دولي

مصر تبلغ "حماس" تفاصيل الرؤية الإسرائيلية لصفقة التبادل

إذا تمّت الموافقة على شروط تل أبيب، فإنّ الأخيرة لن تنفذ الصفقة في فترة قصيرة

كشفت مصادر مصرية خاصة على صلة بمشاورات الوساطة المصرية بين فصائل قطاع غزة، والاحتلال الإسرائيلي بشأن صفقة تبادل أسرى جديدة، أنّ الاحتلال أبدى استعداده لاتخاذ خطوات إيجابية بشأن الصفقة، وقالت المصادر لـ"العربي الجديد" إنّ سلطات الاحتلال كلفت الوسيط المصري بنقل رسالة تضمّنت اشتراط تقديم حركة "حماس" معلومات بشأن الأسرى لديها ووضعهم، مقابل بدء أولى الخطوات المتمثلة في إطلاق سراح عدد من الحالات المرضية وكبار السن، وذلك في اختبار لجدية المبادرة التي سبق أن أعلنها زعيم الحركة في قطاع غزة، يحيى السنوار، في هذا الشأن.

 

أوضحت المصادر أنّ الرسالة الإسرائيلية شملت تفصيلاً بالمراحل التي تتضمّن إطلاق سراح عدد من النساء في مرحلة لاحقة، مشيرةً في الوقت نفسه إلى أنّ هناك مخاوف لدى الإسرائيليين من تعرضهم للضغط والابتزاز من جانب الفصائل عقب تنفيذ الصفقة، بملفات أخرى.

وبحسب المصادر، فإنّه "إذا تمّت الموافقة على شروط إسرائيل، فإنّ الأخيرة لن تنفذ الصفقة في فترة قصيرة، لكن المراحل ستمتد على شهور عدة، لضمان عدم إقدام الفصائل على أي خطوات تصعيدية خلال الفترة الراهنة التي يعاني فيها الاحتلال من تفشي وباء كورونا".

وأكدت المصادر أنّ "حماس من جانبها مستعدة للتجاوب كذلك، شرط الجدية من الجميع"، مضيفةً أنّ "القاهرة بدورها تواصلت مع قيادة حركة حماس من جهة لإبلاغها بالرسالة الإسرائيلية، وقيادة حركة الجهاد الإسلامي من جهة أخرى بعد توارد معلومات للجانب الإسرائيلي عن مساعٍ من جانب "الجهاد" لشنّ هجمات صاروخية صوب مستوطنات غلاف غزة".

وبحسب المصادر، فإنّ مسؤولي ملف فلسطين في جهاز المخابرات العامة المصري، طالبوا الأمين العام لحركة "الجهاد"، زياد نخالة، "بضرورة ضبط النفس وعدم إفساد التحركات المصرية الرامية لتخفيف الحصار عن القطاع، لمنع انزلاق المنطقة بالكامل إلى معركة غير محسوبة العواقب في ظلّ وضع شديد الحساسية".

وفي سياق متصل، أبدى الأسرى المعاد اعتقالهم بعد الإفراج عنهم من سجون الاحتلال في صفقة "وفاء الأحرار" عام 2011، في رسالة عاجلة نقلتها "هيئة شؤون الأسرى والمحررين" الفلسطينيين، قلقهم من الحديث عن التنازل عنهم في صفقة التبادل المقبلة. وأشار هؤلاء إلى أنهم في الأسر منذ ستّ سنوات وقريباً يكملون السنة السابعة "بعد أن حُررنا بصفقة تبادل سابقة". وتساءلوا في رسالتهم: "ألا يوجد لنا ولأهلنا مشاعر"، مؤكدين أنه "قبل الحديث في أي صفقة مقبلة، يجب ألا يتم شيء إلا بحرية من أعيد اعتقاله منا". وكانت حركة "حماس" تتمسك بإطلاق سراح الأسرى المعاد اعتقالهم عقب صفقة وفاء الأحرار في 2011 التي أطلق بموجبها سراح الجندي جلعاد شاليط، قبل البدء في أي صفقة جديدة.

 

الجنود الأسرى لدى المقاومة في غزة أصيبوا في قصف إسرائيلي على غزة

وبالعودة إلى الأيام الماضية لم يتأخر الرد الإسرائيلي على عرض رئيس حركة "حماس" في قطاع غزة يحيى السنوار، الذي فجّر مفاجأة للمرة الأولى بإعلانه إمكانية تقديم حركته مبادرة في ملف الأسرى الإسرائيليين لديها، مقابل الإفراج عن الأسرى المرضى وكبار السن في سجون الاحتلال. فقد أعلن ديوان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو جهوزيته للدخول في مفاوضات عبر وسطاء، لاستعادة جثامين القتلى الإسرائيليين، فيما طالبت حركة "حماس" بإثبات الجدية الإسرائيلية للدخول في هذا الملف. وعلى الرغم من حالة الجمود التي مر بها ملف الجنود الأسرى لدى "كتائب القسام"، الذراع العسكرية لـ"حماس"، على مدار أكثر من 5 سنوات، إلا أن الأمر يسجل حراكاً "إعلامياً" إسرائيلياً هو الأعلى منذ سنوات في ضوء إعلان الحركة والاحتلال عن الجاهزية للتفاوض غير المباشر.

