاحتلال للضفة.. أبعاد خطيرة تعيد الصراع للمربع الأول

وخطة الضم الجديدة تعيد الصراع مع الاحتلال للمربع الأول؛ فجوهر تأسيس السلطة قائم على تأسيس دولة مستقلة، وضياع هذا الخيار يطرح سؤالاً عن جدوى بقائها وربما العودة للعمل الوطني التحرري والشعبي لمناهضة احتلالٍ بدّد الحقوق الفلسطينية.

ويؤكد أحمد الحيلة، الباحث والمحلل الفلسطيني أن الفلسطيني بجميع أُطره أضحى أمام مواجهة احتلال يتنكر للحقوق والهوية والثقافة، وهو ما يجرّ المنطقة لعدم استقرار وسط واقع إقليمي ملائم لخطة الضم، ويضيف: "الفلسطينيون لن يصمتوا، وسيدافعون عن وجودهم ويعودون للمقاومة بكل أنواعها وخياراتهم؛ إما التحلل من كل الاتفاقيات فخيارات السلطة أصبحت معدومة، أو الشعب قد يعود لأدوات خشنة مقاومة ومصارعة الاحتلال دوليًّا وإقليميًّا بعد انعدام خيارات الفلسطيني، والاحتلال لن يوقف اندفاع الفلسطيني نحو مقاومته".

ويرى  أحمد عطاونة أن خيارات الفلسطيني بعد خطة الضم متعددة؛ أولها (خطوة تكتيكية) بعدم إعطاء شرعية للخطة والبدء بمقاومة الاحتلال في الساحات العربية والغربية بعد توحيد الموقف الفلسطيني، ويتابع: "بعد 30 سنة مفاوضات فشلت فشل الحل السياسي وحل الدولتين والشراكة مع الاحتلال برعاية أمريكية، وتجاوزت صفقة القرن الحلول. الآن تحولت الضفة وغزة لأربعة كانتونات سكانية بإدارة ذاتية محدودة وفق رؤية إسرائيلية".

 

هنية يدعو إلى تحرّك عاجل لرفض ومواجهة خطة الضم

هذا وعا رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإٍسلامية "حماس"، إسماعيل هنية، قادة الدول العربية والإسلامية إلى تحرّك عاجل لمواجهة سياسة الضم الإجرامية والعنصرية التي تنتهجها حكومة العدو الصهيوني في الضفة الغربية والقدس والأغوار، وعدّ هنية في رسالة بعثها لقادة وزعماء أكثر من 40 دولة عربية وإسلامية خطة الضم عدوانًا جديدًا يضاف إلى سلسلة جرائم الاحتلال ومجازره عبر تاريخه الأسود بحق شعبنا الفلسطيني وشعوب المنطقة، والتي باتت تشكّل خطرًا حقيقيًّا على حاضر ومستقبل فلسطين والأمَّة العربية والإسلامية قاطبة.

وطالب هنية زعماء الدول بالتداعي إلى عقد قمّة عربية وإسلامية من أجل دعم الموقف الفلسطيني الموحّد الرافض لكل مشاريع الاستيطان والتهويد في الضفة والقدس، ومخططات تصفية القضية الفلسطينية برعاية ودعم أمريكي، وتوفير شبكة أمان سياسية ودبلوماسية واقتصادية وإعلامية لحماية المشروع الوطني الفلسطيني القائم على حقّ الشعب الفلسطيني الطبيعي في انتزاع حقوقه وتحرير أرضه، وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس.

وأكد هنية ضرورة اتخاذ موقف موحّد وجادّ، يرفض ويجرّم هذه المخططات، ويحمي المقدسات الإسلامية والمسيحية، ويمنع مخططات ومشاريع التهويد والتقسيم، ويدعم صمود المقدسيين وثباتهم على أرضهم، ويردع الاحتلال، ويكبح جماح عدوانه المتواصل، ويضع حدًّا لإرهابه المتصاعد، ومشاريعه الاستيطانية والتهويدية في الضفة الغربية والقدس والمسجد الأقصى المبارك.

