الوطن

جدل، استياء وفوضى بسبب إعادة تعليق عدد من الأنشطة التجارية

القرار كان متوقعا بسبب المنحى التصاعدي لعدد الإصابات بفيروس كورونا

 

أثار قرار عدد من ولاة الجمهورية عبر الوطن بإعادة تعليق عدد من الأنشطة التجارية التي رخصت الحكومة لعودتها منذ أيام، حفيظة الجزائريين والتجار الذين لم يهضموا القرار، خاصة بالنسبة لتجارة الملابس الذين سجلوا خسائر كبيرة في الفترة الأخيرة، وكانوا يأملون تعويضها خلال فترة عيد الفطر، غير أن عدم التزام عدد منهم بالإجراءات الوقائية والفوضى التي عرفتها الأسواق، في اليومين الماضيين، والتي دفعت إلى ارتفاع عدد الإصابات بفيروس كورونا وعجلت بقرار الغلق إلى إشعار آخر.

 

عرفت الأسواق، أمس، حالة من الفوضى، حيث شهدت محلات بيع الألبسة والأحذية إنزالا بشريا من مواطنين كانوا يتوقعون إعادة غلق هذه الأخيرة، خاصة بعد تصريح رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون والوزير الأول عبد العزيز جراد، غير أن المواطنين تفاجأوا أن قرار الغلق قد اتخذ وتم إعادة تعليق العديد من الأنشطة من طرف ولاة الجمهورية، حيث قرر عدة ولاة جمهورية، مساء السبت، منع ممارسة عدد من الأنشطة التجارية بسبب عدم احترام تدابير الصحة والوقاية من فيروس كورونا. 

وجاء قرار غلق بعض المحلات والمتاجر بسبب الإخلال بقواعد التباعد الاجتماعي ومسّ قرار الغلق كلا من ولايات الجزائر العاصمة، خنشلة، قسنطينة، وهران، جيجل، ورڨلة، سكيكدة، أدرار وسوق اهراس، كما مست قرارات الغلق ولاية تلمسان وكذا ڨالمة، سطيف، بومرداس، المدية، ويتعلق الأمر بقاعات الحلاقة ومحلات الحلويات التقليدية، محلات الألبسة والأحذية والتجارة الكهرومنزلية، محلات الأواني المنزلية ومستحضرات التجميل والعطور، وعدم الترخيص بممارسة النشاطات المجمعة "، ويستثني هذا القرار محلات المواد الغذائية، محلات الخضر والفواكه، القصابة والمخابز.

 

لهذه الأسباب تم تعليق عدد من الأنشطة التجارية مرة أخرى

وجاء هذا القرار الذي اتخذه الولاة بسبب عدم احترام العديد من الأنشطة الإجراءات المنصوص عليها في التعليمة الصادرة عن الحكومة، المحددة لشروط استئناف النشاط، والتي تضمنت 11 نقطة تحدد شروط التعامل مع الزبائن، وكذا اتخاذ التدابير الصحية والوقائية من احتمال انتقال فيروس كورونا، منها تنظيم الدخول والخروج إلى المحلات المغطاة، مع الاحترام الصارم لضروريات التباعد، وتنظيم طوابير الانتظار خارج محلات البيع المفتوحة بوضع خيط أو حزام أمن يحمل لافتات مكتوبة، تتضمن وجوب التزام الزبائن باحترام هذا التدبير. وأعقب القرار تعليمة أخرى تضمنت منع الأطفال أقل من 16 سنة من دخول المحلات. وأكد وزير التجارة، كمال رزيق، أن أي مخالفة للتعليمة تعرض صاحبها لسحب سجله أو بطاقته الحرفية وغلق المحل. ولم تستجب أغلب المحلات للشروط المفروضة على النشاط، حيث سجلت المحلات إقبالا كبيرا للعائلات، واغتنمت ربات البيوت اقتناء ملابس العيد قبل نفادها من المحلات بسبب توقف الرحلات نحو عديد الدول التي يتم استيراد الألبسة منها. وشهدت محلات صناعة الحلويات التقليدية طوابير وتدافعا للزبائن، وهو ما لقي استهجان المواطنين الذين تخوفوا من إمكانية انتقال فيروس كورونا بشكل أسرع بسبب عدم احترام التباعد الاجتماعي.

