الوطن
روس يقطع الشك بوعي النواب بعدالة قضية الصحراويين
في لقاء بطلب منه للاستماع لممثلي الشعب في البرلمان حول الملف
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 09 نوفمبر 2012
في بادرة هي الأولى من نوعها التقى أول أمس الخميس المبعوث الأممي حول قضية الصحراء الغربية، كريستوفر روس، وبطلب منه، برؤساء الكتل النيابية للغرفة السفلى بغرض الاستماع لممثلي الشعب في جلسة مغلقة دون أن يلتقي برئاسة المجلس أو نواب عن الغرفة الثانية للبرلمان الجزائري.
وفي لقاء، منعت الصحافة من حضوره، قال روس لمضيفيه، حسب تسريبات من الاجتماع، إنه جاء للاستماع لممثلي الشعب بالبرلمان الجزائري وذلك على خلفية وجود "اختلاف في الرؤى والمواقف بين الدولة والشعب" حول القضية الصحراوية أو كما أوعز إليه سياسيون في المغرب.
وأسرت مصادر مطلعة حضرت اللقاء لـ"الرائد" أن المبعوث الأممي كشف للمجتمعين حوله أن المغاربة يحاولون مغالطته بالقول إن "الشعب الجزائري غير آبه بالقضية الصحراوية التي افتعلها النظام الجزائري، وأنه غير مبال البتة بمسارها أو عواقبها" وأنهم طلبوا منه التأكد ميدانيا من صحة ادعاءاتهم بالتقرب من الشعب للاطلاع على حقيقة الوضع.
وأجمع الحاضرون من ممثلي الكتل البرلمانية، كجبهة التحرير، التجمع الوطني الديمقراطي، جبهة القوى الاشتراكية، حزب العمال، التكتل الأخضر وكتلة الأحرار على أن الوقوف مع القضية الصحراوية مسألة مبدئية، شعبا ودولة، بدليل أن الشعب يمقت الاحتلال ويكرهه سواء أكان في العراق، في لبنان، في فلسطين أو في الصحراء الغربية التي تعتبر، حسب اللوائح الأممية ولوائح الهيئات القارية والدولية: "قضية تصفية استعمار" لا أكثر. وإن سأل المنظمات غير الحكومية في فرنسا، الحليف الأول للنظام المغربي، سيجد تطابقا في المواقف بين شعبي الضفتين في تأييدهما للشعب الصحراوي المطالب بعدالة قضيته في تقرير مصيره.
واندهش روس من الموقف المشترك لمنتخبي الشعب وقال، حسب مصادرنا، إنه جاء لقطع الشك باليقين ثم أيقن أن الشعب ومن خلال منتخبيه جد متعاطف مع الصحراويين ويؤيد مبدأ دعم الشعوب في تقرير مصيرها، دون التدخل في شؤونها الداخلية إذا ما اختارت من يحكمها مثلما حدث في أحداث ليبيا ويحدث الآن مع أزمة مالي.
وتقاطعت مواقف الكتل البرلمانية في كون القضية المدرجة أمميا هي محل تفاوض بين الطرفين المتنازعين، ولا تعني الجزائر سوى من مبدأ الجوار واستقرار المنطقة فضلا عن كونها قضية بين الجارتين المملكة المغربية وشعب يرى أنه خرج من نير الاستعمار الإسباني إلى احتلال بالتقادم لشعب يريد الاستقلال وتقرير مصيره بيده.
وطالب متحدث حضر اللقاء، رفض ذكر اسمه، ممثل بان-كمون في الملف الصحراوي بسؤال المغاربة: "أين كان المغرب المستقل من احتلال الصحراء الغربية التي لم يرفع لواء مغربيتها إلا بعد جلاء الجنود الإسبان"؟
وفي سياق ذي صلة حمل النواب روس رسالة للطرف المغربي مفادها: "أين محل المغرب من إعراب رقعتي سبتة ومليلة المغربيتان؟"، اللتان لازالتا محتلتان حاليا من طرف المملكة الاسبانية. ولماذا لا يطالب بها المغرب ويلوم الصحراويين على مطالبتهم بتقرير مصيرهم؟
وارتاح مبعوث الأمم المتحدة بدرجة الوعي بمستقبل المنطقة التي التمسها لدى ممثلي الشعب حين سمع منهم أن "العلاقة بين الشعبين والبلدين ماشية إلى التحسن أكثر في ضوء التبادل التجاري والسياحي على الحدود وظل التقارب السياسي بين الجارتين وذلك على أعلى المستويات". وفهم أن ما يعيبه الجزائريون، شعبا ومجتمعا مدنيا، هو الحملات الإعلامية المغرضة الموجهة لضرب سمعة ومصالح الجزائر، إضافة لحملات تهريب المخدرات عبر الحدود الغربية للبلاد فضلا عن الاتهامات المجانية بالاعتداءات الإرهابية وسط المغرب.
وهي كلها أفعال وأقوال تقف حجر عثرة في طريق تطبيع العلاقات الثنائية التي يتوق إليها الشعبان في الجزائر والمغرب. وتشوش من جانب آخر على جهود تحقيق التقارب المنشود من أجل التعايش السلمي وحسن الجوار. وهي نفس المعوقات التي تعطل، في رأي السلطة، الإرادة المتبادلة لإعادة فتح الحدود التي أغلقها المغرب بقرار أحادي قبل عشر سنوات.
كريستوفر روس لم يخف في اللقاء الذي دام أكثر من ساعتين مع البرلمانيين تفاؤله من خلال وضوح الرؤية بأن شعوب المنطقة تتطلع لنجاح المفاوضات بين المغرب وجبهة البوليزاريو لتحقيق السلم الشامل والاستقرار والنماء المستدام المشترك. كما أعرب عن رضاه بتوافق الرؤى في الجزائر حول الاندماج المغاربي لبناء صرح قوي اقتصاديا ومتماسك اجتماعيا. وقال ضيف البرلمان الجزائري أنه بات لزاما عليه إعادة ترتيب أوراقه قبل رفع تقريره للأمين العام للأمم المتحدة بعد عودته للمغرب وعرض ما سمعه في الجزائر من ممثلي الشعب والمجتمع المدني، كما طلبوا منه إبلاغ ما سمعه من طرف الرئيس عبد العزيز بوتفليقة الذي خصه باستقبال في ختام زيارته التي دامت يومين.
طارق مروان