الوطن
الجزائريون يلجأون على الوسائط الرقمية لاقتناء لوازم العيد
المناسبة استثنائية بسبب فيروس كورونا
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 20 ماي 2020
يبدو أن أزمة انتشار فيروس كورونا، ستدفع بظهور تعاملات مالية جديدة في الأسواق والمتاجر، وتصبح مع مرور الوقت ثقافة استهلاكية، إذ اضطرت الأسر إلى شراء مقتنياتها عن طريق استخدام وسائط الكترونية، كانت قبل وقت قريب محل ريبة وشكوك لدى العائلات.
الوباء ورمضان ثم العيد
يترقب الجزائريون على غرار باقي الشعوب المسلمة، غدا هلال شهر شوال وحلول عيد الفطر المبارك، عيد فطر استثنائي هذه السنة، في ظل وضع طارئ خيم عليه انتشار وباء كوفيد-19 داخل الوطن وخارجه، مما اضطر العائلات إلى القيام بتحضيرات خاصة لهذه المناسبة الدينية بالاعتماد على التسوق الالكتروني عبر الوسائط الرقمية المختلفة.
ورغم ما تسبب به الوضع الصحي من حرمان للعائلات من العادات والتحضيرات الكلاسيكية التي كانوا مداومين عليها سابقا قبيل الاحتفال بالعيد، إلا أن هذه الأخيرة وجدت ضالتها في التسوق الالكتروني لاقتناء ملابس العيد للأطفال واقتناء مستلزمات منزلية وافرشه جديدة ومستلزمات حلويات العيد، وفي ظل التوصيات بضرورة التباعد الاجتماعي والغلق الكلي للمحلات وجدت العائلات أنفسها أمام خيار واحد هو اللجوء إلى المنصات الرقمية للتواصل مع مرتادي التجارة الالكترونية قصد اقتناء احتياجاتهم لهذه المناسبة، ومع استمرار الإجراءات الاحترازية والوقائية لفترات غير محددة اتجهت أغلب القطاعات والمحلات إلى البيع إلكترونيا عبر التطبيقات المختلفة لتحقيق بعض المداخيل، وعلى الرغم من توفر هذه الخدمة سابقا، إلا أن استخدامها لم يكن شائعا عند جميع المحلات التجارية والقطاعات بسبب عدم توفر وسائل الدفع الالكتروني.
خيارات عدة
وبفضل التسوق عبر الانترنت، بات من الممكن للعائلات القاطنة بالعاصمة التسوق من محلات "العلمة" بولاية سطيف أو من محلات ولاية وهران أو عنابة أو من أقصى الجنوب في تمنراست، الأمر الذي يجعل المنافسة على النوعية والأسعار في أوجها بين مرتادي هذا النوع من التجارة، وحسب التاجر محمد الذي يمارس نشاطه التجاري ببلدية القبة بالعاصمة، فإن هذا الوضع اضطر العديد من التجار اليوم إلى تفعيل ما بات يعرف بـ "شبه" البيع الالكتروني مما أدى إلى تغيير النمط الاستهلاكي للفرد، من حيث شكل ونمط التسوق وتعزيز المنافسة التي غالبا ما تنعكس على الأسعار وتساهم في عقلنتها.
ويسعى التجار خلال هذه الفترة التي عرفت ركود التجارة المباشرة جراء غلق المحلات إلى تحقيق الربح وتوفير الحد الأدنى من الخدمات للزبائن المعتادين على زيارة محلاتهم، من خلال خدمة التجارة الإلكترونية التي لا تختلف عن التجارة العادية إلا في مكان حدوث الصفقة، ولعل من أهم مواقع التجارة الالكترونية موقع "واد كنيس الرسمي و"وماركث بلايس" على الفايسبوك و"فاست شوب الجزائر و"تسوق على اكسبرس الجزائر"، وغيرها من المواقع التي تعد بالمئات.
خدمة التوصيل: أسعار تفوق أحيانا كلفة السلعة نفسها
وحول الموضوع أوضح رئيس المنظمة الوطنية لحماية المستهلك زبدي مصطفى في تصريح لواج، أن الكثير من المستهلكين باتوا يستخدمون المنصات الإلكترونية لأنها "الخيار الأمثل في هذه الظروف التزاما بمبدأ السلامة في ظل ما تقوم به الدولة من مجهودات للحد من تداعيات هذه الجائحة" مبرزا أن دور التجار وباقي الشركات يتمثل في تسخير التقنيات اللازمة لضمان الاستخدام الأمثل من قبل المستهلك، وأضاف زبدي فإن:" المتعاملين التجاريين مازالوا متخلفين كثيرا في مجال التجارة الالكترونية لعدة أسباب تقنية وتجارية تتعلق أساسا بضعف شبكة الانترنت التي لا تواكب احتياجاتها وبثقافة التاجر التي تعتمد أساسا على المعاملات التجارية النقدية"، مبرزا أن التجارة الالكترونية بيع عن بعد مع الدفع عن بعد وليست عملية توصيل منتوج فقط.
واللافت للنظر، أن أسعار خدمة توصيل السلع تختلف من تاجر لآخر ولا تعتمد تلقائيا على بعد مقر التاجر عن مقر الزبون، فحسب ما عاينته واج، يتراوح سعر التوصيل المقترح على المنصات التجارية الرقمية بين 200 دج و800 دج، علما أن الزبون مطالب بدفع هذا الثمن حتى وإن لم يشتر السلعة التي تم توصيلها.
وفي اتصال مع أحد الباعة عبر الانترنيت، تم طلب 500 دج لتوصيل منتج بـ 400 دج، وهو ما يجعل خدمة التوصيل جد مكلفة بالنسبة للعائلات محدودة الدخل، ورغم التسهيلات التي كانت تمنحها البنوك لبعض التجار لوضع تجهيزات مجانية في محلاتهم أكد زبدي أن العديد منهم رفضوا هذا الأمر خوفا من تحديد رقم أعمالهم أو تتبع رؤوس أموالهم ومتابعتهم لدى مصالح الضرائب وهو ما يجعل من التجارة الالكترونية "شبه تجارة"، على حد قوله، ودعا زبدي السلطات العمومية إلى "الزام التجار تحت طائلة العقوبات بدءا بالمؤسسات التجارية الكبرى والمحلات، حتى يقوم كل تاجر باستعمال وسائل الدفع الالكتروني".
وقال انه ينبغي على التاجر والمستهلك على السواء معرفة أهمية هذه التجارة التي ما تزال في مهدها وتعد من وسائل الوقاية من الفيروس، والعمل على تقويتها نظرا لما تحققه من رفاهية للمستهلك ومن مصدر للأموال للتاجر وكذا لكونه متنفسا للمواطنين ذوي الاحتياجات الخاصة وكبار السن وغير القادرين على التنقل إلى الأسواق.
ومن شأن هذا النمط من التسوق أن يدفع بالمنافسة بين التجار وتحسين النوعية والأسعار، ذلك ان المستهلك قادر على الاطلاع على الأسعار بـ "ضغطة زر "، مما يجعلهم قادرين على الولوج إلى المقارنة بين المنتجات وبين أسعارها ومن ثمة الاختيار بينها، مبرزا أنه لابد من وضع دفتر شروط وضوابط قانونية بالنسبة للتجار الذين لا يلتزمون بإعلان سعر المنتوج أو ممن لا يحترمون الجودة والنوعية في عملية البيع الالكتروني.