وبالنسبة للفلسطينيين، فإنّ العرض المفاجئ للسنوار قد يكون الأنسب لإنجاز صفقة تبادل في ضوء تفشي وباء كورونا في العالم، وارتفاع الغضب في الأوساط الإسرائيلية لعدم استعادة الجنود الأسرى لدى المقاومة منذ حرب غزة الأخيرة عام 2014.

واشترطت حركة "حماس" إقدام الاحتلال على خطوات جادة في الملف لدراستها، وفق ما أعلن المتحدث باسمها حازم قاسم، الذي قال لـ"العربي الجديد"، إنّ حركته ستتعامل بشكل مسؤول مع أي استجابة فعلية وحقيقية مع هذه المبادرة، مؤكداً أن الكرة حالياً في ملعب الحكومة الإسرائيلية وعليها اتخاذ خطوات جدية.

من جهته، رأى المحلل السياسي تيسير محيسن، أن الظروف الموضوعية التي تعيشها المقاومة ودولة الاحتلال ملائمة جداً لطي الصفحة الماضية التي شهدها هذا الملف وتدشين ما من شأنه أن يفضي لعملية تبادل أسرى. وقال محيسن لـ"العربي الجديد"، إن تصريحات السنوار التي أبدى فيها استعداده للتنازل بعض الشيء في ملف التبادل، يعكس رغبة "حماس" في إبرام صفقة، خصوصاً مع تسريب معلومات عن إمكانية انتشار فيروس كورونا في أوساط الأسرى الفلسطينيين. ويبدو أن التنازل الحاصل من المقاومة حالياً يتمثل في استبدال الشرط السابق بشرط أبسط يتمثل في الإفراج عن الأسرى المرضى وكبار السن والأسيرات والأطفال، في مقابل تقديم معلومات فقط عن مصير الجنود وحالتهم، وفقاً لمحيسن. وعلى الرغم من حالة التفاؤل الحذر، إلا أنه من السابق لأوانه الحديث عن إمكانية إجراء صفقة تبادل شاملة حالياً، فيما السيناريو الأقرب يتمثل بصفقة محدودة للغاية فقط، خصوصاً أن المقاومة تريد الإفراج عن أكبر عدد من الأسرى أصحاب الأحكام العالية والمؤبدة في الصفقة الشاملة.

ولفت محيسن إلى أن الاحتلال يسعى هو الآخر لعقد صفقة إلا أن تصريح نتنياهو الأخير يبدو مبهماً، كما أن مبادرة السنوار كانت غامضة هي الأخرى، إذ تسعى إسرائيل لمعرفة مصير الجنديين هدار غولدين وأرون شاؤول اللذين أسرا خلال حرب غزة صيف 2014. واستبعد كذلك أن تقدم المقاومة على تنازل كبير في ملف الجنود الأسرى، وفي حال قدمت معلومات عن مصير الأسرى لديها ستكون عامة، ولن تعطي تفاصيل كثيرة، وفي حال كانوا أحياء لن تعطي تفاصيل أكثر من ذلك.

 

هناك تقبل في الأوساط الداخلية في دولة الاحتلال لعقد صفقة مع المقاومة

وفي وقت سابق، أعلن المتحدث العسكري باسم "كتائب القسام" أبو عبيدة، أن الجنود الأسرى لدى المقاومة في غزة أصيبوا في قصف إسرائيلي على غزة في مايو/ أيار 2019، دون أن يفصح عن طبيعة إصابتهم أو مصيرهم في أعقاب هذا الاستهداف.

وعلى الجهة الأخرى، لفت الخبير في الشأن الإسرائيلي، حاتم أبو زايدة، إلى أن هناك تقبلاً في الأوساط الداخلية في دولة الاحتلال لعقد صفقة مع المقاومة الفلسطينية في غزة من أجل طي صفحة هذا الملف الذي أوشك على دخول عامه السادس على التوالي. وأوضح أبو زايدة في حديث لـ"العربي الجديد"، أن هناك إجماعاً داخلياً لدى الأحزاب الإسرائيلية على تجاوز الخلافات وحل ملف الجنود الأسرى واستعادتهم، وهو ما يعزز فرصة نجاح أي مفاوضات تبادل قد تتم بشكل غير مباشر مع المقاومة. وفرص النجاح عالية في حال كانت الصفقة محدودة، بحيث يتم تقديم معلومات فقط عن الجنود في غزة وعما إذا كانوا أحياء أم قتلى، في حين من المستبعد أن تكون الصفقة شاملة مع رغبة إسرائيل في أن تجعلها مقابل تسهيلات إنسانية وتخفيف الحصار على غزة، وفق تقدير أبو زايدة. وأشار إلى أنّ الطرح الأمثل حالياً هو الإفراج عن أسيرات وأسرى كبار في السن ومرضى وبعض من معتقلي صفقة التبادل السابقة مقابل الإفراج عن معلومات خاصة بالجنود فقط، أما الحديث عن صفقة تبادل شاملة فسيحتاج لمفاوضات طويلة وممتدة.

من نفس القسم دولي