الوطن
مشاهد كرنافال في دشرة ترتسم من جديد ببومرداس
قوائم دون عنصر نسوي وشباب جامعي ينافس وجوها قديمة
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 11 نوفمبر 2012
• الأفافاس والأرندي في منافسة الحزب العتيد على المجلس الولائي
وأنت تمشي في طرقات وشوارع بعض البلديات الريفية بولاية بومرداس، بالكاد ترى ما يشير إلى وجود حملة انتخابية لموعد انتخابي حدد تاريخه يوم 29 من شهر نوفمبر الجاري، فلا بلدية بومرداس، ولا زموري ولا رأس جنات والقائمة طويلة، تعيش الحدث، وحتى سكان هذه المناطق، يعيشون خارج مجال الحملة، ولما تسألهم، يقولون، لا تعنينا، ولا نريد أن نرى الفاسدين مجددا في كراسيهم، وآخرون يبدون لا اهتمام ويصفون المحليات باللاحدث.
الوجهة كانت بومرداس، ولاية كثيرا ما حسب لها السياسيون ألف حساب، لكونها قريبة من العاصمة ويقطن بها قرابة مليون نسمة، موزعين على 32 بلدية وتسع دوائر، وما بين الشرق والغرب، كما كانت هذه الولاية مسرحا للعديد من الأحداث السياسية سواء بالنسبة لحزب كجبهة التحرير الوطني الذي كثيرا مع خرجت محافظته عن طاعة أمينه العام كما حدث سنة 2004 لما خسر مرشحه للرئاسيات علي بن فليس أمام المترشح الحر عبد العزيز بوتفليقة،.. وقفنا وقفة سريعة وسط مدينة بومرداس، بمكان يسمى مادور، وهي ساحة غير بعيدة عن مقر محافظة حزب جبهة التحرير الوطني، ساحة يمكنك بمجرد الجلوس هناك لبرهة، معرفة ما يدور في كواليس السياسة والأحزاب، حيث ألف مناضلو الحزب العتيد شرب القهوة هناك، وكثيرا ما كانت الإطاحة بهذا النائب أو ذاك تتم بتلك الساحة، مثلهم مثل مناضلي الأفافاس، حيث كثيرا ما كان يجلس السكريتير الأول علي العسكري بها، وتعد الساحة مكانا لبعض المثقفين والخائضين في شؤون السياسة، لكن لا وجود، وقفت "الرائد " هناك لبعض الوقت، لكن لم يتبد مشهد يوحي بوجود حملة انتخابية، فلم تكن أية ملامح تشير إلى وجود مناضلين بالقرب من مقر محافظة الافالان، ولا حتى ملصقات تبين من هم مرشحو الحزب لترأس بلدية بومرداس، ولما سألنا بعض من مناضلي الحزب، قالوا لنا بأن الأفالان فقط قاعدته النضالية ببومرداس، بعدما تنكرت قيادتهم بالولاية لبعض الأسماء التي اختاروها لتكون ممثلتهم بالمجلس الشعبي الولائي، وهو ما جعلهم يحجون الى أحزاب أخرى.
نفس الرأي لمسناه لدى مجموعة من الشباب، كان من ضمنهم أحد المناضلين بالأفالان، قال لنا نحن مشينا مع القيادة في الأول وناضلنا من أجل أن تكون جبهة التحرير موحدة لكنهم خانوا ثقتنا ونحن الآن لن ندعمهم، لكننا بالمقابل، لن ننقلب على الأمين العام، وسنرد بطريقتنا من خلال التصويت.
الأفافاس ينافس الأفالان على قيادة المجلس الشعبي الولائي
لم يجد حزب جبهة التحرير الوطني بهذه الولاية منافسا قويا يقف في طريقه غير جبهة القوى الاشتراكية، حيث يتنافس الحزبان على كرسي المجلس الشعبي الولائي، أبرز المرشحين لترؤسه، السيناتور الأسبق في الأفالان زيان أحمد خوجة، وهو من الوجوه القديمة في الحزب، غير أن التنافس مع الأفافاس قد يمنع عنه العودة من جديد إلى مجلس الأمة، حيث يخطط أنصاره لإعادته إلى الكرسي الذي غادره منذ ثلاث سنوات وتركه للسيناتور الحالي مختار سي يوسف، وتقول بعض الوجوه السياسية في الحزب، بأن المجلس الشعبي الولائي سوف لن يكون للأفالان كون متصدر القائمة ببومرداس لا يتمتع بشعبية كبيرة، خاصة عند مناضلي الحزب، وهو ما سيجعل غريمه الأفافاس يتحرك بكل سهولة نحو التربع على رئاسة المجلس لأول مرة.
بلدية زموري ... وجوه قديمة تريد تكرار المشهد
يتنافس على هذه البلدية حزبان عنيدان لطالما تبادلا الأدوار، حزب جبهة التحرير الوطني، والتجمع الوطني الديمقراطي، الذي كان دائما منافسا للحزب العتيد، غير أن التجمع الديمقراطي (الارندي) يعول هذه المرة لافتكاك البلدية مرة أخرى، بعدما ترأسها السيناتور الحالي لعهدتين خلال فترة العشرية السوداء، وهو الأمين الولائي للحزب بوعلام درامشيني الذي لا يبرح زموري هذه الأيام بسحب ما يردده مواطنوها، حيث يعول هذا الأخير على إعادة الأرندي الى الواجهة بعدما تراجعت الأحزاب الأخرى عن المنافسة في وجه الحزبين ( الافالان والأرندي )، وما يجعل هذا الأخير أكثر حظا في الظفر برئاسة المجلس البلدي بزموري هو كون رئيس بلديتها الحالي يواجه مشاكل مع العدالة بسبب بعض القضايا.
