دولي
"الزحف نحو جبل النَجَمة".. أسلوب فلسطيني جديد لمقاومة الاستيطان
أقام الاحتلال 13 بؤرة استيطانية جديدة في الضفة خلال العام الماضي
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 03 مارس 2020
يواصل الفلسطينيون بذل كافة جهودهم ومحاولاتهم وبوسائل مختلفة للتصدي لتغول الاحتلال الإسرائيلي في تنفيذ سياساته الاستيطانية عبر السطو على المزيد من أراضيهم، كان آخرها ما قام به الأهالي بالزحف نحو جبل النجمة، جنوب نابلس، شمالي الضفة الغربية.
وكان جبل النَجَمة أرضا يزرعها المسن إسماعيل عودة (69 عاما)، وأهل بلدته قصرة، جنوب نابلس، حتى ثمانينيات القرن الماضي، كما روى لـ"العربي الجديد"، وهو يقف على آثار تجريف آليات المستوطنين للأراضي، مؤخرا مؤكدا أنه يملك عشرة دونمات في المكان لكن "الشارع الالتفافي" الذي أتم الاحتلال شقه عام 1980، قسم أرضه إلى قسمين، كما فصل جبل النَجَمة عن بلدتي قصرة وجوريش القريبة.
عودة، الذي كان يزرع أرضه بالقمح والشعير قبل أن تتزايد مضايقات الاحتلال، أضاف قائلا: "لا نستطيع الوصول إلى الأرض بسهولة، وفي حال قدمنا للاستصلاح تتم مصادرة الآليات الزراعية، وزراعتها بشكل تقليدي يدوي صعبة".
خرج عودة، مع العشرات من أهالي بلدته والبلدات المجاورة في ما سموه "الزحف إلى جبل النَجَمة"، إلى المكان ذاته الذي جرفته آليات المستوطنين، وأقاموا هناك صلاة الظهر جماعة ليثبتوا، كما وصفوا، "سيادتهم" على أرضهم، ثم كبروا تكبيرات العيد، قبل أن يصعد هو وعدد من المتظاهرين إلى أعلى كتلة ترابية كبيرة أحدثها التجريف، وهتفوا هناك ضد الاستيطان، مؤكدين على أحقيتهم في الأرض التي يمتلكونها. وشدد عودة في حديثه مع "العربي الجديد"، على أنه يملك أوراق "إخراج قيد" تثبت ملكيته للأرض، كما هو حال الأهالي ملاك الأراضي في الجبل، وتواصلت احتجاجات أهالي جنوب نابلس منذ الأحد الماضي، حيث هب عدد منهم إلى المكان في ظل التجريف، أما أمس فأطلق جيش الاحتلال القنابل الصوتية باتجاههم، بمجرد محاولة أحد المتظاهرين وضع علم فلسطين على جيب عسكري إسرائيلي بخطوة رمزية، ودفع الجنود عددا من المتظاهرين، فيما لاحقوا آخرين على امتداد الأراضي.
من جهته، توقع رئيس بلدية قصرة محمد خريوِش، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن التجريف يهدف لإقامة منشأة صناعية أو مشروع زراعي استيطاني، مضيفا أن الاحتلال يدعي أن الأرض مصنفة كـ"أراضي دولة"، رغم أن الأهالي يملكون أوراقا ثبوتية على امتلاكهم لها عبارة عن "إخراج قيد"، وفيما أشار إلى أن الأراضي المهددة بالتجريف والمصادرة تقارب 70 دونما، أوضح أن أي بؤرة استيطانية مهما كانت طبيعتها في المكان ستؤدي، برأيه، إلى حرمان الأهالي من الوصول إلى الأراضي القريبة على مساحة واسعة، كما هو حال أي مستوطنة أو بؤرة استيطانية في الضفة الغربية.
وأوضح خريوش أن الأهالي سيضطرون للحصول على أذونات أو تصاريح من الاحتلال للوصول إلى أراضيهم قرب البؤرة الاستيطانية في حال إقامتها، ويخرج أهالي جنوب نابلس لمنع إقامة أي نشاط استيطاني جديد في المكان بما يحمله ذلك من خطورة على باقي الأراضي، أما توقعهم بشأن المشروع الاستيطاني المخطط له المتمثل في بؤرة زراعية، فيؤكده مدير الدائرة القانونية لهيئة مقاومة الجدار والاستيطان عايد مرار، لـ"العربي الجديد"، وكان يحمل خريطة للمكان يشرح عن طريقها للأهالي طبيعة مصادرة الاحتلال للأرض.
فالأرض، كما يقول مرار، ضمن قرابة مليون دونم أعلنها الاحتلال في بداية ثمانينيات القرن الماضي "أراضي دولة"، وشملت قمم الجبال غير المسجلة أو غير المفلوحة (غير المستعملة للزراعة)، وحول امتلاك الأهالي لـ"إخراج القيد"، أوضح مرار أن "الاحتلال يعتبر إخراج القيد عبارة عن سند تصرف بالأرض وليس ملكية لها، والاحتلال استخدم قانون الأراضي العثماني للسيطرة على الأراضي تلك، رغم أن القانون يسمح باستعادة الأراضي في حال زراعتها، لكن الاحتلال يستغل القانون وأي قوانين أخرى للسيطرة على الأراضي".
وتابع مرار قائلا إن "المستوطنين يحاولون نشر بؤر استيطانية زراعية من أجل السيطرة على المجال الحيوي للأراضي الفلسطينية المحيطة بتلك البؤر، ويختار المستوطنون أراض مصادرة أصلا، ليمنعوا المواطنين من الاقتراب من أراضيهم غير المصادرة حول تلك البؤر، للتأثير على المجال الحيوي الزراعي أو الرعوي أو حتى المتنفس للتنزه".
وكانت هيئة مقاومة الجدار والاستيطان قد كشفت في تقريرها السنوي للعام 2019، عن إقامة الاحتلال الإسرائيلي لـ13 بؤرة استيطانية جديدة في الضفة خلال العام الماضي، "ليزداد عدد البؤر الاستيطانية، خلال ثلاثة أعوام، إلى 32 بؤرة، تعبر عن سياسة جديدة بتعبئة الفراغات بين المستوطنات الكبرى بمجموعة من البؤر على رؤوس الجبال"، بحسب تأكيد رئيس هيئة مقاومة الجدار والاستيطان الفلسطينية وليد عساف، خلال مؤتمر صحافي عقد في 5 يناير/ كانون الثاني الماضي للإعلان عن التقرير السنوي.