الثقافي

أخبار الشاشة

برامج المقالب... من العفويّة إلى الصفقة

توفي، قبل أيام، الفنان المصري إبراهيم نصر، صاحب أشهر برامج المقالب في فترة التسعينيات، ومنها "انسى الدنيا". ولا أحد ينسى شخصية "زكية زكريا" التي تميز بها في برنامج المقالب مطلع التسعينيات من القرن الماضي.بعد ثلاثين عاماً، أين أصبحت برامج المقالب؟ وهل اتّخذت طريقاً وشكلاً جديدين بحكم الاتفاق المسبق بين صنّاع هذا النوع من البرامج والضيف- الضحيَّة وخصوصاً في السنوات الأخيرة. إذ من الملاحظ، انتشار فكرة الضيف مدفوع الأجر، والتي لم تعد مقتصرة فقط على برامج الحوارات الفنية التي تشكَّل مادة دسمة للمحطات التلفزيونية. بل أصبحت هذه الفكرة تقليدا الآن في البرامج التي تنتجها كبرى الفضائيات العربية، أيَّا كان نوعها.

اختلف الزمان كثيراً منذ بدايات إبراهيم نصر في هذا النوع من البرامج، والتي صارت تحقق نسبة مشاهدة عالية بسبب دور الترويج والانفتاح الإعلامي بعد وسائل التواصل الاجتماعي. قديما، كان المشاهد العربيّ ينتظر برامج المقالب بشغف لا يُوصَف. هذا ما أكّدته الكثير من ردود الأفعال التي نشرت على مواقع التواصل الاجتماعي عقب وفاة الفنان إبراهيم نصر. إذ أشارت الكثير من التعليقات إلى أن عالم المقالب كان عفويا، وذكرت بعض التعليقات أن نصر تعرض لردود فعل عنيفة، منها مثلاً تعرُّضه للضرب المبرح من قبل بعض الشبان رداً على حلقة من حلقات برنامج المقالب الذي كان يقدمه. لكن نصر لم يستغل ذلك للترويج الإعلامي وقتها، واكتفى بالقول إن هذه ردود فعل طبيعية رداً على المقالب التي شكلت بالنسبة للمشاهدين مفاجأة أو صدمة حقيقية. وذلك على خلاف ما يحصل اليوم من اتفاقيات واضحة تُعقَد مع ضيوف المقالب، من أجل استغلال المشاهير، ونيل المزيد من المشاهدات. على مر السنوات، اجتاحت برامج المقالب الفضائيات العربية وخصوصا في شهر رمضان. كما أنَّ بعضها اتسم بالعفوية، خاصّة من ناحية ردود الفعل العنيفة تجاه مقدم أو صاحب البرنامج، والتي كانت تصل أحيانا إلى حدود الضرب والهجوم الجسدي، كردة فعل طبيعية على موقف مفاجئ، يتعرض له الناس إما في الشارع أو داخل الاستديو.

خلال أقلّ من عقد، استطاع رامز جلال أن يتسلق الشهرة حرفيا على ظهر برامج المقالب. لكن الفرق الكبير، هو أنَّ مقالب رامز تحولت مع الوقت إلى "كليشيهات" مأخوذة من أفكار غريبة، يتمُّ تنفيذها داخل استديوهات محطة "أم بي سي" السعودية. السرقة من الأفكار الغربيّة واضحة، خصوصاً من ناحية فريق العمل والتقنيات التي تُستعمَل، حتى في أسلوب الماكياج. ورغم ركاكة البرنامج وكميّة السادية والتحقير والإهانة الموجودة فيها، إلا أنّه يحقق نسبة مشاهدة فائقة وصلت إلى حدود 120 مليون مشاهدة في الحلقة الأولى من شهر رمضان الجاري بحسب ما ورد على "يوتيوب". الأمر الذي يزيد من تمسك المحطة السعودية بضرورة وضع رامز على قائمة البرامج الموسمية لشهر رمضان في كل سنة. كما تقوم الإدارة بتوفير الإمكانات الإنتاجية الخاصة التي يطلبها، في وقت أوقفت فيه المحطات المنافسة موضوع برنامج المقالب.

 

"حرملك 2"... خيوط دراميّة غارقة في الأخطاء

في الموسم الأول من مسلسل "حرملك" للكاتب السوري سليمان عبد العزيز، والمخرج تامر إسحاق، تعرّفنا على أهم مشاكل العمل ونقاط الضعف التي جعلتنا نتوقع، مع انطلاق الموسم الثاني في رمضان الحالي، اختفاءها أو على الأقل تحسينها ومعالجتها بطرق مختلفة تخفف من سلبياته، لتعيد ثقة المشاهد في عمل ضخم بُذِل لأدواته الكثير. ولكن، على عكس التوقعات، بدلًا من تفادي هذه الأخطاء، زِيد عليها في الموسم الثاني.لعل أبرز السلبيات التي يواجهها العمل، منذ انطلاق الجزء الأول في الموسم الرمضاني الماضي، هو استقدام قامات فنية في الدراما السورية، واستغلال أسمائهم واستثمار مواهبهم بعد ضم عدد كبير منهم للمشاركة في هذا العمل التاريخي، أمثال: جمال سليمان وباسم ياخور وسلافة معمار وعبد الهادي الصباغ وقيس الشيخ نجيب وسامر المصري وأحمد الأحمد وجهاد سعد، وغيرهم من ألمع نجوم الشاشة السورية، مضافًا إليهم نجوم من مصر ولبنان. هذه السمة جعلت البناء الدرامي للمسلسل يدخل في متاهات شائكة، لم تكن الموهبة التمثيلية وحدها كافية لرأب التشتّت في عروق الحكاية. كل بطل يسرح ويمرح في شبكة من الخيوط، منها ما يُعنَى بها، ومنها ما لا تمتُّ بأيّ صلة به، وذلك بغية تعبئة الفراغات، عن طريق حشوها بسيناريوهات فارغة.

يكرِّر الجزء الثاني أخطاء الأول، حبكات تسرح من دون معالجة درامية صحيحة، وأخرى متفرعة لا تجري وفق مسار ثابت، عدا عن عائلة "رسلان" التي أظهرت تطورًا في مسارات شخصية كل فرد منها، وهم الإخوة "هلال الضباع" الذي أصبح تاجر خضروات، و"رسلان" (أحمد الأحمد) أحد كبار تجار الشام، و"هاشم" (باسم ياخور) صاحب مقلع حجارة، وشخصية "عامر" (قيس الشيخ نجيب) الذي أصبح "دفتردار" الشام. ومع ذلك، فإن هذه الشخصيات ليست بمنأى عن إيقاع العمل البطيء في سرد أحداثه، الشائك في محاوره، والتائه في فضاءات خاوية، حيث لا جدران تحيط بقصصه وتحتويها ليسترسل معها المشاهد. وكأنَّ العمل يحاول اكتشاف نفسه بدلًا من أن يكشف عن نفسه. فكل قصة لا تلبث أن تنطلق حتى تضيع وتنتهي من دون مبررات مقنعة في مكان آخر بعيد عن سياق الأحداث التي وُضِعَت لها. كما لو أن هناك إشارة توضح لنا ترقّب جزء ثالث ورابع للعمل في السنين القادمة، لجمع واستكمال خيوط الحكاية.

من نفس القسم الثقافي