دولي

نشيد موطني يتصدى للكورونا في فضاء المخيمات

نظم أهالي مخيمات عايدة والدهيشة وبيت جبرين في محافظة بيت لحم فعالية مسائية بإطلاق نشيد موطني في فضاء المخيمات من خلال سماعات ضخمة نصبت فوق أسطح المنازل صدحت بالنشيد في ظل اجتياح فيروس كورونا العالم كوسيلة إنسانية ثقافية وطنية لمقاومة هذا الوباء. النشيد كان تحية عطاء وتضامن من الشعب الفلسطيني وقيادته وحكومته الى الأطباء والممرضين والأجهزة الأمنية وجهاز الشرطة والأمن الوطني ولجان الطوارئ والإغاثة والمتطوعين الذين يسهرون على إجراءات السلامة ليل ونهار، وتحية للمرضى والمصابين والتمني لهم الشفاء. نشيد موطني يصدح في هذه المحنة في فضاء المخيمات، لكل شهيد وفقير ومشرد ومريض ومبعد وجريح، للمنكوبين والمعذبين والمنتظرين في السجون الصهيونية سنوات وسنوات. صوت النشيد يحرك علم فلسطين الذي يرفرف فوق أسطح بيوت المخيمات، يضيء الليل بألونه الأربعة، هذا المقعد مبتور القدمين ينهض دون عكازات، وذلك الجريح يعطي دمه النازف لجريح اخر كي  تتوحد النبضات، الليل يرقص، موسيقى ونوافذ السماء مفتوحة، رصيف تضيئه آلاف الشموع والأمنيات.

موطني... موطني

الجلال والجمال والسناء والبهاء

في رباك..في رباك

والحياة والنجاة والهناء والرجاء

في هواك.. في هواك

صوت النشيد يعلن عن حملة ( مزيونة بخير ) والحاجة مزيونة هي ام الأسير ناصر ابو سرور أقدم الاسرى في محافظة بيت لحم والذي يقضي 29 عاما داخل سجون الاحتلال، رسالة الى المحشورين خلف الأبواب والقضبان، نحن بخير، نحن معكم، ونشيدنا يطالب العالم بكافة مؤسساته الحقوقية والإنسانية ان يتدخل حتى لا يفترس الفيروس أسرانا البواسل، هناك استهتار ورائحة جريمة، الاسرى في هذه الظروف من أكثر الفئات في العالم بحاجة الى حماية دولية. الفلسطينيون يقاومون بكل الوسائل، يجترحون الإبداعات والمعجزات في الدفاع عن ذاتهم وهويتهم وبقاءهم، يقفون بشجاعة في وجه كل التحديات السياسية والطبيعية، قاوموا بالأغنيات وبالرسومات وبالزجليات، قاوموا بالكلمة والبندقية والمواويل الشعبية. نشيد موطني يتحرر من الجغرافيا الضيقة، يعلو فوق جدار الفصل العنصري والأبراج المسلحة والمستوطنات، يحرر الذات الفلسطينية من الأقفاص ويحطم سياج دولة الاحتلال العنصرية، نشيد موطني يحمي التاريخ من النسيان، الماضي والحاضر وغدا والان، هي قوة الذاكرة.

هل أراك... هل أراك

سالما منعما وغانما مكرما

هل أراك... في علاك

تبلغ السماك.. تبلغ السماك

موطني...موطني

نشيد موطني يتصدى للكورونا في فضاء المخيمات، لا يخاف الطائرات الحربية في سماء فلسطين المحتلة، ان لم يكن عندنا الدواء فلنا أجنحة نطير بها بأرواحنا العالية، المخيمات تطير، البيوت والذكريات والمفاتيح العتيقة، ندور حول كوكبنا وشمسنا وقدسنا وحق تقرير المصير. الشاعر إبراهيم طوقان الذي كتب نشيد موطني أعلن قيام دولة فلسطين قبل نشأة وقيام ما يسمى ( دولة إسرائيل)، وقبل ان يأتي العابرون المسلحون الى فلسطين، لم يجدوا ارض ميعادهم الموهومة، وجدوا شعبا يربي النحل في ضلوع الأرض على طريق الغيم، حينها أدرك الغزاة انه ليس في كتب السماء شيء خارج حدود فلسطين العربية الكنعانية، جبل الكرمل ينزل الى البحر وفي يده موجة الحرية. ان كان المحتلون الإسرائيليون قد سيطروا عسكريا واستيطانيا على الأرض والسكان، وظنو ان كل شيء صار طوع بندقيتهم وسلبطتهم البربرية، وان كان وباء الكورونا أعلن حربه البيولوجية على الناس وحشرهم في الخوف والريبة ، فانهما لم يستطيعا إطفاء الشحنات الانسانية المتأججة في القلب والعظم واللحم والوجدان، المشاعر دائما هي التعبير عن وجود الإنسان، المشاعر هي من تطلق العنان وتكسر الجدران. نشيد موطني يتصدى للكورونا في فضاء المخيمات، شعب واحد يرضع الأفق، ليس لنا بلسم أخر، نحن شعب كما الريح نملك الفضاء كله، هذه الأرض رغم اغتصابها المتكرر منذ بدء التكوين ظلت طاهرة ولا تزال عذراء، انظروا واسمعوا دمنا يسيل من عنق الرواية، انها ثقافة النكافة، ثقافة  الرصيف، ثقافة المخيم، المخيم بطل ملحمي في الأسطورة و الواقع، نخرج من منع التجوال والخوف، نمد أيادينا نضعها في يد السماء ونطلق اغنية.

