الثقافي

سوق الكتاب في الجزائر.. ناشرون على حافّة الإفلاس

أصدرت المنظمة الوطنية لناشري الكتاب ما يشبه نداء استغاثة

غالبًا ما تركّز الساحة الثقافية والإعلامية، على أزمة المقروئية وكساد سوق الكتب في الجزائر، لكن نادرًا ما يتمّ الالتفات إلى العوامل التي ساهمت وتركت آثارًا سلبية على فعل القراءة، وأهمّها أزمة نشر الكتاب الورقي، وبالتحديد سياسة سعر الكتاب، نشره، طبعه، وأساليب تسويقه وترويجه.

ويحتاج الكتاب الورقي من حيث قيمته الرمزية والمعرفية، إلى مسارٍ يحمل الجانب الصناعي والتجاري والترويج الإعلامي والثقافي، لكي يصل إلى المستهلك المتعطّش للمعرفة.

في هذا الشأن، أصدرت المنظمة الوطنية لناشري الكتاب، نداء استغاثة وجّهته إلى كلّ الهيئات والمسؤولين عن قطاع الثقافة، والسياسة الثقافية والكتاب في الجزائر.

وأشار البيان، إلى أنّ وضع النشر في الجزائر، بات مقلقًا بعد إفلاس دور نشر عريقة، وانصراف مطابع الكتب إلى نشاطات مطبعية بعيدة عن الكتاب، وأضاف البيان، أنّ عزوف المؤسّسات التربوية عن اقتناء الكتاب، ترك أثرًا سلبيًا على الوضع المالي لناشري الكتاب والمؤسّسات المطبعية، زيادة على ذلك، فإنّ غلق المكتبات، وتراجع مساحات وفضاءات القراءة هي عوامل ساهمت كثيرًا في تراجع قطاع نشر الكتاب.

من جهتها، دعت الجمعية في ندائها السلطات المعنية من وزارات ودوائر ذات العلاقة بالكتاب، إلى فتح الحوار وإيجاد مقترحات جدّية قصد تجاوز الأزمة.

في هذا الإطار، أوضح رئيس المنظمة الوطنية لناشري الكتب، مصطفى قلاب، أن وضعية الناشرين مأساوية جدًا، وأكد المتحدث نقلا عن “الترا جزائر” أن وزارة الثقافة لم تبد أيّ اهتمام بسياسة الكتاب، حيث ذكر أن الوزارة أعدت برنامجا خاصًا للمسرح والسينما دون الإشارة إلى دور الكتاب الذي يعد المحور الأساسي للفعل المسرحي أو الثقافي.

وأضاف قلاب، أن الوضعية جد حرجة بعد غلق المكتبات، وعدم اقتناء المؤسّسات الحكومية من مدارس وجامعات للكتاب، وهذا منذ 2016، حيث إنّ الصفقات العمومية في مجال الكتاب مجمّدة منذ أربع سنوات تقريبًا، وهي الوضعية التي أثرت على نشاط ناشري الكتب.

وفي السياق ذاته، طالب صاحب دار الهدى، بتفعيل صندوق دعم الإبداع، مشيرًا إلى أنه منذ 2016، لم يقدّم هذا الصندوق أي دعمٍ مادي ولو لكتاب واحد، متسائلًا عن مصير أموال هذا الصندوق، داعيًا إلى تشجيع حركية الإبداع التي تنعكس إيجابيًا على حركة النشر.

ودعا المتحدّث إلى تفعيل صندوق دعم الكتاب، صندوق الإتاوات على الطابعات، وتشجيع دور النشر المحليّة خلال المعرض الدولي للكتاب، إضافة إلى تفعيل قانون الكتاب، مشيرًا إلى عدم صدور أيّ نصوص تنظيمية في مجال قانون الكتاب، وختم قلاب تصريحه، بالإشارة إلى ضرورة فتح مجال طباعة الكتاب المدرسي لقطاع الخواص، الذي يقدر بـ 45 مليون كتاب سنويًا، وهي الخطوة التي ستسمح على الأقل بإنقاذ المئات من المؤسّسات والمحافظة على اليد العاملة.

وفي سياق متصل، أوضح مندوب مبيعات دار الكتاب، إزدي توفيق، أن الحديث عن تسويق الكتاب مرتبط بوجود فضاءات عرض للكتاب، وشدّد على أن حلقة الربط بين عالم تصنيع الكتاب والنشر هي المكتبة، لأنّها تعد الشريان الذي يمرّ عبره الكتاب إلى القارئ حسبه.

وأشار المتحدّث إلى أنّه على مستوى ربوع الوطن، لا تتوفّر مكتبات بالمواصفات العالمية، مضيفًا أن العاصمة الجزائرية، لا تملك مكتبة نموذجية قادرة على تسويق وعرض الكتاب بشكلِ لائق.

وقال المتحدّث، إنّ طباعة الكتاب ونشره شهدا فترة ذهبية عندما أقبلت الدولة على اقتناء الكتاب عبر مختلف الفعاليات الثقافية، لكن بعد تراجع مداخيل الدولة من العملة الصعبة، أصبح هناك عزوف من المؤسّسات التربوية والجامعية والمكتبات العمومية من طلب على الكتاب، وهو العامل الذي انعكس على مردودية النشاط المطبعي والكتابي.

وأشار إزدي توفيق، إلى عامل انخفاض القدرة الشرائية للمواطن وتراجع مجال الاهتمام بالكتاب، إضافة إلى ارتفاع تكلفة الكتاب بعد زيادة أسعار الورق وانخفاض قيمة الدينار، وذكر مندوب المبيعات أن التسويق يشكّل أحد أبرز مشاكل القطاع، إذ لا يمكن الانتقال من الشمال إلى الجنوب أو إلى مدن داخلية لا تتوفر أصلًا على مكتبات أو مكتبة واحدة على الأقل، واعتبر المتحدّث أن تكلفة النقل عبءٌ إضافي على مؤسّسات النشر.

من نفس القسم الثقافي