 

الجزائريون ينقسمون بين مؤيد ورافض للقرار

وقد انقسم الجزائريون، أمس، بين مؤيد ومعارض للقرار، حيث يرى من يؤيد قرار إعادة الغلق أنه يصب في المصلحة العمومية، معتبرين أن عودة الأنشطة التجارية التي مسها قرار الغلق مرة أخرى أدى إلى انفلات كبير في الأسواق وكسر للحجر الصحي وتدابير الوقاية من طرف الكثيرين، وهو ما ظهرت نتائجه من خلال ارتفاع عدد الإصابات بفيروس كورونا منذ بداية رمضان. واعتبر هؤلاء أن القرار جاء صائبا حتى يتم التحكم في الوباء أكثر خلال الأيام المقبلة، خاصة أن هناك من الجزائريين من مازالوا ملتزمين بالحجر الصحي ولا يريدون أن تعود الأمور إلى نقطة الصفر بسبب فئة من المستهترين، لكن بالمقابل هناك مع عارض القرار واعتبروه مجحفا، مؤكدين رافضين التسليم بفكرة أن ارتفاع أعداد الإصابات بفيروس كورونا، في الفترة الماضية، هو بسبب الترخيص بعودة الأنشطة التجارية خاصة أن هناك كسرا للحجر الصحي على أكثر من مستوى، وأيضا كسرا لحظر التجوال عبر الأحياء والشوارع في الفترة الليلية، مؤكدين أن هذه المحلات التي عادت للنشاط كانت تضمن تلبية احتياجات المواطنين من مختلف المستلزمات التي يعتبرونها ضرورية، على غرار الملابس والأحذية مع اقتراب عيد الفطر.

 

التجار يستنكرون القرار ويناشدون إيجاد حل وسط

من جانبهم، تفجأ التجار بقرار الغلق، بينما لم يعلم البعض منهم بالقرار أصلا حيث فتحوا محلاتهم صباح أمس بشكل عادي، لتأتي دوريات للشرطة عبر العديد من البلديات وتعيد غلق أبواب هذه المحلات. واستنكر أغلب التجار وعلى رأسهم تجار محلات بيع الملابس الجاهزة قرار الولاة هذا، معتبرين أن هذا القرار سيكبدهم مزيدا من الخسائر. وأشار عدد من التجار لـ"الرائد" أنهم ليسوا هم السبب في ارتفاع عدد إصابات فيروس كورونا، مشيرين أنهم عملوا بكل الإجراءات الوقائية التي فرضت عليهم والتزموا بكافة الشروط والتدابير من لبس للأقنعة والقفازات وتحديد عدد معين في دخول الزبائن، غير أن بعض المواطنين لم يتحلوا بالمسؤولية، وهو ما جعل الفوضى تعم الأسواق. وطالب عدد من التجار السلطات العليا للبلاد والولاة أصحاب قرار إعادة الغلق، بإيجاد حلول للوضعية الحالية، معتبرين أنه من غير المعقول أن لا يكون هناك حل وسط يمكنهم من خلاله ممارسة نشاطهم بشكل مقنن وتلبية طلبات الزبائن في هذه الفترة التي تمثل ذروة نشاطهم، مضيفين أن هذا الأخير عانى منذ بداية السنة ركودا شبه تام ومن غير المعقول غلق محلاتهم في هذا التوقيت.

 

خياطي: الأرقام والواقع أثبتت أن الوقت لم يحن بعد لبدء رفع الحجر

وعلى النقيض، ثمن رئيس هيئة ترقية وتطوير البحث، البروفيسور مصطفي خياطي، أمس، قرار الولاة بإعادة غلق عدد من المحلات التجارية، مشيرا أن قرار فتح هذه الأخيرة في السابق كان قرارا سياسيا بهدف تحرير بعض الأنشطة الاقتصادية، غير أن ما شهدته الأسواق في الأيام الماضية كشف أن اتخاذ مثل هكذا قرارات لا يزال مبكرا، بدليل ارتفاع أعداد الإصابات بشكل ملحوظ ومتزايد، وهو ما كان سيتضاعف أكثر إن استمرت هذه المحلات في النشاط. وقال خياطي إن الجزائريين مدعوون للالتزام بتدابير الحجر الصحي حتى تتم السيطرة على الوباء، داعين إلى تأجيل كل ما هو غير أساسي وضروري في المرحلة الحالية.

 

حريز: تجاوزات بالجملة كانت وراء غلق المحلات مرة أخرى

من جهته، أكد رئيس فدرالية حماية المستهلك، زكي حريز، في تصريح لـ"الرائد"، أن القرار كان منتظرا منذ اليوم الأول بسبب الكوارث التي شهدناها في الأسواق، مضيفا أن عددا من التجار لم يحترموا التدابير الوقائية، وحتى الزبائن لم يكونوا على قدر كبير من الوعي. وقال حريز إن منظمته وقفت على تجاوزات بالجملة منذ بداية عودة نشاط عدد من المحلات التجارية، أخطرها هي اصطحاب بعض الزبائن لأطفال لا تزيد أعمارهم عن السنة والسنتين لمحلات بيع ملابس مكتظة، وهو ما مثل خطورة كبيرة، كان لابد للسلطات المحلية أن تتخذ قرارا لوقفها. وعن الخسائر التي سيتكبدها التجار، اقترح حريز أن يتجه هؤلاء للبيع الإلكتروني، مشيرا أن هذا الأخير يبقى الحل الوحيد في ظل هذه الظروف.

من نفس القسم الوطن