الشباب لن يكل همه ان تستقل او يبيد

نستقي من الردى ولن نكون للعدى

كالعبيد..كالعبيد

لا نريد... لا نريد.. ذلنا المؤبدا

وعيشنا المنكدا بل نعيد

مجدنا التليد

موطني.

العالم يتعلم من الفلسطينيين وأطفالها ومن بأس الروح العنيدة في المخيمات، تعلم كيف تهدم الأسلاك الشائكة، تعلم كيف يصير الحجر قوة كبرى يواجه الدبابات، تعلم العصيان المدني وتمزيق الهويات الصهيونية، العالم تعلم ان حياة الفلسطيني بحر واسع من الموجات والانتفاضات. نشيد موطني يتصدى للكورونا في فضاء المخيمات، يصل الى غزة ، الولد الفلسطيني يواجه القنابل الإسرائيلية يرفع علم فلسطين على السياج، ينسف الدبابة بشمعة، نشيد موطني يصل الى القدس، المقدسيون يقاومون المستوطنين الغلاة بالصلاة، الفجر المبين، الفجر العظيم، في سلوان، في جبل المكبر، في العيسوية وشعفاط، هواء المآذن يحركه صنوبر الكنائس في باب الرحمة. رئيس الوزراء د. محمد شتية قال: العالم يحارب الكورونا بالتجربة والخطأ، ولكن نحن الفلسطينيين لا نحتمل الخطأ، لهذا كنا كالجيش الواحد المتأهب الذي قرر الانتصار اولاً والانتصار أخيرا، وبما نملك من وسائل متواضعة، وقد اندهش العالم عندما رأى الفلسطينيين يقاومون الفيروس بالنشيد والوعي وحبة الليمون والنكتة الساخرة. دهشة العالم تتكرر، لم يستوعب ان يواجه الشعب الفلسطيني مايسمى(دولة إسرائيل) النووية بالحجر والنكافة، الطفل فارس عودة يلاحق المجنزرة ، الاسرى في سجن النقب يزرعون رمل الصحراء بالنعنع والإرادة. دهشة العالم لم تستوعب حتى الآن تهريب النطف المنوية من خلف قضبان سجون الاحتلال، خلق حياة من وراء العدم، أطفال ولدوا من الظلام، وكانت انتفاضة الولادة. دهشة العالم لم تستوعب كيف يتزوج الشهيد الشهيدة، يتزوج الأسير الأسيرة، زفاف مختلف يجمع في زمن المؤبدات والكورونا بين الدنيا والآخرة، وكانت انتفاضة الحياة ذات السيادة. نشيد موطني يتصدى للكورونا في فضاء المخيمات، هي مدينة الميلاد، كأن بيت لحم وجدت لتقاتل دائماً كل مفاجآت الموت الغادر، دائما تبحث عن الوقت المقدس، لكنها لا تغيب ابداً عن موعد الصلاة. نشيد موطني يتصدى للكورونا في فضاء المخيمات، النشيد كائن حي، اسمعوا حركات دمه السرية، اسمعوا الى ضربات قلبه، رئتاه تتنفس حسب طقوس رياح البحر الأبيض المتوسط وليس حسب طقوس الصواريخ الإسرائيلية.

موطني

الحسام واليراع

لا الكلام والنزاع رمزنا

مجدنا وعهدنا

وواجب الى الوفا

يهزنا...عزنا

غاية تشرف...وراية ترفرف

يا هناك في علاك

قاهراً عداك

من نفس القسم دولي