دولي
واتير الكهرباء... أولى حلقات الضم الإسرائيلي للأغوار الفلسطينية
وقف تعامل الاحتلال مع السلطة الفلسطينية رسالة منه بأنه لم يعد يعترف بها
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 30 ماي 2020
في سابقة هي الأولى من نوعها، سلمت الإدارة المدنية التابعة لسلطة الاحتلال الإسرائيلي بعض الهيئات المحلية في الأغوار الفلسطينية، شرق الضفة الغربية المحتلة، فواتير الكهرباء مباشرة، بعيداً عن التعامل مع جهات فلسطينية رسمية. ودرجت العادة أن يقوم الاحتلال بتحويل فواتير الكهرباء المترتبة على المجالس المحلية في الأغوار لسلطة الطاقة الفلسطينية أو مكتب الارتباط المدني في الأغوار، واقتطاعها من أموال "المقاصة" التي تجبيها إسرائيل نيابة عن السلطة الفلسطينية.
الخطوة الإسرائيلية المستجدة رأى فيها مسؤولون فلسطينيون تطبيقاً لأولى خطوات قرار الضم الإسرائيلي، عبر وقف التعامل مع الجهات الرسمية الفلسطينية والتواصل بشكل مباشر مع الهيئات المحلية الفلسطينية، ورداً على قرار السلطة وقف التنسيق الأمني مع إسرائيل، وسط تحذيرات من التعاطي مع الإجراءات الجديدة التي باشر بها الاحتلال، وأوضح رئيس مجلس قروي قرية فصايل إبراهيم عبيات، في تصريح صحافي، أنه فوجئ بوجود أشخاص بسيارات تحمل لوحات تسجيل إسرائيلية قرب غرفة الكهرباء في القرية، وعندما توجه إليهم أبلغوه بأنهم من "البنية التحتية في الإدارة المدنية"، وسلموه فاتورة تركيب محوّل كهرباء، وطالبوه بدفعها مباشرة، وإلا سيقومون بفصل التيار الكهربائي.
ويحمل الإجراء الإسرائيلي الجديد رسائل سياسية خطيرة، وفق ما رأى منسق شؤون الاستيطان في الأغوار معتز بشارات، في حديث لـ"العربي الجديد". ولفت إلى أنّ الخطورة تكمن في أنّ "وقف الاحتلال التعامل مع السلطة الفلسطينية رسالة منه بأنه لم يعد يعترف بها، وبأنّه سيتواصل مع الفلسطينيين بشكل فردي. وإذا أوقفت السلطة التنسيق الأمني، فالاحتلال سيتحرك بطريقته ويفرض وجوده على المؤسسات الفلسطينية، التي ستكون مضطرة للتعامل مع الاحتلال، القوة الفاعلة على الأرض، وفق ما يريده الأخير"، وتابع بشارات: "الخطورة أيضاً أنّ هذه الخطوة انطلقت من الأغوار، وهي المناطق المهددة بقرار الضم الإسرائيلي المرتقب، بمعنى أنها تجربة لشكل التعامل بين الاحتلال والفلسطينيين الساكنين في المناطق التي سيتم ضمها".
وحذّر بشارات من إعادة تشكيل وتفعيل ما عُرف في ثمانينيات القرن الماضي بـ"روابط القرى"، حيث عمد الاحتلال حينها لتشكيل هيئات ومجالس محلية تتواصل معه بشكل مباشر بعيداً عن "منظمة التحرير الفلسطينية"، وهو ما جوبه وقتها برفض شعبي فيما عومل المنتسبون لتلك الروابط معاملة "الخونة" والعملاء. وقال: "إسرائيل تريد خلق روابط قرى جديدة، ومن يتعامل اليوم معها ويستلم تلك الفواتير ويسددها سنعتبره مشبوهاً وجزءاً من المخطط الإسرائيلي لإيجاد بدائل عن المنظمات السيادية الفلسطينية"، وعن البدائل الفلسطينية إذا أقدم الاحتلال على قطع التيار الكهربائي عن الأغوار بسبب عدم تسديد قيمة تلك الفواتير، أقرّ بشارات بأنّ "الحلول المطروحة ليست عملية، فعلى سبيل المثال، الاستعانة بالخلايا الشمسية قد تكون مجدية في النهار، لكنها لا تعمل في الليل، وهي بحاجة لبنية تحتية لتركيبها وتشغيلها. كما أنّ الاحتلال سيعارض وبشدة نقل التيار الكهربائي من الأردن، فضلاً عن كون هذه الخطوة تحتاج لشبكات متطورة وإمكانيات غير متاحة حالياً". وتابع "كذلك، فإنّ توفير محولات كهربائية ضخمة أمر مكلف مالياً، وهي لا تكفي لتغطية مناطق الأغوار كافة التي تشكل نحو 22 في المائة من مساحة الضفة الغربية، وقد لا يسمح الاحتلال بوجود تلك المحولات في الأغوار".
من جهته، قال المدير العام لمكتب الارتباط المدني في أريحا والأغوار فرج النعسان، في حديث لـ"العربي الجديد": "نحن ملتزمون بقرارات القيادة بعدم التواصل مطلقاً مع الجانب الآخر، لذا يسعى الاحتلال لخلق بدائل من خلال التواصل (بشكل فردي) مع الفلسطينيين، وهذا ما نرفضه وطالبنا الهيئات المحلية بعدم التعاطي معه"، وعلى عكس ما كان في السابق، فإنه في حال وقوع اعتداء إسرائيلي على الفلسطينيين في الأغوار حالياً، فعلى المتضرر اللجوء للمنظمة الدولية للصليب الأحمر، وليس للارتباط المدني الفلسطيني. وعقّب النعسان على ذلك بالقول: "تتعرض الأغوار لهجمات شرسة من الاحتلال بهدم المنشآت وتجريف الأراضي والاعتداء على المزارعين، وكان المتضرر يقدم شكوى من خلال مكاتب الارتباط، لكن اليوم بعد وقف التنسيق مع الجانب الإسرائيلي، يمنع علينا الحديث معه، وبالتالي بات على المتضرر تقديم شكواه عبر الصليب الأحمر".