بلدية لقاطة... مشاهد كرنافال في دشرة تعود من جديد
يكفيك أن تتنقل عبر بعض قرى ومداشر لقاطة، بلدية لا تبعد عن مقر الولاية إلا بحوالي 20 كلم، لتشهد حقا ملامح حملة انتخابية مختلفة عن العديد من بلديات الولاية، في هذه البلدية التي سيرها حزب جبهة التحرير الوطني منذ التقسيم الإداري لسنة 1984، تعيش هذه الأيام، الحدث على طريقة فيلم "كرنافال في دشرة " الفيلم الذي كان بطله الممثل عثمان عريوات بدور البطل "مخلوف البونباردي" الذي جسد بحق واقع السياسة في بلادنا سنوات الثمانينيات في عهد الحزب الواحد، بهذه البلدية القريبة من مدينتي برج منايل، ويسير وزموري، تحولت بعض قراها على غرار لقاطة المركزي وكدية العرائس، إلى حلبة صراع بين مترشحي الأحزاب السياسية المشاركة في الموعد الانتخابي (المحليات) ليوم 29 من نوفمبر الجاري، وحتى بعض الوجوه السياسية القديمة التي سئم منها الناخبون بلقاطة، كرئيس المجلس الشعبي البلدي السابق عن حزب جبهة التحرير الوطني الذي عاد هذه المرة بوجه سياسي جديد تحت مظلة "الفجر الجديد " الذي أسسه الطاهر بن بعيبش، لكن ما يردده المواطنون بهذه البلدية، يجعل حظوظ هذا الحزب ضئيلة بسبب سمعة متصدر قائمته، حيث يتفق أغلب الشباب الذين التقت بهم "الرائد"، على كون المترشح من بين الوجوه التي تورطت في الفساد. أما التجمع الوطني الديمقراطي فقد اختار بهذه البلدية شابا جامعيا متخرجا من معهد الإعلام الآلي بجامعة باب الزوار لمنافسة المترشحين الآخرين، ليكون على رأس قامته التي ينافس فيها كلا من الجبهة الوطنية الجزائرية، والأفالان، خاصة من الوجوه القديمة التي مل منها الناخبون.
كرنافال في دشرة... أو "البونباردي" يعود من جديد
يقال في أمثال العرب "شر البلدية ما يضحك.." هذه حقيقة تتجسد معالمها أينما حللت ببومرداس وحتى في ولايات الجزائر برمتها، حيث صارت عادة المترشحين للمحليات خاصة، فاولئك الذين لا قدرة لهم على إقناع الناخبين بخطاب سياسي رنان، لا يجدون ما يفعلونه يوم لقائهم بالمواطنين، سوى ".. يا جماعة قهاويكم خالصين..." في الأسواق أو في المقاهي، الأمر سيان، هذا ما وقفت عليه "الرائد" في جولتها ببعض البلديات على غرار زموري ورأس جنات، ولقاطة، وحدثنا العديد من الشباب أنهم كانوا شهود عيان على مواقف مثل هذه معلقين عليها بالقول: .. وكأننا في فيلم كرنافال في دشرة .." هو ذاك، المشهد يتكرر يوميا وفي كل حدب وصوب، ويلعب المترشحون دور .. الممثل مخلوف البونباردي في الفيلم المذكور.
العنصر النسوي ... الغائب الوحيد في قوائم المحليات ببومرداس
الملاحظ على العديد من البلديات ببومرداس، أن الأحزاب التي دخلت المنافسة على المحليات، لم تستطع التوغل في المجتمع وكسب العنصر النسوي في صفوفها، حيث لاحظنا قوائم مترشحين ليس بهم الحد الادنى من النساء، خاصة في بلديتي رأس جنات ولقاطة، ما يجعل المجالس الشعبية في هذه البلديات رجالية، وهو ما سيزيد دون شك في الجمود السياسي بهذه المنطقة.
شباب بومرداس..أنا أنتخب.. أنا لا أنتخب.. أنا..لا أعرف
اللاأدرية.. ربما هو مصطلح غريب على اللغة العربية لكنه أصدق تعبير عن المشهد السياسي الذي تعيشه الجزائر، فأي شاب تلتقي به سواء ببومرداس أو أي مكان آخر، قد يجيبك فور سؤالك عن .. الانتخابات.. هل تنتخب.. يقول لك: "لا أعرف..لاأدري.." ثم تقول له لماذا لا تنتخب؟ فيرد لا أدري.. أنتخب هكذا لأنه حقي.. هذه عينة من ردود فعل واقعية عاشتها يومية "الرائد" خلال جولة قادتها الى بومرداس، حيث التقت ببعض الشباب وارتأت سؤالهم عن الانتخابات، قال شاب في العشرين من العمر ردا على سؤالنا: هل ستنتخب؟ " أنا سأنتخب، ولما قلنا له لماذا تنتخب؟ تردد في الاجابة ثم قال: "لا أدري... إنه حقي" قلنا له كيف؟ ثم تردد وقال أممممم... لا أعرف.. ليقاطعه آخر بالقول: "إنهم فاسدون.. لا لاأرى فائدة مرجوة من انتخابهم، وأضاف آخر.. أنتخب..لا لا أنتخب، قلنا له لماذا، فأجاب.." لا أعرف.."
هكذا هي إجابات معظم الشباب، لا يدري، لا يعرف، وهي في الحقيقة تعبير عن لا اهتمام بالسياسة والانتخابات، فمظاهر اللامبالاة واللاأدرية أصبحت سمة الجزائريين.