وحثَّ قادة الدول على تكثيف التواصل مع الدول الصديقة والشقيقة والمنظمات الدولية والإقليمية، على الصعيد السياسي والدبلوماسي والقانوني، من أجل بلورة موقف دولي يجدّد ويعزّز المطالبة بالحقوق الفلسطينية المشروعة، ويضغط على حكومة الاحتلال لوقف مشاريع الاستيطان، ومصادرة الأراضي الفلسطينية، والمضي في إجراءات التحقيق لدى محكمة الجنايات الدولية لمحاكمة قادة الاحتلال كمجرمي الحرب.

ونبّه هنية أنَّ حكومات الاحتلال المتطرّفة عبر تاريخها الإجرامي، تستغل محاولات التطبيع مع بعض العواصم العربية والإسلامية في تنفيذ مشروعها الاحتلالي البغيض لأرض فلسطين، كغطاء لتمرير مشاريعها الاستيطانية والتهويدية، وجدد الدعوة إلى رفض وتجريم التطبيع مع العدو الإسرائيلي، واصفًا إيّاه بأنَّه خطيئة كبرى لا تغتفر، وطعنة غادرة في صدر شعبنا وأمتنا في سياق استمرار عدوانه وإرهابه ضد الأرض والشعب الفلسطيني.

 

مواجهة الاحتلال بالمقاومة الشاملة

وأكَّد هنية -في رسالته لقادة الدول العربية والإسلامية- أنَّ الشعب الفلسطيني لن يبقى مكتوف الأيدي أمام هذا العدوان والتصعيد، وسيواجه هذا الإرهاب الإسرائيلي بالمقاومة الشاملة، وسيظل متمسكًا بالدفاع عن أرضه وحقوقه ومقدساته حتى تحقيق زوال الاحتلال والتحرير والعودة، محمّلًا الاحتلال الإسرائيلي مسؤولية التمادي في مخططاته الاستفزازية في الضفة والقدس.

وجدّد رئيس المكتب السياسي لحركة حماس التأكيد على تمسك الحركة بالوحدة الوطنية خيارًا إستراتيجيًّا، واستعدادها لأيّ لقاءات قيادية فلسطينية من أجل الاتفاق على برنامج وطني متوافَق عليه لمواجهة الأخطار المحدقة بالأرض والشعب الفلسطيني، مشدّدًا على ضرورة الوقوف مع الشعب الفلسطيني وهو يدافع عن أرضه وحقوقه ومقدسات الأمة وهويتها وتاريخها نيابة عن الأمَّة العربية والإسلامية.

في حين دعت حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، الدول العربية والمجتمع الدولي، لخطوات جادة وفعلية على الأرض، لمنع سلطات الاحتلال، تنفيذ ضم أجزاء من الضفة الغربية المحتلة لسيادتها، وقال حازم قاسم الناطق باسم الحركة في بيان، له"نثمن المواقف العربية والدولية المعلنة التي ترفض نية الكيان الصهيوني تنفيذ عمليات ضم مناطق واسعة من الضفة الغربية المحتلة"، وطالب قاسم؛ "باتخاذ خطوات جادة وفعلية وعملية على الأرض للضغط على الاحتلال والإدارة الأمريكية لمنع تنفيذ هذه السياسة".

وبيّن أنه؛ "لا يمكن الاكتفاء بالمواقف الإعلامية والسياسية لأن الكيان الصهيوني تعوّد على التمرد على الإجماع الدولي ويتصرف على الدوام كبلطجي خارج عن القانون"، ويعتزم الاحتلال بدء إجراءات ضم غور الأردن، والمستوطنات بالضفة الغربية في الأول من جويلية المقبل، وتشير تقديرات فلسطينية، إلى أن الضم الإسرائيلي سيصل إلى أكثر من 30 في المائة من مساحة الضفة.

من نفس القسم دولي